الانتخابات الألمانية: الائتلاف الكبير أقرب البدائل إلى أرض الواقع
"الائتلاف الكبير بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي يتمتع بحظوظ كبيرة تفوق حظوظ باقي البدائل الممكنة". هكذا تحدثت مرشحة الحزب المسيحي الديموقراطي لمنصب المستشارية انغيلا ميركل للصحفيين بعد الجولة الجديدة من مباحثات "جس المواقف" بين حزبها والحزب الاشتراكي الديموقراطي. وتبدو هذه الفرضية -ائتلاف الأحمر(لون الاشتراكيين) والأسود(لون المحافظين)- هي الحل العملي الوحيد للخروج من أزمة تشكيل الحكومة التي فرضتها نتائج الانتخابات الألمانية الأخيرة، حيث لم ينجح التحالف الحاكم في تحقيق أغلبية برلمانية كافة للحكم، كما فشل تحالف المعارضة (الاتحاد المسيحي وحزب الليبراليين الديموقراطي) في تحقيق أغلبية تسمح له بإحداث التغيير الذي ينادي به.
من جهته أوضح المستشار شرودر بعد اللقاء الذي دام ساعتين ونصف الساعة أن الطرفين "يبحثان مسألة ما إذا كانت هناك فرص حقيقية للبدء في مفاوضات تكوين الائتلاف. وفي مثل هذه المرحلة، من الخطأ سياسيا طرح شروط سياسية شخصية". كما شدد رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي فرانتس مونتفيرنغ في مؤتمر صحافي في ختام لقاء "جس المواقف" على أن "لا وجود لشريك رئيسي وشريك ثانوي"، وفي ذلك إشارة إلى النسبة الضئيلة التي يتفوق بها الاتحاد المسيحي على الحزب الاشتراكي الديموقراطي (0,9 بالمائة). وعبر مونتيفيرينغ عن الاولويتين اللتين يجب أن يشكلا أساس التآلف وهما بنظر الحزب الاشتراكي الديموقراطي "العدالة الاجتماعية والتجديد".
حرب الإشاعات
الجولة الجديدة لم تتناول القضية الحساسة التي تقف حتى الآن عائقا أمام إنجاح التآلف وهي قضية منصب المستشار، فكلا الحزبين لا يزالان متمسكان بأحقيتهما في قيادة الإتلاف وبالتالي في تبوء منصب المستشار الجديد للبلاد. الحزب المسيحي الديموقراطي يستند على فوزه بأغلبية طفيفة في الانتخابات، والحزب الاشتراكي يستند على نفس النتيجة ويعتبر فشل الحزب المسيحي في الحصول على نصر واضح هو تخويل من الناخبين للمستشار الحالي شرودر لإكمال سياسته الإصلاحية.
وفي انتظار ما ستفسر عنه جولة الانتخابات في مدينة دريسدن، والتي تأجل فيها التصويت إلى 2 أكتوبر/تشرين أول بسبب وفاة أحد المرشحين، امتلأت سماء العاصمة الألمانية برلين بالعديد من الإشاعات والتكهنات. فقد صرح ميشائيل جلوتس السياسي في الاتحاد المسيحي بأنه يتوقع أن يعلن المستشار شرودر استقالته من منصبه يوم الاثنين القادم (3 أكتوبر/تشرين أول) بعد ظهور نتائج جولة دريسدن. أما جريدة البوليفار بي تست B.Z البرلينية فتنبأت بأن يكون يوم الاثنين القادم آخر أيام عمل المستشار، وعلقت ساخرة: "إن يوم عيد الوحدة الألمانية يناسب تماما انسحاب المستشار من الحياة السياسية وإفساحه الطريق لتكوين الائتلاف الموسع." المتحدث الرسمي باسم الحكومة وصف هذه الشائعات بأنها "هراء". وعلق مونتفيرنغ عليها قائلاً: "إنها عارية من الصحة"، مشددا على موقف حزبه الرافض لدخول تحالف مع الاتحاد المسيحي تحت رئاسة ميركل كمستشارة.
اقتراحات مبتكرة
وفي مواجهة الموقف المتحجر لكلا الطرفين طفت على سطح النقاش السياسي بعض الحلول غير المعتادة على الحياة النيابية الألمانية. فظهرت فكرة تقاسم منصب المستشارية بين المرشحين، بحيث يشغل كل منهما المنصب لمدة سنتين متتاليتين. وهو ما أطلق عليه النموذج الإسرائيلي، في إشارة إلى تناوب شمعون بيريس ويتسحاق شامير على منصب رئاسة الوزراء في الثمانينات. غير أن هذا الاقتراح لم يحظَ بقبول واسع في الأوساط السياسية باعتباره يعرقل عمل الحكومة. كذلك تم تداول فكرة طرح مرشح ثالث للخروج من مأزق الثنائية. وتواردت أنباء عن أسماء بعض المرشحين، غير أنها بقيت غير مؤكدة.
من ناحية أخرى يمارس أعضاء الحزبين الكبيرين (المسيحي الديموقراطي والاشتراكي الديموقراطي) ضغوطاً متبادلة للوصول إلى تقارب بينهما، حيث لا توجد حلول أخرى عملية لتكوين الحكومة الجديدة، خاصة بعد رفض حزب الخضر وحزب الليبراليين تغيير تحالفاتهما الإستراتيجية. وفي هذا الإطار صرح وزير الاقتصاد الحالي فولفغانغ كليمينت بأنه يتوقع أن تتضح معالم مشروع الائتلاف خلال الأسبوع القادم، وأوضح أن الخلاف حول منصب المستشارية يمكن أن يتم يحله إذا نجح الحزبان في بناء الثقة اللازمة لتكوين الائتلاف. من ناحيته انتقد فولكر رويهه وزير الدفاع السابق وعضو الحزب المسيحي الديموقراطي موقف ميركل المتصلب، ودعاها إلى بذل الجهد للحصول على موافقة الاشتراكيين الديموقراطيين بدلا من مواجهتهم بحجج رسمية، خاصة وأن نتائج الحزبين كانت متقاربة في الانتخابات الأخيرة. واختتم تصريحه بالقول: "الائتلاف الكبير لا يمكن تشكيله بأمر من المفتي!!".
دويتشه فيله