التعاون بين المسرح العام والخاص أحد التوجهات الجديدة في المسرح الألماني
٢٣ ديسمبر ٢٠٠٨بقليل من التعميم من الممكن القول إن المسارح في ألمانيا تنقسم إلى نوعين، المسارح العامة التي تتلقى دعماً حكومياً من أموال دافعي الضرائب، والفرق المسرحية الخاصة التي تعتمد على نفسها من الألف إلى الياء، وإذا صادفها حسن الحظ فقد تتلقى بعض الدعم الحكومي.
مسرح التراث ومسرح التجديد
وبالنسبة إلى النوع الأول فتغلب عليه صبغة الاهتمام بالتراث الثقافي الألماني، كإعادة عرض مسرحيات كتبها عظماء أمثال غوته وشيلر؛ أما الفرق الخاصة، والتي غالباً ما ينتمي أفرادها إلى فئة الشباب، فهي لا تكترث بالتراث الذي تعتبره متقادماً وتبحث عن التجديد. غير أن من اللافت للنظر هو ذاك التعاون الذي يجري حالياً بين المسرح الخاص والعام في ألمانيا. أكبر مثال واضح على هذا التعاون قدمته فرقة "ريميني بروتوكول" الخاصة التي قدمت مسرحيتها الناجحة "رأس المال"، فاستحقت عليها ثناء الجمهور.
مسرحية تخلو من الممثلين
فكرة المسرحية مقتبسة من كتاب "رأس المال" لكارل ماركس، الذي غاب عن الحضور الإعلامي في العقدين الأخيرين في ألمانيا. غير أن الفرقة أرادت أن تغير ذلك، فقررت أن التعريف بهذا الكتاب من خلال فكرة مبتكرة تقوم على عرض المسرحية ولكن دون ممثلين. لقد بحثت الفرقة عن أشخاص لهم علاقة بصلب موضوع المسرحية "رأس المال" كي يقفوا على خشبة مسرح دوسلدورف الحكومي.
من ضمن الممثلين على سبيل المثال ثمة عالم يخطط لإصدار طبعة جديدة من "رأس المال" تكون متطابقة تماماً مع ما كتبه كارل ماركس في عام 1867. وثمة تاجر ناجح أيضاً عقد صفقات مربحة للغاية مع الصين قادته ليصبح اليوم مليونيراً بعدما كان شيوعياً ماركسياً حتى النخاع.
كما عمدت الفرقة إلى اختيار ثمانية خبراء ووجهت لهم قائمة من الأسئلة، فجاء النص منسوجاً على نول إجابات تلك الأسئلة والذي يلقيه الخبراء أنفسهم، وليس الممثلين. وبذلك يكتشف المشاهد علاقة جديدة بين المسرح والواقع، إذ إن شخوص المسرحية يتمتعون بمصداقية أكبر مما لو وقف ممثل ونطق بالنص نفسه على خشبة المسرح.
مسرحية "مارا صاد" تواجه نقاشاً ساخناً
للفرقة نفسها، "ريميني بروتوكول"، مسرحية أخرى تقدم مثالا آخرا على التوجهات الجديدة في المسرح الألماني، وهي مسرحية "مارا صاد" لبيتر لبيتر فايس حيث يقوم هواة بتمثيل دور الكورال في المسرحية، وقد اختارتهم الفرقة من العاطلين عن العمل في مدينة هامبورغ.
قدمت المسرحية على خشبة المسرح الألماني الحكومي في هامبورغ، وقد أدت إلى نقاش ساخن بين مدير المسرح المرموق ووزيرة الثقافة في هامبورغ، التي اعترضت على قيام هذا الكورال بتلاوة قائمة بأسماء أغنياء هامبورغ. غير أن مدير المسرح تمسك بحرية الفن، وبأن العرض الحالي لم يغير شيئاً من جوهر مسرحية بيتر فايس التي تدور حول الثورة الفرنسية. ويرى المدير أن الثورة قد انتهت لأنها أخفقت في تحقيق هدفها، وهو المساواة، والوضع اليوم لا يختلف كثيراً عن أيام الثورة الفرنسية، كما يرى مدير مسرح هامبورغ. وفي النهاية رضخت الوزيرة لقرار المدير، واحترمت حرية الفن.
هذان المثالان يبينان التعاون الجدي بين الفرق الخاصة والقطاع المسرحي العام، وهو تعاون مثمر يستفيد منه الفن في المقام الأول، وبالتالي جمهور المسرح الألماني.