جدل في الشارع الدمشقي حول الانتخابات الرئاسية
٣١ مايو ٢٠١٤على الرغم من المآسي والآلام التي يعيشها السوريين يوميا على وقع الحرب الطاحنة الذي يخوضها النظام والمعارضة المسلحة، يجد السوريون أنفسهم للمرة الأولى مطالبين بالاختيار بين ثلاثة مرشحين للكرسي الرئاسي في سوريا. الانتخابات الرئاسية أو "انتخابات الدم"، كما يحلو لبعض المعارضين تسميتها أثارت جدلا سياسيا واجتماعيا كبيرا. لكن الطرفان يجمعان، المؤيد للانتخابات والمعارض لها، على أنها أضافت عبئا جديدا على كاهل الجسد السوري المنهك أساسا من ويلات الحرب.
أحمد (25 عاما) المتخرج من كلية الحقوق، يجد أن الوقت غير ملائم لإجراء هذه الانتخابات حاليا في سوريا والسبب في ذلك على حد تعبيره: "كمواطن سوري أصبح الهم الأكبر الذي أواجهه حاليا هو الهروب من شبح الموت الذي يلاحقني يوميا من جراء الحرب التي نعيشها ولا مجال لهذا البذخ السياسي الذي سيزيد الطين بلة ولن يقدم أي حل للأزمة السورية". أما حسن الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية، فيختلف مع وجهة نظر أحمد ويرى أن "الخطوة الأولى نحو خروج سورية من أزمتها هو إجراء هذه الانتخابات وتحقيق الديمقراطية التي يسعى لها كافة السوريين سواء من الموالين للرئيس بشار الأسد أو من معارضيه".
استفتاء بنكهة ديمقراطية
على الرغم من اختلاف طبيعة التصويت وتحوله من الاستفتاء على رجل واحد إلى الانتخاب من بين ثلاثة مرشحين إلا أن من يتجول في شوارع دمشق يجد أن المشهد لا يختلف كثيرا عن المرات السابقة. فمن بين عشرات الصوّر، سواء الشخصية للرئيس بشار الأسد ولافتات حملته الانتخابية "سوا" تتخلل على استحياء صور أخرى للمرشحين الرئاسيين الأخريين ضمانا لتكافؤ الفرص بين المرشحين الأمر الذي يرى فيه البعض، أن النتائج باتت معروفة ومرتبة مسبقا. ويطعن هؤلاء بنزاهة هذه الانتخابات قبل إجرائها، طارق وهو طالب كلية الاقتصاد، يصف هذه الانتخابات "بالمهزلة الانتخابية".
عبر طارق لـ DW عربية عن رأيه بالمرشح حسان النوري قائلا "لا أجده أهلا لحمل راية الرئاسة في سوريا. فعلاوة على تقدمه بالعمر وسوريا تحتاج دماء شابة تبعث فيها الحياة التي تفتقدها حاليا، أرى أن برنامجه الانتخابي هزيل جدا وعلى الرغم من تركيزه على الجانب الاقتصادي إلا أنه لا يلبي طموحات السوريين الذين يعيشون على حافة الانهيار الاقتصادي وأغلبهم تحت خط الفقر".
أما سهى 30 عاما فقد أقنعها المرشح ماهر حجار أكثر من المرشح الآخر، إذ قالت "تابعت تقريبا كل المقابلات التي تحدث فيها المرشح الحجار واستوقفتني أجوبته القوية والجريئة أثناء مقابلته التي بثت عبر التلفزيون الحكومي بالإضافة إلى اقترابه من هموم الشعب السوري وخاصة بدعوته إلى إعادة الطبقة الوسطى التي اختفت مؤخرا ". في المقابل لا يجد حسن في كلا المرشحين مقومات الرئيس السوري القادم الذي يمكن أن يكون بديلا عن الرئيس الأسد، حسب كلامه.
المشاركة الانتخابية بين الخوف والتخوين
تضاربت الآراء حول فكرة المشاركة بهذه الانتخابات الرئاسية فما بين خائف من عدم المشاركة إلى مشكك بجدوى المشاركة أصلا من عدمها يقف المواطن السوري حائرا مترددا. ويرى أحمد أن ورقته الانتخابية لن تقدم أو تؤخر في النتيجة المحسومة مسبقا ويضيف لـ DW عربية "على كل الأحوال سيربح بشار الأسد ولكني مضطر للنزول للانتخاب خشية المساءلة الأمنية التي من الممكن أن تترتب على عدم الانتخاب".
أما الناشط رياض 28 عاما فيجد "أن كل من ينزل للانتخاب خائن للثورة والشهداء، وأن مقاطعة هذه الانتخابات من كافة السوريين هو واجب حتمي لتعزيز موقف المعارضة بنظر المجتمع الدولي والنظام". ويضيف أن "نزول الناس بداعي الخوف سيؤدي إلى فوز بشار الأسد بإرادة الناس لا عن طريق أفرع المخابرات".