الجزائر – قلق من عودة أعمال العنف
٢٩ سبتمبر ٢٠١٤أعاد اختطاف متطرفين جهاديين لسائح فرنسي وقتله في مكان مجهول في الجزائر إلى ذاكرة الجزائريين سنوات التسعينيات المظلمة التي قتل فيها حوالي 120 ألفا من الجزائريين في الحرب الأهلية التي دارت بين الجيش وجبهة الإنقاذ، حيث تسببت في صدمة نفسية في الذاكرة الجماعية الجزائرية. وفي الوقت ذاته يتم تسليط الأضواء على سياسة المصالحة المثيرة للجدل والتي أطلقها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وكان الرئيس الجزائري قد أعلن عن عفو عام عن المسلحين المتشددين، عقب الحرب الأهلية. لكن أعمال العنف استمرت في السنوات التي تلت. وتقول إزابيل فيرينفيلس الخبيرة في الشؤون الجزائرية بمعهد الشؤون الدولية والأمنية في هذا الصدد إن "أحد قادة المجموعة التي أعدمت الرهينة الفرنسي كان أحد المقاتلين القدامى الذي عاد إلى مسار التطرف"، وأشارت إلى أن ذلك " أثار بالطبع جدلا حول سياسة بوتفليقة".
شكوك حول الجيش الجزائري
من جهته يؤكد الجيش الجزائري، الذي يمثل النخبة الخفية حول بوتفليقة، إنه يريد القضاء على "الإرهاب" بشكل تام، غير أن "ثمة شائعات تعتبر أن قوات الأمن والكثيرين من السياسيين الجزائريين يحبذون وجود بعض أعمال الإرهاب في بعض المناطق لأن ذلك يبرر لهم القيام بأعمال القمع فيها"، حسب الخبيرة إزابيل فيرينفيلس.
منذ سنوات عديدة تحكم النخبة المحيطة ببوتفليقة، قبضتها على الجزائر. ولم يغير ما يسمى بالربيع العربي شيئا من ذلك الوضع. فصناع القرار في الجزائر لا يرغبون في القيام بتغييرات في الحكم لأنهم يخشون عواقب موجة جديدة من العنف. ففي يناير/ كانون الثاني عام 2013 سيطر مسلحون جهاديون على حقل للغاز في منطقة أميناس الجزائرية ردا على التدخل العسكري الفرنسي في مالي، ولقي خلال عملية احتجاز الرهائن وتحركات الجيش في الموقع أكثر من 80 شخصا مصرعهم.
الإستفادة من الجريمة المنظمة
من الصعب السيطرة على تلك المنطقة التي ينشط فيها المسلحون المتطرفون في الجزائر، كما تقول إزابيل فيرينفيلس، غير أنها تستغرب من عدم التمكن من القضاء على المسلحين قضاءً تاما خلال العشر سنوات الماضية، وتوضح في هذا السياق أنه "من المؤكد وجود مجموعات داخل الجيش الجزائري تستفيد من الجريمة المنظمة"، ومن هنا يزداد القلق من حدوث عمليات اختطاف مستقبلية.
وتجد فرنسا أيضا نفسها في حالة إنذار بعد مقتل السائح الفرنسي من قبل جماعة تطلق على نفسها إسم "جند الخلافة". وأعلنت تلك الجماعة مسؤوليتها عن ذلك، مضيفة أنها تتضامن مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام. وبالنظر إلى مشاركة فرنسا في الغارات الجوية ضد التنظيم وإلى وجود مقاتلين من فرنسا في سوريا والعراق، فقد عززت باريس من إجراءات الأمن والمراقبة بكاميرات الفيديو في الأماكن الفرنسية العامة بما فيها الباصات والقطارات. كما إن مقتل المواطن الفرنسي في الجزائر أدى، بحسب تصريحات الحكومة الفرنسية، إلى تأكيد عزمها لمواجهة المسلحين المتطرفين، خاصة وأن تنظيم "الدولة الإسلامية" هدد بتنفيذ هجمات على مواطني الدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده.