"البوندسليغا"... دوري جذاب لايخلو من تحديات!
٤ فبراير ٢٠٢٠ليلة الجمعة الماضية وفي حي "إيرنفيلد" في مدينة كولونيا الألمانية، اجتمع مجموعة من عشاق كرة القدم الإنجليزية، من أجل الاستمتاع بحفل موسيقي قبل عطلة نهاية الأسبوع في الدوري الألماني لكرة القدم.
وفي يوم السبت، سيتوجهون إلى مدينة دورتموند للانضمام إلى المئات من المشجعين البريطانيين الآخرين، والذين يحضرون كل مباراة يخوضها "الفريق الأصفر" على ملعبه. ثم ستعود هذه الجماهير مرة ثانية إلى مدينة كولونيا، لحضور مباراة فريق المدنية أمام فرايبورغ.
ولا شك أن هذه الجماهير الإنجليزية لن تشعر بخيبة أمل، لأن مباريات "البوندسليغا" تتوفر على كل العناصر، التي تمكنها من جذب الجماهير الأجنبية نهاية كل أسبوع: تذاكر بأسعار معقولة، مدرجات ممتلئة وأجواء صاخبة.
ثقافة الجماهير
في دورتموند بدا أسطورة الفريق السابق نيفين سوبوتيتش على وشك البكاء، وهو يقف أمام الجماهير التي رددت اسمه، بالرغم من أنه يرتدي قميص الفريق الخصم يونيون برلين. أما في العاصمة برلين، فقد كانت هناك مشاهد مماثلة مساء يوم الجمعة الماضي، حيث تنقلت جماهير شالكه بكثرة إلى برلين من أجل تشجيع فريقها أمام هيرتا برلين (انتهت بالتعادل 0-0).
وفي ألمانيا هناك أيضاً قاعدة "1+50"، والتي تمنع المستثمرين الكبار من الاستحواذ على الأندية إلاّ بتحقيق شروط جد معقدة، حيث تعد هذه القاعدة جزءاً من تقاليد الكرة الألمانية (يشار إلى النقاش حول تعديل هذه القاعدة فتح في أكثر من مرة، إلاّ أن الجماهير مازال ترفض تغييرها، فيما لما تمانع بعض الفرق في إجراء تعديلات عليها).
يذكر أن هذه القاعدة، تساهم في بقاء أسعار تذاكر المباريات منخفضة بالمقارنة مع دوريات آخرى، وهو ما يؤدي إلى حضور الجماهير بكثرة من أجل تجشيع فرقها.
صراع اللقب
والأكيد أن "البوندسليغا" من الدوريات التي تقدم كرة قدم جيدة، ففي هذا الموسم أثبت الدوري الألماني أنه يزخر بالعديد من المواهب الكروية الشابة والتي ينتظرها مستقبل واعد، بالإضافة إلى مدربين من الطراز الحديث.
فمثلاً يوم السبت الماضي، واصل نجم بوروسيا دورتموند إيرلينغ هالاند تسجيل الأرقام القياسية (أصبح أول لاعب في تاريخ البوندسليغا يسجل سبعة أهداف في أول ثلاثة مباريات). أما في مدينة لايبزيغ فقد تواجه مدرب لايبزيغ الشاب جوليان ناغلسمان ومدرب بوروسيا مونشنغلادباخ ماركو روزه (كانت مباراة القمة وانتهت بالتعادل 2-2).
ورغم المجهودات الكبيرة التي بذلها الدوري الإلماني، إلاّ أنه كان يعاب عليه دائماً سيطرة الفريق الواحد (بايرن ميونيخ). لكن، يختلف الوضع في هذا الموسم، إذ أن السباق على اللقب قريب مما يحدث في بعض الدوريات الأوروبية.
وتفصل نقاط قليلة فقط فرق المقدمة عن بعضها البعض، وهو ما يرفع من حدة المنافسة بشكل كبير. فقبل أعياد الميلاد، تعادل بوروسيا دورتموند مع لايبزيغ 3-3 في واحدة من أحسن المباريات هذا الموسم. أما بوروسيا مونشنغلادباخ فقد عاد من بعيد وقلب تخلفه أمام بايرن ميونيخ إلى انتصار ثمين بـ2-1.
مفترق طرق؟
وفي مباراتهم الأخيرة أمام لايبزيغ، رفعت جماهير بوروسيا مونشنغلادباخ (فاز بالدوري الألماني خمس مرات) لافتة عريضة كتب عليها "النادي التقليدي منذ عام 1900"، وذلك في سخرية مُبطنة من الخصم لايبزيغ، الذي أسس سنة 2009 من طرف شركة "ريد بول" النمساوي للمشروبات الغازية.
ويتمسك لايبزيغ بقاعدة "1+50" فقط على الورق، كما أن المستوى الذي يقدمه هذا الفريق حالياً يطرح عدة تساؤلات مهمة عن جدوى هذه القاعدة، وكذلك المستقبل الذي يريده الدوري الألماني لكرة القدم.
أما سبب الإثارة حالياً في سباق الفوز بـ"البوندسليغا"، فإنه يعود جزئياً إلى البداية المتواضعة لبايرن ميونيخ تحت قيادة المدرب المُقال نيكو كوفاتش. لكن الفريق البافاري عاد الآن إلى سابق مستواه ويحتل الصدارة حاليا، بعد فوزه على فريق ماينز غير المحظوظ (يحتل حالياً المركز 15 في البوندسليغا).
أيضاً، أظهر فوز بوروسيا دورتموند على أوغسبورغ، كولونيا ويونيون برلين الهوة بين فرق الدوري الألماني. ويعد هذا من "أعراض" الاتجاه السائد حالياً في كرة القدم الأوروبية، حيث إن الفرق الغنية تواصل الابتعاد عن باقي الفرق المتواجدة معها في نفس الدوري.
ويدين الدوري الألماني بالفضل لقاعدة "1+50" وثقافة الأندية المتجذر في ألمانيا، مما يحافظ على جاذبية "البوندسليغا" ويحميها في نفس الآن. ولهذا السبب، كان هؤلاء المشجعون الإنجليز في ملعب دورتموند يوم السبت، وذهبوا لاحقاً يوم الأحد إلى مشاهدة مباراة كولونيا. أما في بريطانيا، فإنه كان سيتحتم على هذه الجماهير الإنجليزية اقتناء تذكرة مباراة مرتفعة الثمن من أجل متابعة فريقهم الذي يمتلكه أصحاب رؤوس الأموال من أمريكا أو الشرق الأوسط وغيرها.
مات فورد/ر.م