الاتحاد الأوروبي يعتزم العمل بنظام البطاقة الزرقاء لجذب الكفاءات الأجنبية
١٤ سبتمبر ٢٠٠٧أعلن المفوض الأوروبي للشؤون القضائية فرانكو فراتيني أمس الخميس(13 سبتمبر/ايلول) عن عزم المفوضية الأوروبية طرح مبادرة لانتهاج سياسة هجرة أوروبية جديدة تهدف إلى جذب المزيد من العمالة الماهرة والمؤهلة من خارج القارة الأوروبية لمواجهة العجز في العمالة المحلية، لاسيما في ظل تنامي شيخوخة المجتمعات الأوروبية. وتتضمن هذه المبادرة، التي سيعلن عنها رسميا في أكتوبر/ تشرين الأول القادم، منح المهاجرين إلى دول الاتحاد في المستقبل البطاقة الزرقاء أو "البلوكارد" وذلك على غرار البطاقة الخضراء "جرين كارد" التي تمنح للمهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
"المبادرة ايجابية لكن.."
وفي مقابلة مع موقع دويتشه فيله اعتبرت ايدا كورلا الخبيرة بالمركز الأوربي لدراسات الهجرة والاندماج بجامعة بامبيرج الألمانية، المبادرة الجديدة "ايجابية" من حيث المبدأ، وذلك لسببين: الأول إنها تركز على استقدام الكفاءات المؤهلة تأهيلا عاليا بالدرجة الأولى والتي يتطلبها سوق العمل في دول الاتحاد الأوروبي، والسبب الثاني ـ وهو الأهم في نظرها ـ هو أن المبادرة تقوم على مبدأ الربط بين الهجرة والاندماج، بحيث لا يظل المهاجرون مجرد "ضيوف" كما كان الحال عليه في السابق، وبالتالي يبقون على هامش المجتمع أو يشكلون مجتمع منغلق على نفسه داخل المجتمع.
وحول تقيمها لخطط منح المهاجرين للبطاقة الزرقاء "بلو كارد"، تتفق كورلا مع الرأي القائل بأن منح فترة إقامة اكبر للمهاجرين سوف يكون لصالح الاندماج، بدلا من الاكتفاء بمنحهم سنتين أو ثلاث سنوات كما هو مقترح في مبادرة الاتحاد الاوروبي، مشيرة إلى أن قصر فترة الإقامة المسموح بها سوف تقف عائقا أمام شعور المهاجرين بالاستقرار في بلد المهجر، ومن ثم سيفضلون الذهاب إلى بلدان أخرى تمنح حق الإقامة الدائمة أو على الأقل الإقامة لفترات أطول، بحسب الخبيرة الألمانية.
عائق البيروقراطية الأوروبية
وتؤكد كورلا، وهي باحثة في شؤون الهجرة والاندماج، بأن مقترح المفوضية الأوروبية يهدف إلى وضع خطوط عريضة لسياسة للهجرة إلى دول الاتحاد، مشيرة إلى انه من الصعب انتهاج سياسة أوروبية موحدة للهجرة تسري على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد، بل سيترك الأمر لكل دولة على حدة. وهنا يكمن الفرق ـ في نظرها ـ بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من حيث قدرة الأخيرة على جذب الكفاءات بكل سهولة ويسر، لكونها دولة واحدة ويوجد فيها نظام هجرة موحد ومرن، فيما يوحد داخل الاتحاد الأوروبي 27 دولة لكل منها نظامها وأولوياتها، ناهيك عن البيروقراطية المعقدة داخل كل دولة من هذه الدول.
في ألمانيا: نقد للمبادرة من قبل الساسة...
وفي الوقت الذي قوبلت به مبادرة المفوض الأوروبي هذه بنقد حاد من قبل بعض الساسة الألمان، رحبت الأوساط الاقتصادية الألمانية بها. في هذا السياق قال وزير الاقتصاد ميشائيل جلوز الألماني في مقابلة مع موقع شبيجل، إن ألمانيا لا يمكنها استقدام عددا كبيرا من العمال الأجانب بحجة الحاجة إليهم في الوقت الحالي. من جانبه قال المسؤول عن الشؤون السياسية الداخلية في الحزب المسيحي الديمقراطي راينهارد جرينديل إن موضوع تغطية العجز في سوق العمل الوطني يجب أن يظل شأنا داخليا خاص بكل دولة أوروبية تقرره حكومتها الوطنية. من جانبه ذكًر المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ديتر فيفيلسبوتز بملايين العاطلين عن العمل في بلاده، مشيرا إلى أن لهؤلاء الأولوية في سوق العمل الألماني.
......وترحيب من جانب قطاع الاقتصاد
على العكس من ذلك رحبت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية على لسان رئيس مجلس إدارتها مارتين فانسليبن بطرح الإتحاد الاوروبي موضوع تسهيل هجرة العمالة الأجنبية للنقاش، حتى وإن كان هذا الأمر في نهاية المطاف سيبقى من شأن كل دولة عضو على حدة. الجدير بالذكر أن دراسة قام بها مؤخرا المعهد الألماني للدراسات الاقتصادية بتكليف من وزير الاقتصاد، كانت قد قدرت حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الألماني بسبب ندرة الكفاءات المتخصصة خلال هذا العام 2007 بأكثر من 20 مليار يورو.