الجزائر حقل خصب للاستثمارات الألمانية
٢٧ أغسطس ٢٠٠٦الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية اليوم (27.08.06) والذي جاء فيه أن الجزائر وقعت مع المانيا اتفاق سداد مبكر لديون حجمها 387 مليون دولار في اطار اتفاق مع نادي باريس للدول الدائنة يسمح لها بسداد ما يصل الى ثمانية مليارات دولار قبل موعدها، لم يكن مستغربا في أوساط خبراء المال والأعمال. فالاقتصاد الجزائري ومنذ ارتفاع أسعار النفط والغاز في تحسن مستمر، الامر الذي جعل من الجزائر واحة للاستثمارات الأجنبية. وقالت الوكالة ان ديون الجزائر المستحقة لألمانيا قبل توقيع الاتفاق كانت تقدر بنحو 759 مليون دولار مضيفة ان الجزائر ستواصل التفاوض مع المانيا بشان سداد مبكر محتمل لبقية الديون البالغة 372 مليون دولار.
ومما لا شك فيه أن وصول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم عام 1999 ساهم إلى حد كبير في رسم معالم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الجزائر من خلال التدابير الاقتصادية والسياسية، التي اتخذها، الأمر الذي أدى إلى خلق مناخ استثماري ملائم وانتشال البلاد من دوامة عنف دامت زهاء عقد من الزمان. وبدأت القيادة الجديدة بتطبيق إصلاحات اقتصادية وإدارية واسعة ضمن مشروع وطني طموح يهدف إلى تحديث هيكل الدولة وتطوير الاقتصاد المحلي وجعل الجزائر أحد أهم الأقطاب الاقتصادية في شمال إفريقيا. وفي ظل تلك التحولات الاقتصادية والسياسية وارتفاع نسب النمو الاقتصادي، التي يسجلها الاقتصاد الجزائري في فترة يتأرجح فيها الاقتصاد العالمي بين الانتعاش والركود، بدأت الجزائر تسترعي اهتمام الشركات العالمية ورؤوس الأموال الأجنبية، لاسيما الألمانية منها، وذلك حسب إحصائيات وبيانات غرفة التجارة والصناعة الألمانية الجزائرية. في هذا السياق أشار مدير غرفة التجارة والصناعة، أندرياس هيرغنروتر في حوار مع موقعنا، إلى أنه يرصد بالفعل رغبة متنامية لدى الشركات الألمانية في الاستفادة من المميزات، التي يقدمها هذا البلد العربي الغني بالنفط والغاز الطبيعي للمستثمرين الأجانب. كما تحاول الشركات الألمانية من خلال استثماراتها في الجزائر تسويق منتجاتها في أحد أهم الأسواق الإفريقية الواعدة، التي بلغت قيمة إجمالي ناتجه القومي 102.2 مليار دولار أمريكي عام 2005 مقابل 85 مليار دولار أمريكي عام 2004.
فرص جيدة للشركات الألمانية في الجزائر
يرجع إقبال الشركات الألمانية خلال السنوات الأخيرة على افتتاح فروع لها في الجزائر بلغ عددها حتى الآن نحو 110 فرع وارتفاع عدد المستثمرين الألمان هناك إلى مجموعة من العوامل، لعل من أهمها: القراءة الصحيحة للبيانات الاقتصادية المتعلقة بالجزائر، والتي تسلط الضوء على ديناميكية اقتصادية تعيشها البلاد منذ عدة سنوات وحالة انتعاش السوق الداخلي، بالإضافة إلى توفر سيولة نقدية هائلة من العملة الصعبة في خزينة الدولة بعد الأرباح الطائلة التي جنتها من مبيعات للنفط واستفادتها من وصول أسعار النفط العالمي إلى مستويات قياسية. ويرى هيرغنروتر، مدير غرفة التجارة والصناعة الألمانية الجزائرية، أن "الشركات الألمانية تحظى بفرص استثمار جيدة في الجزائر نظرا للسمعة الطيبة التي تتمتع بها المنتجات الألمانية المعروفة بالجودة العالية والفاعلية." ولعل خير دليل على ذلك هو "تمكن المؤسسات الاقتصادية والصناعية الألمانية من التعاقد على صفقات بناء ضخمة من أهمها بناء قطار الأنفاق في الجزائر العاصمة"، على حد قول هيرغنروتر.
الجزائر واحة المستثمرين
ويعاني القطاع الصناعي الجزائري من قدم الآلات والمعدات التقنية ويحتاج إلى تحديث هياكله واقتناء معدات جديدة بصورة طارئة، مما يشكل سوقاً ضخمة للشركات الألمانية المختصة في إنتاج الآلات وتقديم الاستشارات الصناعية. وبجانب قطاع الصناعة هناك قطاعات أخرى تجذب اهتمام المستثمرين الأجانب وفي مقدمتهم الشركات الألمانية كقطاع البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية. وكانت الحكومة الجزائرية قد رصدت ما يزيد عن 60 مليار دولار أمريكي لتمويل وتنفيذ مشاريع بناء وأخرى تهدف إلى تطوير الهياكل الإدارية في مدة زمنية محددة تمتد حتى عام 2009.
أما سياسة الخصخصة وتحرير الاقتصاد الوطني من هيمنة القطاع العام فقد تفتح مجالا أوسع أمام القطاع الخاص الوطني والأجنبي للاستثمار في مختلف المجالات الاقتصادية التي لا ترتبط بقطاع النفط والطاقة عن طريق شراء أسهم شركات كانت ملكاً للدولة سابقا.
ارتفاع نسبة التبادل التجاري بين ألمانيا والجزائر
ووفقا للمعلومات، التي حصل عليها موقعنا من الغرفة الألمانية الجزائرية للتجارة والصناعة، يشهد التبادل التجاري بين ألمانيا والجزائر نمواً ملحوظاً ومتزايداً. فالإحصائيات تشير إلى أن قيمة الصادرات الألمانية إلى الجزائر فاقت المليار يورو خلال العام الماضي وهو ما يعد ارتفاعاً بنسبة 60 في المائة مقارنة مع عام 2003. كما تشير البيانات الاقتصادية الأولية إلى ارتفاع معدل هذه الصادرات عام 2006 بنسبة 22 في المائة مقارنة مع العام الماضي، لتحتل بذلك ألمانيا المرتبة الرابعة بعد كل من فرنسا وإيطاليا والصين في قائمة الدول المصدرة للجزائر.
وتتصدر قائمة السلع الألمانية المصدرة إلى الجزائر كل من قطاع غيار السيارات بنسبة 22 في المائة من مجمل الصادرات تليها الآلات والمعدات الصناعية بما فيها المعدات الخاصة بصناعة النفط والغاز بنسبة 21 في المائة. في حين تستقر نسبة المنتجات الكيماوية المصدرة إلى الجزائر عند حد 9 في المائة وتكنولوجيا الاتصالات بنسبة تفوق 8 في المائة. أما نسبة صادرات ألمانيا للجزائر من الصلب والحديد فلا تتجاوز الـ 5 في المائة من مجمل تلك الصادرات. وفي المقابل بلغت قيمة الصادرات الجزائرية إلى ألمانيا العام الماضي نحو 16 مليار يورو، أي بارتفاع 100 في المائة مقارنة مع عام 2004.
ضمانات قانونية لكسب ثقة المستثمر
ومن أجل كسب ثقة المستثمرين الأجانب الراغبين في توظيف أموالهم في الجزائر بادرت الحكومة الجزائرية بإجراء مجموعة من التعديلات القانونية لتحقيق المساواة بين المستثمرين الأجانب والوطنيين، مما يضمن حق امتلاك أسهم شراكات فوق التراب الجزائري بنسبة 100 في المائة. كما قامت الحكومة بسن قوانين أخرى تنظم المنافسة التجارية وقانون آخر يحمي الملكية الفردية. وتسعى الجزائر من خلال التسهيلات والإعفاءات الضريبية إلى دعم التبادل التجاري بينها وبين دول العالم. هذا وقد ساهم انضمام الجزائر إلى منظمات دولية عالمية واحتمال انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة بحلول نهاية العام الجاري في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب.