الدراجة الكهربائية من "موضة للعجائز" إلى رمز لحياة عصرية
١٨ مارس ٢٠١٢يتقن الشاب الألماني باول، البالغ من العمر 15 عاماً، قيادة الدراجة الكهربائية، إذ ينعطف بها بكل رشاقة ليسبق غيره من سائقي الدراجات في حلبة السباق التجريبية، دون أن يلهث أو يتعب. أما بقية السائقين فيجدون مشقة في قيادة الدراجات الهوائية العادية ويتصببون عرقاً.
يجرب باول دراجة "بيديليك"، الدراجة الكهربائية الجديدة بإمكانياتها المتنوعة، ويقول لأخيه فريدمان بكل سعادة: "إنه أمر رائع ... ضبطت المحرك على أعلى سرعة. قد يتصاعد منها دخان الآن!" يسلم باول الدراجة لأخيه، الذي ينتابه الفضول لمعرفة كيف تصل هذه الدراجة من الصفر إلى سرعة 25 كيلومتراً في الساعة في وقت قصير. هذا ما تتيحه الدراجة الكهربائية الجديدة، فمحركها يبدأً العمل بمجرد الضغط على الدواسة. ويمكن لراكب الدراجة التحكم في سرعة المحرك عن طريق تعديل الضابط الإلكتروني الصغير الموجود على المقود، وكلما داس الراكب أكثر، ازدادت سرعة المحرك.
يقود فريدمان الدراجة بأقصى سرعة في منعطفات صالة معرض الدراجات "سايكولونيا"، المقام في مدينة كولونيا الألمانية. ورغم انبهاره بسرعة الدراجة، إلا أنه يستبعد شراء واحدة، موضحاً أن سبب عزوفه عن شرائها هو أنها "تشبه دراجات العجائز". الدراجة قد تشبه بالفعل دراجات السيدات القديمة، بمقعدها المنخفض ومقودها العال. أما باول فيضيف: "لا أحب صندوق البطارية تحت حامل الحقائب الخلفي. يبدو كبيراً ومعيقاً". البطارية تزن حوالي أربعة كيلوغرامات، وبحسب استهلاك السائق، يمكن أن تكفي شحنها لقطع مسافة 60 إلى 100 كيلومتر. أما إذا نفدت شحنة البطارية، فبالإمكان تغييرها أو إعادة شحنها لمدة أربع ساعات.
أنيقة وجديدة وشبابية
يقدم المعرض دراجات كهربائية أخرى تتناسب مع أذواق الشباب. يقف الشابان باول وفريدمان منبهرين أمام إحدى الدراجات الكهربائية المصممة للطرق الوعرة، وكأنهما لا يستطيعان تصديق أعينهما، إذ يقول فريدمان: "هذه الدراجة تناسبني، فهي أنيقة". أحد زوار المعرض الآخرين يشاطره الرأي، فهو يبحث عن بديل للسيارة، ويشير إلى احتمال "أن تكون الدراجة الكهربائية بديلاً عن السيارة في المدينة. فهي سهلة القيادة، سواء على المنحدرات أو ضد اتجاه الريح، ولا أحد يريد الذهاب إلى المكتب ورائحة العرق تفوح منه". ويضيف الزائر، الذي يعمل موظفاً في قطاع التأمين، ضاحكاً: "هذا أمر مهم بالنسبة لي".
تباع في ألمانيا حوالي 200 ألف دراجة كهربائية سنوياً، ومحبو هذه الدراجات ليسوا فقط من كبار السن، كما يوضح موظف التأمينات: "يعيش الكثير من عملائي في المدينة. رغم أن دخلهم جيد، إلا أنهم يستخدمون الدراجات الكهربائية بدلاً من السيارات. وهم يبحثون بالطبع عن دراجة أنيقة تعطي انطباعاً يعكس أسلوب الحياة العصرية".
عيوب ومميزات
يبلغ ثمن الدراجة الكهربائية المجهزة للسير في المناطق الوعرة حوالي 3000 يورو، أما الدراجة الكهربائية العادية فيبلغ سعرها حوالي 1500 يورو، وهو مبلغ لا يستطيع كل الشباب تحمله، بما فيهم باول وفريدمان. أما موظف التأمينات فيجد السعر مناسباً، لأنه سيوفر في كل الأحوال ثمن الوقود ورسوم ركن السيارة أو التأمين عليها.
المشكلة الأخرى تتعلق بركن الدراجة الكهربائية، إذ إن ثمنها الباهظ يجعلها فريسة سهلة للسرقة، لاسيما في المدن وأثناء الليل. لكن لوتر كونيكامب، خبير الدراجات وأحد مؤسسي معرض "سايكولونيا"، لديه الحل: صناديق الدراجات، التي تغطي الدراجة بالكامل ويتم وضعها أمام أبواب المرآب. ويوضح الخبير: "ستبدو بشعة، إلا أننا لو نظرنا إلى بعض السيارات الموجودة حولنا، فسنجد أنها ليست جميلة على الإطلاق". يمكن استئجار صناديق الدراجات في محطات الترام بمدينة كولونيا مقابل 70 يورو سنوياً، فيما يؤكد كونيكامب أن عالمنا سيتحول إلى جنة على الأرض ما تحولت أماكن وقوف السيارات إلى مواقف للدراجات.
الدراجات الكهربائية لمكافحة الاحتباس الحراري
يشاطر لويس بالمرز رأي الخبير الألماني. بالمرز قام برحلة حول العالم على متن سيارة تعمل بالطاقة الشمسية، ما دفع الأمم المتحدة لتتويجه بلقب "بطل الكرة الأرضية". يقف بالمرز مبتسماً في زاويته بالمعرض، وورائه لوحة تحمل عنوان مشروعه الجديد "موجة الكهرباء 2012". يحاول بالمرز لفت الانتباه لهذا المشروع عن طريق تنظيم رحلة من برلين إلى هانوفر تشترك فيها 200 دراجة كهربائية، ويقول موضحاً: "نعاني من مشكلة الاحتباس الحراري، فالمدن تغرق في الاختناقات المرورية وكل شيء يزداد سوءاً. الدراجة الكهربائية هي الحل ببساطة، فهي لا تتسبب في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الضار بالبيئة، بالإضافة إلى كونها سريعة وهادئة وأرخص بكثير من السيارة". وبالفعل شهدت الدراجات الكهربائية انتشاراً واسعاً في سويسرا وهولندا، أما في الصين فيشير بالمرز إلى أن "موضة الدراجات تنتشر بشكل هائل. أصبح هناك أكثر من 120 مليون دراجة كهربائية ونارية في الصين".
يحاول بالمرز من خلال المعرض العثور على مشاركين في رحلة الدراجة الكهربائية، لاسيما من الشباب، مثل باول وفريدمان، فالنجاح في إقناع هؤلاء الشباب باستخدام الدراجات الكهربائية يعني النجاح في تحقيق حلم تحويل الدراجة الكهربائية إلى بديل عن السيارة.
ميريام كلاوسنر/ مي المهدي
مراجعة: ياسر أبو معيلق