الانتخابات الإسرائيلية: اليمين المتطرف.. صنّاع الملوك؟
٨ أبريل ٢٠١٩إنها أمسية دافئة توحي بالربيع في حي الميناء في تل أبيب. ومجموعة من الشباب المساندين لموشي فايغلين، زعيم الحزب اليميني القومي جاؤوا للمشاركة في تجمع الحملة الانتخابية. وفي زاوية من القاعة تجلس مجموعة من الأشخاص فوق العشب ويدخنون سيجارة من القنب. وفي الجانب تصلي مجموعة من الرجال. ويهتف زعيم الحزب أمام الجمهور المعجب بأن :"الوقت حان لتحرير النظام السياسي من ركود السبعين عاما الأخيرة". ويقول بأن "اليمين واليسار يريدان دولة تتدخل وتريد تقسيم البلاد إلى جزئين". أما حزب فايغلين فيريد فقط "دولة واحدة": دولة إسرائيل تضم أيضا الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حزب الهوية بزعامة موشي فايغلين هو واحد من الأحزاب اليمينية الصغيرة التي تكافح في انتخابات التاسع من أبريل/نيسان من أجل أصوات الناخبين. وسبق أن كان فايغلين نائبا برلمانيا: فحتى 2015 كان يجلس في الكنيست لحساب حزب الليكود بزعامة بنيامين نتانياهو، وهو معروف لدى غالبية الإسرائيليين بأنه قومي يميني.
وأثار حزب الهوية الفتي في الأسابيع الماضية عناوين الصحافة، لاسيما بمطالبته إضفاء الشرعية على استهلاك القنب. وفي وسائل الإعلام الإسرائيلية يتم الاستخفاف بحزب الهوية. وحتى خبراء الرأي منحوا للوهلة الأولى قليلا من الاهتمام للحزب إلى أن زاد التأييد في الاستطلاعات وتم التنبؤ بالحصول على ستة مقاعد. "حزب الهوية ابتكار غريب يجمع بين أفكار يمينية متطرفة حول الحرم القدسي الشريف وإسرائيل الكبرى وشرعنة استهلاك القنب. إنها محاولة جذابة لعرض شيء مختلف"، كما يقول غيديون رحات من "معهد الديمقراطية إسرائيل". ولذلك فإن الحزب يجتذب على ما يبدو ناخبين خارج المعسكر اليميني التقليدي. "أستهلك القنب وأحاول إقناع آخرين بالفوائد. وبالتالي فإن شرعنة القنب أهم شيء بالنسبة إلي، إنها خلاص هذه الأمة"، يقول بن شروت، مساند شاب للحزب.
ثقل في كفة الميزان؟
"حزب الهوية ظاهرة ملفتة، لكنها ليست غريبة. فخلال كل انتخابات تقريبا وُجد حزب جديد يجتذب الناس، وهي انتخابات احتجاجية"، يقول تامر شيفر، أستاذ للاتصالات السياسية بالجامعة العبرية. أما مؤيدة حزب الهوية، سارة جوي، فتقول بأنها لا تشعر بأنها ناخبة محتجة، بل تعتبر الحزب بديلا، لاسيما في القضايا الاجتماعية والسياسية.
وفي الوثيقة التي تشمل أكثر من 300 صفحة يتعلق الأمر بإصلاحات واسعة في نظام التعليم والصحة أو مثلا فيما يخص الزواج المدني بعيدا عن الحاخامات. كما أن حزب الهوية يريد السيادة اليهودية الوحيدة على الحرم القدسي الشريف مع حائط المبكى والمسجد الأقصى. وحتى اتفاقية أوسلو للسلام مع الفلسطينيين يريد حزب الهوية إلغاءها وضم الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل. ويمكن "إدماج" السكان العرب أو تقديم حوافز لهم لمغادرة البلاد. والمؤيدة جوي تقول بأن فايغلين رجل واقعي.
استمرار التحول اليميني
ويمكن أن يصير حزب الهوية مصمما للتحالف المستقبلي، أي صانعا للملوك في حال حصوله على عدد المقاعد المتنبئ بها داخل الكنيست. وإلى حد الآن لم يحدد فايغلين موقفه والقول ما إذا كان سينضم إلى حزب الليكود بزعامة نتانياهو أم الالتحاق بحزب اليمين الوسط بزعامة بني غانتس.
ونظرا للنظام الحزبي الاسرائيلي، فإن الأحزاب الكبرى تبقى رهينة بالأحزاب المتحالفة الصغيرة. ويتعلق الأمر في الانتخابات أيضا بقضية ما إذا كانت إسرائيل ستحكمها حكومة يسار وسط أو مجددا من قبل تحالف قومي ديني يميني. "الشيء البسيط الذي يمكن قوله اليوم حول السياسة الإسرائيلية هو أن المعسكر اليميني اليوم يطغى على المعسكر اليساري. وكان الأمر قبل عشرين عاما مختلفا حين كانت إسرائيل تتجه نحو اليسار"، يقول خبير الشؤون السياسية شيفر.
وحكومة التحالف الأخيرة كانت تُصنف كحكومة من أقصى اليمين خلال السنوات الأخيرة في إسرائيل. وحتى في انتخابات الثلاثاء تتقدم الكثير من الأحزاب اليمينية الصغيرة، وهي تشمل الحزب القومي الديني "بيتنا اليهودي" الذي فقد عضوين بارزين هما وزير التعليم نفتالي بنيت ووزيرة العدل أجليت شاكيد. وكلاهما يريدان بحزبهما الجديد "اليمين الجديد" ولوج الكنيست. وقد تدخل مجموعة هامشية متطرفة أكثر الكنيست. فلتقوية جناحه اليميني ضغط نتانياهو على ثلاثة أحزاب يمينية متطرفة صغيرة لتشكيل تحالف انتخابي، لأنها بدون هذا التحالف لن تتجاوز ربما عتبة 3.25 في المائة لولوج البرلمان الإسرائيلي.
ومن بين هذه الأحزاب "القوة اليهودية" المثيرة للجدل التي تتبع التعليمات المتطرفة للحاخام مائير كهاني الذي اغتيل في التسعينات في الولايات المتحدة الأمريكية. وحزب كهاني كان معروفا بالتحريض العنيف وبفكرة إسرائيل الكبرى. وفي الولايات المتحدة تم تصنيف الحزب كمجموعة إرهابية وتم حظرها لاحقا في إسرائيل. وفي أذار/مارس أبعدت المحكمة العليا في إسرائيل زعيم حزب "القوة اليهودية"، ميشاييل بن آري عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية ـ بسبب تصريحات معادية للعرب.
تانيا كريمر/ م.أ.م