الاندماج أفضل سلاح لمكافحة التطرف والإرهاب
٧ يوليو ٢٠٠٧أحيت العاصمة البريطانية لندن اليوم الذكرى الثانية للهجمات الإرهابية التي طالت بعضا من قطاراتها ووسائل نقلها العامة في عام 2005. وقد أودت هذه الهجمات بحياة 56 شخصاً بينهم أربعة انتحاريين. ويأتي إحياء الذكرى في وقت لا تزال فيه بريطانيا تعيش حالة تأهب أمني كبير إثر محاولات الاعتداء التي استهدفت مؤخراً لندن ومطار غلاسكو.
وبذلك تتأكد أكثر حقيقة تعرض بريطانيا منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول لاعتداءات إرهابية أكثر من البلدان الأوروبية الأخرى والولايات المتحدة. فمنذ ذلك الحين نجح المتطرفون على سبيل المثال في تنفيذ أربع هجمات على الأراضي البريطانية مقابل واحدة في الولايات المتحدة.
"الإرهاب يعود إلى فشل الاندماج"
رغم اختلاف الآراء في الوقوف على خلفيات الإرهاب، فإن نسبة عالية من المحليين تعيد أسبابه إلى فشل الدول الأوروبية في تحقيق الاندماج الاجتماعي لمواطنيها من المسلمين. "ليس هناك مجموعات إرهابية يتم تصديرها من منطقة الشرق الأوسط"، يقول البروفسور هانس غيسمان من جامعة هامبورغ ويضيف: "حوادث لندن وغلاسكو ومدريد نفذها إرهابيون ترعرعوا في أوروبا"، ويضرب غيسمان مثالا على ذلك في بريطانيا التي فشلت في دمج غالبية المسلمين الذين يعيشون فيها.
ويحمل هازهير تايموريان الخبير الأمني في مجموعة لايمهاوز اللندنية سياسة الهجرة الليبرالية في بريطانيا مسؤولية ذلك: "هذه السياسة التي اتبعتها الحكومة العمالية السابقة بزعامة توني بلير أعطت للإسلاميين من كل أنحاء العالم حرية فتح دكاكين في إنجلترا"، ويضيف تايموريان: "أما النتيجة فكانت تشكيل المزيد من الأحياء المنغلقة/ الغيتوهات التي سمحت بنشوء جماعات متطرفة". وفي هذا السياق يوافق غيسمان على أن الفهم الخاطئ للتسامح في أوروبا سمح بنشوء مجتمعات موازية ومنعزلة لا تتحدث اللغة الوطنية للبلدان التي تعيش فيها.
"الاندماج في ألمانيا لا يحدث بشكل تلقائي"
وبالنسبة إلى ألمانيا يرى البروفسور غيسمان بأن المرء لاحظ بأن الاندماج لا يحدث بشكل تلقائي: "صدام الحضارات يحدث داخل مجتمعاتنا المهددة بالانقسام، حيث لم ننجح في التوصل إلى هوية جماعية في إطار دولة تعيش فيها أعراق متعددة". ويعيش في ألمانيا جاليات إسلامية عديدة معظم أفرادها من أصول تركية. ويتركز سكن هؤلاء في مناطق معينة، مما لا يفسح المجال لهم للاختلاط بالألمان والتعرف على ثقافتهم وطريقة عيشهم. يضاف إلى ذلك أن معظمهم من أصول قروية لا تتمتع بمستوى عال من التعليم والتأهيل. وهو الأمر الذي يجعلهم أكثر حذرا تجاه الانخراط في المجتمع الألماني.
لا يوجد أحياء إسلامية في الولايات المتحدة
على العكس من أوروبا فإن حياة الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة مختلفة. "الولايات المتحدة أقل تسامحاً إزاء اندماج المهاجرين المسلمين، إذ تشترط عليهم أن يصبحوا أمريكان بالضرورة"، وفقاً لرأي تيموريان. أما النتيجة فهي عدم تشكل أحياء إسلامية في المدن الأمريكية على غرار الأحياء الصينية والإيطالية وفقاً للبروفسور غيسمان. وهنا لا بد من التذكير بأن الهجرة الإسلامية الحديثة العهد إلى الولايات المتحدة مقارنة بهجرات الأوروبيين والصينيين تلعب دوراً على هذا الصعيد.
كما أن نسبة المسلمين في الولايات المتحدة أقل من 1 بالمائة في الولايات المتحدة مقارنة مع أكثر من 3 بالمائة في بريطانيا. يضاف إلى ذلك أن المسلمين الأمريكان أكثر غنى وتعليماً من أقرانهم في أوروبا، الأمر الذي يساعد أكثر على اندماجهم في مجتمعهم الجديد.