الخوف من انهيار العراق دفع الحلفاء للتخلي عن المالكي
١٣ أغسطس ٢٠١٤وصلت الضغوط على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى نقطة اللاعودة. فالكل لم يعد يقبل بوجوده على رأس هرم السلطة في العراق، سواء الطائفة السنية أو الأكراد، بل وحتى بعض أبناء طائفته من الشيعة، بالإضافة إلى إيران القوة المؤثرة في المنطقة وأيضا الولايات المتحدة. ويرى الدكتور غسان العطية، مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية في لندن في حوار مع DW عربية أن "المالكي عاجز عن توحيد العراق بسبب سياسته الإقصائية وفقدانه لثقة مكونات الشعب العراقي بمن فيهم الشيعة، ما جعل منه عامل تقسيم وليس عامل توحيد".
وكان المالكي يأمل أن يستمر في السلطة، بعد أن أمضى ثماني سنوات، إلا أن نفاد صبر حلفائه الأساسيين أمام تقدم المقاتلين المتشددين لتنظيم "الدولة الإسلامية" وانهيار القوات الحكومية جعل وجود العراق كدولة مهددا، خصوصا وأن المتطرفين سيطروا على ربع العراق وثلث سوريا وباتوا بالتالي يسيطرون على رقعة جغرافية تزيد على مساحة بريطانيا. وأغضب المالكي حتى حلفاءه الشيعة، وخصوصا حليفته إيران، التي باتت مصالحها الاستراتجية في خطر. ومن المفارقات أن تلتقي مصالح طهران وواشنطن في الملف العراقي تأكيدا لمقولة: في السياسة لا يوجد عداوة دائمة وإنما مصالح دائمة.
"توافق طهران وواشنطن ليس جديدا"
ويرى الدكتور غسان عطية أن التوافق الإيراني الأمريكي في العراق، وعكس ما يعتقده كثيرون، ليس جديدا. ففي عام 2006 أدت التفاهمات بين الجانبين إلى اختيار نوري المالكي رئيسا للوزراء بدلا من الجعفري. ونفس التفاهمات هي التي أعادت المالكي رئيسا للوزراء عام 2010 وأبعدت إياد علاوي عن الحكم. كما كان الدور الإيراني حاسما عام 2012 عندما أعد أكثر من 160 نائبا لائحة لسحب الثقة من المالكي، لكن الإيرانيين ضغطوا في اللحظة الأخيرة على أصدقائهم في الاتحاد الوطني الكردستاني فأنقذوا المالكي مرة أخرى.
طهران قررت أن الوقت قد حان للابتعاد عن المالكي والبدء بالبحث عن بديل، وكانت، مثل (عدوتها) الولايات المتحدة، تراقب عن كثب تقدم "الدولة الاسلامية" في شمال العراق متوجسة من احتمال امتداد أعمال العنف عبر الحدود. وهكذا أعلن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي تأييده لرئيس وزراء العراق الجديد المكلف حيدر العبادي، في أوضح مؤشر حتى الآن على أن طهران لم تعد تؤيد حليفها القديم نوري المالكي.
المالكي لم يعد رجل المرحلة
يرى الدكتور غسان عطية أن "هناك قناعة لدى الإيرانيين بأن المالكي لا يمكن أن يؤمن مصالح طهران في العراق، لأن وصول تنظيم الدولة الإسلامية إلى الحدود الإيرانية بات يمثل خطرا حقيقيا، وهذا التنظيم قطع آمال طهران بأن يكون لها امتداد جغرافي يصل إلى البحر المتوسط عبر سوريا". وأضاف عطية أن القيادة الإيرانية الحالية، مع روحاني وظريف، أكثر اعتدالا وتعمل على إخراج إيران من المأزق الاقتصادي والعزلة الدولية، ما يجعلها في حاجة إلى مزيد من ملفات التفاهم مع واشنطن.
وذكرت عدة مصادر أن الإيرانيين والأمريكيين أجروا محادثات حول المرشحين المحتملين لخلافة المالكي وبعد ثلاث جولات من المفاوضات على الأقل اتفقوا على حيدر العبادي. وقال مسؤول أمريكي لرويترز، طلب عدم الكشف عن هويته، "إنه (أي العبادي) شيعي، ونظرا لحساسية الوضع في العراق والحاجة الماسة لتشكيل جبهة سياسية موحدة وافقت إيران على إقناع الجماعات الشيعية بدعمه. وشارك في هذه الجهود عدد من أئمة النجف كما ساهموا في حشد الدعم للعبادي".
المالكي يظل - في الوقت الراهن على الأقل - قائدا للقوات المسلحة، ما دفع بعدد من المراقبين للتساؤل عما إذا كان سيستعمل هذه الورقة الأخيرة للبقاء في السلطة. وهذا السيناريو ممكن نظريا ومستبعد عمليا، حسب رأي الدكتور غسان عطية "لأن الجيش منهار ولم تعد له شعبية بسبب اندحاره أمام تنظيم "الدولة الإسلامية"، إضافة إلى تخلي القوى الإقليمية والدولية عن المالكي".