الحل المؤقت الدائم..اتساع الهوة بين المؤسسة العسكرية في مصر والشعب
١٥ أكتوبر ٢٠١١كان من المفترض أن يكون مجرد حل مؤقت، ولكنه أصبح دائماً، فمنذ أكثر من ستة اشهر يحدد الجيش سياسة مصر. وهذا ما يغضب الكثيرين، إذ أن الحكومة الانتقالية وعدت في شهر فبراير/ شباط الفائت بتسليم السلطة خلال ستة أشهر. كان هذا حين كان يقال بأن "الجيش والشعب يد واحدة" حسب قول البروفسور اوليفر شلومبيرغر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة توبينغين في المانيا. "لكن المواطنين تخلوا عن هذا الرأي. إذ أصبح من الواضح أن الجيش يريد الاحتفاظ بالسلطة".
"الجيش يقضي على المرحلة الانتقالية"
أصبحت الأصوات المنتقدة للحكومة الانتقالية تعلو في الفترة الأخيرة، إذ يقول الكثير من المراقبين أنها لا تهتم بما يكفي بأمن البلاد، مثلما تهتم بمصالحها الخاصة. ولم يتوقع أحد التصعيد الذي حدث يوم الأحد (09 اكتوبر/ تشرين الأول 2011)، حتى خبير الشؤون المصرية شادي حميد، الباحث في معهد بروكينغس بالدوحة، والذي يقول بأنه تفاجأ بالاشتباكات التي وقعت في القاهرة، رغم أنه كان يجب توقعها ويضيف "الجيش لم يدعم الديمقراطية أبداً، فخلال الثلاثين عاما الماضية كان العمود الفقري لنظام مبارك". ويتابع حميد القول بأن "الجيش المصري يقضي الآن على المرحلة الانتقالية، هكذا هو الوضع بكل بساطة".
أما السبب في عدم اهتمام الجيش بالعملية الديمقراطية فيعود إلى أن نظاماً ديمقراطيا شفافاً يعني نهاية امتيازات الجيش الكبيرة، والتي "تستند بالدرجة الأولى على أن الجيش لا يطالب بتوضيح كيفية تصرفه بالموارد العامة"، حسب رأي البروفسور شلومبيرغر. كما أن استراتيجية الجيش تقوم على اظهار قوته، حيث يربط بين القوة والشرعية؛ فحين تنزلق البلاد إلى الفوضى سيقدم الجيش نفسه كمنقذ للبلاد من الخطر، والدليل على ذلك حسب رأي شلومبيرغر أن الجيش لكي "ينقل هذه الصورة يفتعل الأحداث أو يتركها تقع على الأقل".
زيادة الضغط على المجلس العسكري
المظاهرات والتجمعات الكبيرة والاشتباكات تشكل مسرحاً للجيش، ولا يعتقد شلومبيرغر أن المجلس الانتقالي يستهدف الأقباط بعينهم، وحسب رأيه ليس للجيش ايديولوجية محددة "فمن يقف في وجه الجيش ومصالحه يتعرض للهجوم ويصبح هدفاً له، وهذا يمكن أن يكون من الأقباط أو الاسلاميين أو الليبراليين. والواضح أن الجيش يضغط على كل منتقديه".
ومن هنا ليس مستغرباً أن يشعر أبناء الأقليات بالاضطهاد، وخاصة الأقباط الذين يشكلون 10% من مجموع سكان مصر. وخلال الأشهر الأخيرة وقعت اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين، وينتقد المراقبون الجيش لأنه لم يتحرك كما يجب ولم يؤمن الحماية الكافية للمسيحيين. ومن هنا يطالب رئيس الكنيسة القبطية في المانيا، الأنبا داميان، بممارسة ضغط دولي على المجلس العسكري في مصر. ويرى خبير الشؤون المصرية البروفسور شلومبيرغر، أن الولايات المتحدة تستطيع أكثر من غيرها ممارسة الضغط على الجيش حيث أنها تؤمن 20% من ميزانية وزارة الدفاع.
وإذا نجحت العملية الديمقراطية، فإنها ستكون خطوة حاسمة في اتجاه محاسبة الجيش، الذي يبدو أنه سيرسم سياسة مصر خلال الفترة القادمة أيضاً، "إذ ليس من المحتمل خلال الأشهر الستة القادمة أو حتى عام أن يتخلى الجيش عن السلطة" يقول شلومبيرغر، الذي يضيف: "السؤال هو: إلى أي حد سيتحلى الشعب بالصبر في ظل حكم القيادة العسكرية؟". وعلى المدى الطويل سوف يحدث تباعد بين الشعب والجيش، والمظاهرات والاشتباكات التي تقع أيام الجمعة تدل على ذلك.
عارف جابو / آنا آلملينغ
مراجعة:هبة الله إسماعيل