التزحلق على الجليد في ألمانيا .. تقليد عريق وحنين إلى الطفولة
٥ يناير ٢٠١٣الجليد هذا العام ليس مناسباً، فهو مغطى بطبقة رقيقة من الماء. لكن ذلك لا يقارن بالوضع قبل عدة أيام، كما يقول أوفه لوخ، من مؤسسة "تسولفرآين" والمسؤول عن توسيع النشاط السياحي في أكبر مناجم الفحم في العالم سابقاً بمدينة إيسن الألمانية. بين سنتي 1961 و1993 عمل المئات من العمال هنا في استخراج الفحم. لكن حالياً يتزحلق الزوار على الجليد في أحد أطول مسارات التزحلق المفتوحة في أوروبا.
ويضيف لوخ أن "طبقة المياه كانتتصل أحياناً إلى 20 سنتيمتراً، إلا أن الناس استمروا في القدوم إلى هنا". مسار التزحلق هذا في إيسن مفتوح كل شتاء منذ 12 عاماً، إلى جانب منجم الفحم "تسولفرآين"، الذي يعتبر أحد أشهر المعالم الصناعية في منطقة الرور، والمدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ سنة 2002. في السابق، كان الفحم المستخرج من هذا المنجم يعالج في المصنع المجاور ليصبح فحماً حجرياً، في ظل درجات حرارة تصل إلى ألف درجة مئوية. والآن يقف مكان هذا المصنع مسار للتزحلق على الجليد.
درجات حرارة مرتفعة
وكل ساعتين يتم تشغيل آلة لصنع الجليد وإعادة سطح الجليد إلى حالته الملساء، إذ تتسبب أحذية التزلج بشفراتها الحادة في تشقق سطح الجليد. ويضيف أوفه لوخ أن تحت طبقة الجليد تم تركيب خراطيم تبريد تعمل حتى 12 درجة مئوية. وفي فصل الشتاء الحالي، فإن درجات الحرارة تعدت هذا الحد، إلا أن مسار التزحلق بقي مفتوحاً للزوار.
أحد زوار مسار التزحلق غير الاعتيادي هو ميشائيل بانماير وعائلته، والذين قدموا من مدينة كوزفيلد، التي تبعد 70 كيلومتراً عن إيسن. ويعتبر بانماير أن التزحلق على الجليد "تشوبه نفحة رومانسية"، رغم أن مسار التزحلق اليوم خال تماماً.
ومثل مسار التزحلق قرب منجم الفحم في إيسن، تم بناء العديد من مسارات التزحلق المتنقلة في أماكن عدة حول ألمانيا، مثل ميدان بوتسدام في مدينة برلين، أو أحد متنزهات مدينة هامبورغ أو في قلب مدينة إيرلانغن التاريخي. هذه المسارات تعتبر فكرة جديدة لصناع الترفيه، مثل أوليفر جابو من "بلايا كولون"، والذي قام ببناء مسار للتزحلق على الجليد في مدينة كولونيا الألمانية.
حانة شاطئية صيفاً وتزحلق على الجليد شتاءً
يقول جابو: "كل من كان يتزحلق على الجليد في طفولته سيحب ذلك". وفي الصيف، تتحول "بلايا كولون" إلى ملعب لكرة الطائرة الشاطئية وحانة شاطئية، إلا أنها الآن مكان لممارسة التزحلق على الجليد. ويتابع أوليفر جابو القول إن "البحيرات لا تتجمد كما في الماضي، ولهذا فإن التزحلق على الجليد سيبقى أمراً مميزاً"، لاسيما أنه في كولونيا والمناطق الشمالية من ألمانيا لا يستمر الشتاء القارس فترة طويلة، بعكس المناطق الجنوبية من البلاد.
وبالعودة إلى إيسن، فقد انتهت آلة صنع الجليد من عملها وتم فتح المسار للمتزحلقين مرة أخرى، واصطف طابور طويل أمام زاوية استعارة أحذية التزحلق، التي تحتوي 400 زوجاً تم استعارة معظمها. ويجلب عدد قليل فقط من الزوار أحذيتهم الخاصة بهم إلى مسار التزحلق، ففي منطقة الرور الدافئة نسبياً لا تحين فرصة التزحلق على الجليد كثيراً، ولهذا لا يمتلك أغلب السكان أحذية خاصة بهم.
هايكه ومارتين فايفر يقفان أيضاً في الطابور، ولكن لإعادة الأحذية التي استعاروها، فيوم التزحلق بالنسبة لهما وصل إلى نهايته. ويقول مارتين والابتسامة تعلو شفتيه: "مع كل عام يمر أدرك أنني بدأت أفقد مهارتي في التزحلق على الجليد".