التطبيقات البرمجية: فرص جديدة في سوق العمل الألمانية
٣٠ أغسطس ٢٠١٣يمارس توماس أوسفالد عملا غير معتاد. فرجل الشرطة هذا يقوم بما يطلق عليه "أعمال خفيفة". وهو يوضح ذلك بالقول: "تتجلى فترة عملي اليومي في شكل جولات أقوم بها في مدينة ميونخ. ومهمتي تتمثل في التقاط صور فوتوغرافية لأماكن معينة أو في مراقبة ما إذا كان مطعم ما مجهزاً بشبكة ويفي للإنترنت، إلى غير ذلك". ويتقاضى توماس عن كل مهمة يقوم بها في هذا الإطار ما بين خمسة إلى عشرة يورو.
ولكي يعرفما يجب انجازه، فإن توماس يتصفح تطبيقات يطلق عليها تطبيقات ستريتسبورت App Streetsport، فهو يستخدم دراجته للتجوال في شوارع ميونخ.
تطبيقات ستريتسبورت
وتعرض تطبيقات ستريتسبورت معلومات لمستخدمي الهواتف الذكية، تشمل خرائط لتحديد الوجهة التي يمكن لأصحاب الأعمال الخفيفة نهجها أو التوجه إليها. وقد تتنوع المهام بين تصوير قائمة الطعام في مطعم ما أو التأكد من معرفة ما إذا كان ممكنا شراء مشروب معين في المطعم، كما تشمل مهامه الانتباه إلى تجهيزات المطاعم، ومدى توفرها مثلا على ممر لمستخدمي المقاعد المتحركة.
"بعدها نقوم ببيع البيانات إلى الشركة الطالبة" توضح دوروتيا أوتس التي أدخلت فكرة مشروع التطبيقات إلى سوق العمل الألمانية. وتضيف قائلة: "الزبناء هم عبارة عن شركات تصدر مثلا دليل السياحة أو دليل الهاتف وهذه بحاجة على سبيل المثال للعديد من البيانات بما في ذلك معلومات حول أوقات عمل المطاعم والمتاجر وغيرها. وبمساعدة تلك البيانات يتم تطوير خارطة رقمية تصنف المحلات وفق الخدمات التي تقدمها". وحيث إن الوصول إلى المعلومات يتطلب جهدا تنظيميا كبيرا وميزانية ضخمة، فقد كان من الصعب سابقا على الشركات القيام بتغطية جميع المجالات.
إقبال على عروض العمل
الأمر تغير مع تطبيقات ستيرتسبورت التي فتحت المجال لجمع المعلومات بشكل أسهل، على أساس أن يكون للمستفيد هاتف ذكي. ورغم أن الراتب الذي يحصل عليه جامع البيانات بسيط، إلا أن الطلب على مثل هذه الأعمال مرتفع. وقد بلغ عدد مستخدمي التطبيقات 210 ألف شخص. ولا يستغرب ماركوس بيكدال من جمعية "المجتمع الرقمي" لهذا الازدياد ملاحظا أن "الدوافع الخلفية للقيام بمثل هذه الأعمال كجمع بيانات حول سمعة مكان ما، قد تكون أكثر تحفيزا من الراتب نفسه".
ورغم ذلك، لا يخف بيكدال خشيته من أن تتحول هذه الأنواع من الأعمال إلى وسيلة لاستغلال العاملين. "إنه شكل جديد من الاستغلال، فمستخدمو الانترنت يمدون الشركات بالمعلومات اللازمة. وهذا يدخل في نطاق الخدمات. إلا أن الراتب الذي يتقاضاه العامل في هذا المجال لا يوازي الجهد الذي يقوم به ولا يعادل قيمة الوقت الذي يحتاجه العامل للقيام بتلك المهمة. كما إن العاملين في هذا القطاع لا يحصلون على حقوقهم كاملة أثناء مزاولة العمل، فهم غير ممثلين نقابيا. أي أن الأمر يتعلق هنا باستغلال رأسمالي صرف".
في المقابل، ترفض دوروتيا أوتس تلك الاتهامات بقوة، فالعمل ينفذ طواعية حسب رأيها. أي أن العامل غير مجبر على القيام بالمهمة المناطة إليه، وهو يقوم بذلك من تلقاء نفسه. إضافة إلى أن هذا العمل يعتمد على قانون الأعمال الحرة والذي يلزم صاحبه بإبلاغ السلطات بمستوى دخله وبدفع الضرائب المستحقة عليه لدى المؤسسات المعنية، "فهو عمل قانوني، ولا يتعلق الأمر أبدا بعملية استغلال"، حسب أولتس.
مجالات جديدة
يمكن القول إن هذا العمل قد يوفر في المستقبل القريب معلومات كثيرة ومباشرة ومستمرة على شبكة الانترنت، وحول جميع مرافق الحياة اليومية، سواء تعلق الأمر بالمصالح العمومية أو بالمطاعم. وقد يمكن للشخص مستقبلا البحث عن موقف لسيارته عبر استخدام هاتفه الذكي.
إلا أن هذا التطور يتسم أيضا بمخاطر عديدة. فلا يمكن إدراج كل معلومة في شبكة الإنترنيت. وهو ما تدركه أولتس جيدا، وتوضح قائلة "إن كل معلومة يجب فحصها بالتدقيق قبل وضعها في العالم الافتراضي".
أما بالنسبة لتوماس أوسفالد، الذي يعمل بالفعل في جمع البيانات، فالمهم بالنسبة له هو أن يقوم بإنهاء أربعين تطبيقا خلال فترة عمله اليومي. وهو يعتبر أيضا أن ذلك العمل يحقق له المتعة ويضيف "أقوم بجولات كثيرة وأشاهد أشياء مهمة. وبفضل هذا العمل تعرفت أيضا على معالم مهمة في المدينة لم أكن قد زرتها من قبل".
وحول ما إذا كان لديه شعور باستغلاله من طرف الشركات، يجيب أوسفالد أنه يقوم بذلك طواعية ولا أحد يجبره، بل إنه يعتبر عمله هذا مزيجا من "الرياضة والهواية وقضاء الوقت".