التغيير في سوريا يهدد "البعث" داخليا وحزب الله إقليميا
١٧ أبريل ٢٠١١تباينت ردود الفعل السورية على خطاب الرئيس بشار الأسد الذي ألقاه يوم أمس السبت( 16نيسان/ ابريل) والذي وعد فيه بإلغاء قانون الطوارئ في البلاد المعمول به منذ قرابة خمسة عقود وتجاهل مطالب المحتجين الأخرى والخاصة بتحجيم ممارسات الأجهزة الأمنية، تباينت بين رفض المعارضة لوعود الرئيس وترحيب الأوساط المقربة من النظام بها.
ويبدو أن خطاب الأسد قد صب الزيت على النار؛ فالاحتجاجات تجددت يوم الأحد (17 نيسان /أبريل) في مدن عديدة، فيما رفع المتظاهرون من سقف مطالبهم لتصل إلى حد المطالبة برحيل النظام برمته بعد أن كانوا حتى الأمس يطالبون بمزيد من الحريات العامة والقضاء على الفساد المالي والإداري في البلاد. ومن جهته أعلن الناشط الحقوقي والمعارض السوري هيثم المالح أن الإجراءات التي أعلن عنها الأسد في خطابه "غير كافية" مشيرا إلى ضرورة إلغاء المادة الثامنة في الدستور السوري التي تضمن لحزب البعث الحاكم حق احتكار السلطة. لكن الصحف الرسمية السورية رحبت بالخطاب واعتبرته بداية "لحزمة إصلاحات جدية".
حركة الاحتجاجات تجذب شرائح اجتماعية واسعة
ويؤكد الناشط السوري الدكتور كاميران حاج عبدو، عضو الأمانة العامة للإعلان دمشق، أن شرائح اجتماعية واسعة انضمت الى الاحتجاجات، بعد ان شهدت مدينة حلب التجارية العريقة في سوريا تظاهرات الأسبوع الماضي طالبت بمزيد من الحريات العامة ورفع القيود عن حقوق المواطنين. ويقول الدكتور كاميران في حوار مع دويتشه فيله " كنا نتوقع زيادة رقعة المظاهرات والاحتجاجات السلمية لتشمل كل المدن السورية لأن سبب المظاهرات هو القمع والحرمان وهو أمر منتشر في كل المدن والقرى السورية" ويضيف المتحدث أن كل الشرائح الاجتماعية في سوريا تعاني من القمع والحرمان فكان طبيعيا أن تشارك كل المدن في المظاهرات بما في ذلك مدن وقرى المناطق الكردية في شمال شرق البلاد، حسب تعبيره.
ورغم اتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل مدن سورية جديدة ولتضم شرائح اجتماعية عديدة إلا أنها لم ترتقي بعد إلى مستوى المظاهرات المليونية حسب رأي الكاتب والمحلل السياسي اللبناني سامر الزين والذي قال في حوار مع دويشته فيله: "لاحظنا مظاهرات مليونية في بعض الدول العربية وهذا ما لم نلاحظه في سوريا فالمظاهرات اقتصرت على بضعة مئات من الناس وفي أحسن الأحوال على بضعة آلاف فقط. ولهذا لا يمكن الحديث عن أن الاحتجاجات تشمل كافة شرائح المجتمع السوري". ويشير المتحدث ضمنيا إلى أن حركة التغيير في سوريا ستبقى منحصرة بفئات صغيرة ناشطة تطالب بمزيد من الحرية ولم ترتقي الى مستوى التغيير الجذري للنظام أو إلغائه بشكل تام، حسب رأيه.
حزب الله أول الخاسرين من تغيير محتمل في سوريا
ونظرا للدور المحوري للنظام السوري في الشرق الأوسط، وباعتراف الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فإن أي تغيير جذري محتمل في سوريا سينعكس على موازين القوى في المنطقة، حسب رأي المحلل السياسي سامر الزين والذي يضيف " أن سوريا تحتضن كل ما يطلق عليه المقاومات العربية، وخاصة المقاومة الفلسطينية واللبنانية. ولذلك تختلف سوريا من الناحية السياسية والعسكرية عن بقية الدول العربية التي شهدت تحولات جذرية، كمصر وتونس".
لكن المتحدث يشير الى "أن حزب الله والمقاومة اللبنانية ستتأثر بأي تغيير محتمل في سوريا" ويضيف "أن حزب الله ورغم أن المساعدات الأساسية التي يحصل عليها تأتي من إيران، إلا أن البوابة التي تصل من خلالها المساعدات الى حزب الله هي سوريا. فإذا تعرضت البوابة السورية إلى خطر الإغلاق فإن ذلك سينعكس سلبا على أوضاع حزب الله" وبعابرة أخرى فإن حزب الله سيكون أول الخاسرين من أي تغيير جذري في سوريا وسيكون وضعه أكثر من "مهدد"، حسب تعبير سامر الزين.
لكن المتحدثين كاميران حاج عبدو وسامر الزين رفضا التكهن بمصير عملية السلام في الشرق الأوسط في حال غاب النظام السوري الحالي عن المشهد في المنطقة. وفي الوقت الذي أكد فيه سامر الزين على ان موضوع السلام غير مطروح حاليا، أشار كاميران حاج عبدو الى ان الأولوية حاليا هي لعملية السلام داخل الوطن السوري حسب رأيه. ويتفق الخبيران السياسيان على أن آفاق الاحتجاجات في سوريا تتمثل في فتح حوار واسع وشامل بين أقطاب المعارضة السورية والأوساط الشعبية عموما وبين النظام لتنظيم عملية إصلاحات واسعة وتدريجية تضمن مصلحة البلاد قبل كل شيء وفي ظل إطلاق الحريات العامة للشعب السوري وضمان حقوق المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية.
حسن علي حسين
مراجعة: منصف السليمي