الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وترقب لرد حماس
٢٩ أبريل ٢٠٢٤تتكثّف الجهود الدبلوماسيّة للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزّة تشمل الإفراج عن رهائن، قبل هجوم إسرائيلي مزمع على مدينة رفح بجنوب القطاع.
وأكّد مسؤول رفيع في حركة حماس لوكالة فرانس برس أنه "لا قضايا كبيرة" في ملاحظات الحركة بشأن الاقتراح الأخير المقدّم من إسرائيل ومصر حول اتّفاق لوقف النار في القطاع.
ومن المقرّر عقد اجتماع ثلاثي في القاهرة بين مصر وقطر وحماس التي يرأس وفدها خليل الحية، عضو المكتب السياسي للحركة في قطاع غزّة.
وقال المسؤول لرويترز "لدى حماس بعض التساؤلات والاستفسارات فيما يتعلق بالرد الإسرائيلي على مبادرة الحركة، الذي تسلمته من الوسطاء يوم الجمعة". وتشير تلك التعليقات إلى أن حماس قد لا تقدم ردا فوريا للوسطاء بشأن الاقتراح الإسرائيلي الأخير.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
أجواء إيجابية
وقال وزير الخارجيّة الإسرائيلي يسرائيل كاتس لقناة "إن 12" الإسرائيلية السبت، "إذا كان هناك اتّفاق (هدنة)، سنعلّق العمليّة في رفح". وأضاف "الافراج عن الرهائن أولوية قصوى لنا. إذا كان ثمة إمكانية لابرام اتفاق سنفعل ذلك".
وعجزت مصر وقطر والولايات المتحدة حتّى الآن عن إقناع طرفَي النزاع بوقف القتال. لكن في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، أتاحت هدنة دامت أسبوعا إطلاق سراح 80 رهينة كانت حماس تحتجزهم في مقابل الإفراج عن 240 فلسطينيا في السجون الإسرائيليّة.
وقال المسؤول في حماس الذي اشترط عدم كشف هويته "الأجواء إيجابيّة ما لم تكُن هناك عراقيل إسرائيليّة جديدة، إذ لا قضايا كبيرة في الملاحظات والاستفسارات التي تُقدّمها حماس بشأن ما تضمّنه الردّ" الإسرائيلي. وأضاف المسؤول أنّ وفدا من حماس برئاسة خليل الحية سيقدّم ردّ الحركة على اقتراح الهدنة خلال اجتماع مع وسطاء مصريّين وقطريّين في القاهرة الإثنين.
وذكر المصدر أن المقترح يشمل اتفاقاً لقبول إطلاق سراح أقل من 40 رهينة مقابل الإفراج عن فلسطينيين في سجون إسرائيلية، ومرحلة ثانية من هدنة تشمل "فترة هدوء مستدام"، وهو رد إسرائيل على مطلب حماس بوقف دائم لإطلاق النار. وبعد المرحلة الأولى ستسمح إسرائيل بحرية الحركة بين شمال وجنوب قطاع غزة وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من القطاع.
وكانت حماس أعلنت السبت أنّها "تدرس" الاقتراح، موضحة أنها ستُسلّم ردّها "حال الانتهاء من دراسته".
ولم تُسرّب تفاصيل عن الاقتراح الإسرائيلي الجديد بشأن الهدنة، لكنّ موقع "أكسيوس" نقل عن مسؤولين إسرائيليّين أنه يتضمّن رغبة في مناقشة "إرساء هدوء دائم" في غزة. وبحسب الموقع، هذه أوّل مرّة منذ بداية الحرب يشير القادة الإسرائيليّون إلى أنّهم منفتحون على مناقشة إنهاء الحرب.
وهذا المقترح صاغته مصر وأدخلت عليه إسرائيل تعديلات. وعرض المقترح الجديد بعدما أصرّت حماس في منتصف نيسان/أبريل على وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزّة، وهو شرط ترفضه إسرائيل.
ضغوط على نتنياهو
توازيًا، تتزايد الضغوط الداخليّة على حكومة بنيامين نتنياهو. فقد تجمّع آلاف المتظاهرين مساء السبت في تلّ أبيب للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المخطوفين منذ هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهتف المتظاهرون في تلّ أبيب مساء السبت "اتفاق الآن"، مطالبين حكومة نتنياهو بالاستقالة.
قبيل ذلك، نشرت حماس مقطع فيديو يُظهر الرهينتَين كيث سيجل (64 عاما) وعمري ميران (47 عاما). وهذا ثاني فيديو تنشره الحركة خلال أيّام. وفي التجمّع الحاشد في تل أبيب، حضّ والد ميران حماس على "إظهار حسّ إنساني"، طالبًا منها أيضًا "اتّخاذ قرار الآن".
وتباحث الرئيس الأمريكي جو بايدن الأحد في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المحادثات الجارية والرامية إلى الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، وفق البيت الأبيض.
وأشار البيت الأبيض إلى أن الحليفين "تباحثا في المحادثات الجارية لضمان الإفراج عن رهائن مع وقف فوري لإطلاق النار في غزة". وأضاف أنهما ناقشا أيضا زيادة وتيرة توصيل المساعدات بما في ذلك تجهيزات فتح معابر جديدة إلى غزة.
وذكر البيت الأبيض أن بايدن أكد أيضاً موقفه الواضح بخصوص اجتياح إسرائيلي محتمل لمدينة رفح في جنوب غزة. وقالت واشنطن إنها لا يمكنها أن تدعم عملية في رفح بدون خطة إنسانية ملائمة وموثوقة.
العمليات العسكرية مستمرة
في الأثناء، لم تهدأ التحرّكات العسكريّة في القطاع الصغير المحاصر الذي تحكمه حماس منذ عام 2007. وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه قصف "عشرات الأهداف الإرهابيّة" في وسط غزّة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الأحد أنّه "خلال 24 ساعة حتى صباح الأحد، وصل 66 شهيدا و138إصابة إلى المستشفيات" في قطاع غزّة.
في الوقت نفسه، تستعدّ إسرائيل لشنّ هجوم برّي في رفح التي تضمّ نحو 1.5 مليون فلسطيني، معظمهم نازحون. وتخشى عواصم ومنظّمات إنسانيّة سقوط ضحايا كثر في هذه المدينة التي تتعرّض أساسا لقصف منتظم من الجيش الإسرائيلي.
وذكر مراسل لفرانس برس أنّ الجيش الإسرائيلي شنّ غارات جوّية وعمليّات قصف مدفعي في عدد من المناطق في قطاع غزّة، ولا سيّما في مدينتي خان يونس ورفح بجنوب القطاع، وكذلك في مدينة غزّة (شمال).
وفي سوق في رفح، قال متسوّقون إنّ أسعار الخضار والفاكهة ارتفعت إلى أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب. وإضافة إلى الدمار والخسائر البشريّة الفادحة، سبّبت الحرب كارثة إنسانيّة في قطاع غزة الذي تعيش فيه 2,4 مليون نسمة. أما المساعدات الإنسانيّة التي تخضع لتدقيق إسرائيلي صارم، فهي ليست كافية.
والأحد، أعلن البيت الأبيض أنّ الرصيف العائم الذي تعمل الولايات المتحدة على بنائه لإدخال مزيد من المساعدات إلى غزّة سيبدأ تشغيله في غضون أسابيع قليلة، لكنّه لن يكون بديلًا من الطرق البرّية التي تُعدّ السبيل الأفضل لإدخال أغذية إلى القطاع.
تحركات دبلوماسية دولية
ومن السعودية، حيث يُعقد اجتماع خاصّ للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يستمرّ يومين في الرياض ويشارك فيه قادة عرب وغربيّون، دعا رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس الولايات المتحدة إلى منع اجتياح برّي لمدينة رفح. وقال إنّ العمليّة، إذا حدثت، ستكون "أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني".
ويعتزم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارة إسرائيل والأردن في جولة تستمر حتى الأربعاء، وفق ما أعلنت الخارجية الأمريكية، في أعقاب مكالمة بايدن ونتنياهو.
وتوجّه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الرياض حيث سيناقش "الجهود المستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة يسمح بالإفراج عن الرهائن". كما "سيركز على أهمية منع توسع" إقليمي للحرب، وفق ما قالت الخارجية الأمريكية السبت.
من جهته، قال وزير الخارجيّة السعودي فيصل بن فرحان خلال إحدى جلسات المنتدى "الوضع في غزّة يمثّل بوضوح كارثة بكلّ المقاييس ... إنسانيّة، لكنّه أيضا فشل كامل للنظام السياسي (الدولي) القائم في التعامل مع تلك الأزمة".
وشدّد على أهمّية "التزام حقيقي بحلّ الدولتين، وهو طريق ذو مصداقية ولا رجعة فيه، وهذا هو الحلّ الوحيد المعقول والموثوق الذي يضمن لنا عدم الاضطرار إلى العودة إلى نفس الوضع بعد عامين أو ثلاثة أو أربعة أعوام"..
ودعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الأحد من بيروت إلى وضع حد للتصعيد بين حزب الله اللبناني وإسرائيل تجنبا لـ"السيناريو الأسوأ" على حد تعبيره. وقال سيجورنيه "نحن نرفض السيناريو الأسوأ في لبنان (...) لا مصلحة لأحد بأن تواصل إسرائيل وحزب الله هذا التصعيد. حملتُ معي هذه الرسالة إلى هنا (...) وسأحمل هذه الرسالة نفسها إلى إسرائيل الثلاثاء".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
ع.ح/ح.ز (أ ف ب ، رويترز)