اللاجئون.. فرحة بفوز ميركل وتخوف من "البديل"
٢٥ سبتمبر ٢٠١٧عبّر اللاجئون في ألمانيا عن فرحهم بفوز المستشارة الألمانية ميركل بولاية رابعة، لكنهم أبدوا في الوقت نفسه تخوفهم من صعود حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، ودخوله للبرلمان، مما "قد يؤدي إلى تشديد قوانين اللجوء".
وغزت عبارة "مبروك ماما ميركل" وسائل التواصل الاجتماعي في إشارة إلى فوز المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وحزبها في الانتخابات البرلمانية في ألمانيا، ما يعني أنها ستحتفظ بكرسي المستشارية للسنوات الأربع القادمة للمرة الرابعة على التوالي منذ عام 2005.
فاللاجئ العراقي شيرزاد جلال بارك فوز ميركل بالانتخابات وربط ذلك الفوز بـ"الأمان". وكتب على الفيسبوك: "ماما ميركل تعني الحب والسلام، ميركل تعني الحرية والأمان".
كما أبدى اللاجئ السوري عمران درويش امتنانه وشكره لـ"ماما ميركل" التي ساعدت اللاجئين. وكتب على الفيسبوك: "الشعب الألماني شعب نبيل. نحن كسوريين نشكر الحكومة والشعب الألماني الذي ساعدنا كلاجئين ونفضلهم على إخواننا العرب الذين أوصدوا الأبواب ومنعونا من دخول أراضيهم". وأضاف: "نحن كلاجئين نشكر ماما ميركل ونبارك لها نجاحها ونرجو للشعب الألماني التقدم والرفاه".
"فرحة سابقة لأوانها"
ويرى الصحفي السوري سليمان العبدالله، والذي وصل لاجئاً لألمانيا منذ عدة سنوات، أن فرحة اللاجئين ببقاء ميركل لدورة رابعة سابقة لأوانها، معتبراً أن سياستها تجاه اللاجئين تغيرت إلى حد بعيد، وأضاف لـDW عربية: "طبعاً من الجيد بقاء شخصية معتدلة نسبياً بالنسبة للاجئين، إلاّ أنه على المرء الانتظار ورؤية ما ستنتهجه خلال الدورة التشريعية الجديدة، إذ يمكن لذات الشخص أن ينتهج سياسات مختلفة". وعلى الرغم من أن التحالف المسيحي (الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي) الذي تقوده ميركل فاز بأغلب المقاعد في البرلمان إلا أنها كانت أسوأ نتيجة يحققها منذ عام 1949 إذ تحول الناخبون للتصويت لأحزاب أصغر.
أما اللاجئ السوري نبيل زين الدين (32 عاما) والذي يعيش في برلين، فيعتبر أن سبب تراجع شعبية ميركل هم اللاجئون، وأضاف: "نفهم تماما قلق الألمان. كل ما بوسعنا فعله لطمأنتهم هو أن نكون مواطنين ملتزمين بالقانون. لكننا قلقون أيضا. كيف ستكون سياسة اللجوء للحكومة الجديدة؟"
من جهته، يؤكد الخبير الاجتماعي والمحلل السياسي رالف غضبان لـDW عربية أن التفاؤل الكبير بفوز ميركل من قبل اللاجئين مبالغ فيه، مشيراً إلى أن موضوع اللجوء هو السبب في تراجع شعبية المستشارة، مضيفاً أن الخطأ الذي ارتكبته الأحزاب الألمانية وفي بدايتها حزب ميركل أنها لم تعالج موضوع اللاجئين قبل الانتخابات، وقال: "قد يتم تغيير ميركل في المؤتمر القادم للحزب المسيحي الديمقراطي في عام 2018، نتيجة عدم الرضى عن سياساتها تجاه اللاجئين".
وجاء ما خسره المحافظون من تأييد في صالح حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة الذي تمكن من دخول البرلمان للمرة الأولى كثالث أكبر حزب في المجلس معتمدا على الغضب من قرار ميركل استقبال أكثر من 1.3 مليون لاجئ.
"البديل سيشكل ضغطاً أكبر"
وعن تأثيرصعود حزب البديل على سياسة اللجوء في ألمانيا اعتبر رالف غضبان أن تخوف اللاجئين منه طبيعي، لأنه سيشكل ضغطاً أكبر من أجل تحديد حد أعلى للاجئين الذين تستقبلهم ألمانيا سنوياً، الموضوع الذي لا تقبله ميركل ويصر عليه حليفها البافاري، المقبل على الانتخابات المحلية في السنة القادمة في ولاية بافاريا. لكن غضبان نفى في الوقت نفسه أن يكون صعود البديل هو وراء تغيير سياسة اللجوء تماماً، وأضاف: "سياسة الأبواب المفتوحة للاجئين والتي انتهجتها ميركل في عام 2015 انتهت منذ أكثر من سنة، لأن غالبية الألمان لم يكونوا راضين عنها".
ويبدي الصحفي سليمان عبدالله خيبة أمله من نتائج الانتخابات بسبب صعود حزب البديل ويؤكد أن مخاوف اللاجئين منه في محلها، ويضيف: "هذا الحزب يتبنى لغة وأفكارا عنصرية معادية للأجانب، وتذكر بالعهد النازي، ويريد جعل تلك اللغة أمراً مباحاً وطبيعياً، ويعيد كتابة التاريخ، كما ذهب إليه أحد قادته ألكسندر غاولاند، وقال إنه يجب الافتخار بما قدمه الجنود الألمان في الحربين العالميتين الأولى والثانية".
واعتبر البعض على وسائل التواصل الاجتماعي أن دخول حزب البديل للبوندستاغ يشكل "انتكاسة" للسياسة الألمانية، و"تحدياً" للديمقراطية الألمانية، مثل عبدالكريم أهروبا الذي كتب في تغريدة على التويتر: "صعود حزب البديل انتكاسة للسياسة والمجتمع وتحد كبير لمبادئ وقيم الديمقراطية في ألمانيا".
الخوف من المجتمع وليس من السياسة
وخلال الحملة الانتخابية ناشد حزب البديل من أجل ألمانيا الناخبين ممن يشعرون بأن تدفق المهاجرين وأغلبهم من المسلمين سيقوض الثقافة الألمانية للتصويت له وشدد على أن العادات الإسلامية لامكان لها في ألمانيا.
وعن تأثير صعود حزب البديل على المجتمع في ألمانيا كتبت دينا عبدالحسن على الفيسبوك: "في نتيجة الانتخابات الألمانية، لست خائفة من قانون يقول لنا احزموا أمتعتكم للعودة، بل الخوف من شيء أعمق وأبشع. أخاف أن يكون جاري أو بائع الخبز أو معلمتي في المدرسة أو موظف دائرة الأجانب من الذين انتخبوا هذا الحزب... هذا هو الخوف الحقيقي".
في المقابل يرى اللاجئ محمد اسطنبولي أنه وبالرغم من صعود حزب البديل، فإن الحكومة الألمانية ستكون حكومة فعالة وقوية، كما يدعو إلى تشديد قوانين اللجوء. وكتب على الفيسبوك: "النتائج جيدة. ستكون حكومة قوية وجدية وفعالة وحتى مع وجود حزب البديل. الأفضل أن يكون هناك تشديد في قوانين اللجوء".
"لن يسوء وضع اللاجئين أكثر"
لكن الطالب السوري صخر المحمد، والذي قدم إلى ألمانيا قبل سنتين، استبعد أن يكون لنتائج الانتخابات تأثير سلبي على اللاجئين، وقال لـDWعربية: "أعتقد أنه مع وجود حزب الاشتراكيين المرحب باللاجئين على رأس المعارضة بدلاًمن حزب البديل، فإن ذلك سيصعب على الحكومة القادمة اتخاذ اجراءات صارمة ضد اللاجئين"، وأضاف: "لا بل على العكس ستحاول الحكومة إيصال رسالة بأنها ستساعد اللاجئين على الاندماج بالمجتمع أكثر ودخول سوق العمل".
كما يؤكد طالب الماجستير المقيم في مدينة كولونيا أن الناخبين الذين صوتوا لحزب البديل سيندمون وأضاف :"سيكتشف ناخب حزب البديل بأنه لم يستفد إلا بجلب أصوات عنصرية ببغائية غبية لتجد لها منصات سياسية وإعلامية ، ليس لديها برنامج واقعي قابل للتطبيق".
ودعا المحامي السوري جلال أمين المقيم في برلين اللاجئين أن يكونوا فعالين تجاه تخوفهم من حزب البديل وكتب على صفحته على الفيسبوك: "إذا كان عندك خوف من اليمين المتطرف فلا داعي للنحيب والعويل، فأنت معك ست سنوات إذا كنت اليوم واصلاً لألمانيا وبعدها تحصل على الجنسية الألمانية، ويمكنك وقتها أن تصوت ضد هذا الحزب ليكون صوتك مؤثراً"، داعياً اللاجئين أن يبذلوا جهداً في تعلم اللغة وإيجاد عمل لتحقيق هذا الهدف، وأضاف: "فليكن هدفنا أن نكون جزءاً من هذه الدولة ولنكن مؤثرين فيها ناخبين ومنتخبين".
محي الدين حسين