الاتحاد الأوروبي يتبنى معاهدة الانضباط المالي وينقسم حول اليونان
٣١ يناير ٢٠١٢رأى خبراء اقتصاد بارزون أن هناك فُرَصاً جيدة لتجاوز أزمة الديون في منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) وعودة النمو الاقتصادي في أوروبا لمستويات مستقرة. وجاء ذلك بعد تبنى القادة الأوروبيون مساء أمس الاثنين معاهدة جديدة لتعزيز الانضباط المالي ودعوا إلى إنجاز اتفاق لإنقاذ اليونان من الإفلاس خلال الأيام المقبلة، أملاً بالبدء بطي صفحة أزمة الديون.
وتأتي معاهدة الانضباط المالي تجاوباً مع رغبة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي طرحتها شرطاً للتضامن المالي لبلادها مع الدول التي تواجه صعوبات في منطقة اليورو. لكن القمة الأوروبية في بروكسل تخللها جدل حول اقتراح ألماني يهدف إلى وضع اليونان تحت إشراف أوروبي مالي مُشدَّد، الأمر الذي رفضته دول عدة بينها فرنسا.
خمسة وعشرون دولة وافقت على معاهدة الانضباط المالي
وفي النهاية، وافقت 25 دولة من 27 داخل الاتحاد الأوروبي على معاهدة جديدة للانضباط المالي، وستوقع المعاهدة خلال القمة الأوروبية المقبلة في آذار/مارس بعد أن تصادق عليها هذه الدول. ورفضت جمهورية تشيكيا وبريطانيا المعاهدة متحدثة عن مشاكل "دستورية" تنبع خصوصا من خشيتها أن تضطر للدعوة إلى استفتاء. ووافقت الدول الأخرى على إدراج "قاعدة ذهبية" ضمن قوانينها: بالتزام موازنات متوازنة والتعرض لعقوبات شبه فورية في حال تفاقم العجز العام، وذلك بناء على رغبة ألمانيا، في مقابل إبداء ألمانيا تضامنها المالي.
تسوية مشاركة كل دول الاتحاد في قمم اليورو
والاتفاق على المعاهدة رأى النور نتيجة تسوية بين بولندا من جهة وفرنسا من جهة أخرى حول طبيعة المشاركة في قمم منطقة اليورو. وهذه القضية الرمزية، ولكن الحساسة سياسيا، شكلت موضع خلاف منذ أسابيع عدة. إذ شددت وارسو، بدعم من دول عدة في شرق أوروبا، على وجوب أن تتمكن الدول التي لا تستخدم العملة الموحدة من المشاركة في قمم منطقة اليورو، في حين رفضت باريس أن يصبح هذا الأمر منهجيا. وقد تم التوصل الى صيغة تسوية في هذا الصدد. ويأمل عدد من الدول الأوروبية في أن تشجع هذه المعاهدة البنك المركزي الأوروبي على القيام بمزيد من الخطوات مستقبلاً لمساعدة منطقة اليورو في مواجهة أزمة الديون.
ألمانيا تختلف مع فرنسا بشأن اليونان
وبحث القادة الأوروبيون الوضع في اليونان بعدما اقترحت برلين وضع أثينا تحت إشراف مفوض أوروبي يستطيع تعطيل قرارات الحكومة اليونانية المتصلة بالموازنة. لكن فرنسا رفضت هذه الفكرة جذريا، واعتبر الرئيس نيكولا ساركوزي أن هذا الأمر "لن يكون منطقيا ولا ديموقراطيا ولا فاعلا". ورد رئيس الوزراء اليوناني السابق جورج باباندريو على الاقتراح الألماني: "إما أن نتقدم على طريق الديموقراطية حيث كل بلد مسؤول عن سياسته، وإما أن نقوض الديموقراطية في أوروبا برمتها".
وقد حاولت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل تهدئة الخواطر، معتبرة أن قضية تشديد الرقابة على قرارات الحكومة اليونانية "تطرَح" لأن الإصلاحات الموعودة من قِبَلِها لم تنفَذ بكاملها. وأضافت أن "النقاش ينبغي أن يُرَكَّز على كيفية قيام أوروبا بالمساعدة لتنفيذ المهمات المطلوبة في اليونان".
خطة لإنقاذ اليونان ودعوة إلى اتفاق شامل
وعلى أثينا أن تنهي مفاوضاتها مع دائنيها من القطاع الخاص لتقليص دينها بمعدل مئة مليار يورو، الأمر الذي لا بد منه لتلقي المساعدة الأوروبية لإنقاذ اليونان بقيمة 130 مليار يورو، والتي كان وَعَد بها الأوروبيون في أكتوبر/تشرين الأول الفائت. وتبدو هذه المساعدة حيوية بالنسبة الى اليونان التي عليها ان تسدد 14 ملياراً ونصف المليار يورو من القروض في 20 مارس/آذار المقبل.
ودعا الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق شامل قبل نهاية الأسبوع الجاري، يشمل المصارف وبرنامج القروض الجديد. وفي السياق نفسه، بحث رؤساء الدول والحكومات الاوروبية أيضا في وسائل انعاش النمو والوظائف عبر تحسين استخدام الصناديق الأوروبية، على أن توفِد المفوضية الأوروبية بعثات في هذا الصدد إلى الدول الثمان الأكثر تضررا.
(ع.م/ أ ف ب ، د ب أ)
مراجعة: يوسف بوفيجلين