الرسم وسيلة أطفال اللاجئين السوريين لتضميد جراحهم
٢٧ أكتوبر ٢٠١٥حفر خلفتها قنابل، منازل مهدّمة، مروحيات بألوان تمويهية – هي بعض الرسوم التي رسمها أطفال اللاجئين في إحدى الورش الفنية في مدينة كولونيا الألمانية. رسوم تعكس ما علق بذاكرة هؤلاء الأولاد والبنات، الذين فروا من الحرب في سوريا.
آفجين ذات الثلاثة عشر ربيعا، رسمت طفلة على طاولة العمليات. وتقول: "قلبها ينزف، وحالتها سيئة." طفلة أخرى رسمت قنابل تنهمر على منزل من الطوب الأحمر. "مروحيات ألقت بالقنابل على مدرستي ودمرتها"، على ما تقول لـوتضيفDW : "بعض الأطفال نجوا لكن البعض الآخر لم ينج."
"جراح عميقة وحزن في العيون"
جميع الأطفال المشاركين في مشروع ديفيجي يذهبون في ألمانيا إلى المدرسة منذ نحو عام. تعلموا اللغة بسرعة إلى درجة أنه أصبح يصعب تمييزهم عن أقرانهم الألمان خلال اللعب أو الغناء والرقص مع بعضهم البعض. بيد أن هذا الانطباع خادع بعض الشيء بحسب رأي ديفيجي الذي يقول: "أستطيع أن أرى الحزن في عيونهم. الضحك لا يأتي من القلب."
وعلى الرغم من أن الآباء يعرفون تماما ما عاناه أطفالهم، إلا أنهم لا يتمالكون أنفسهم عند رؤية الجراح العميقة التي خلفتها الأحداث في نفوس هؤلاء الأطفال. "لقد أصبت بصدمة عند رؤية الرسوم"، تقول نسرين محمد، أم آفجين وولدين آخرين.
لاجئ سابق يساعد أبناء اللاجئين
حسن ديفيجي، ذو 43 عاما، يقول إنه يعرف ما يعيشه هؤلاء اللاجئون من قلق حول مصيرهم في بلد أجنبي، موضحا أنه نفسه قدم إلى ألمانيا في تسعينيات القرن الماضي، هاربا من تركيا ومن القمع المسلط فيها آنذاك على الأقلية الكردية. ويضيف إنه تقدم في عام 1994 بطلب للجوء لدى السلطات في مدينة كولونيا واضطر إلى الانتظار أكثر من ثلاثة أعوام ليتم البت في طلبه.
وهاهو اليوم يعكف على وجه الخصوص على الفن، الذي يعكس الواقع الاجتماعي. ويؤكد أن ما عايشه من قبل كلاجئ دفعه إلى مساعدة أطفال اللاجئين وأسرهم.
فن وبهجة للأطفال رغم ضيق ذات اليد
ومن الواضح أن الآباء متحمسون للغاية لهذه المبادرة ليس بدافع العاطفة فقط، وإنما لما لها أيضا من فوائد لأطفالهم. "ورش العمل هذه جيدة للغاية لأنها تعلم الأطفال الرسم وكذلك اللغة الألمانية"، على حد تعبير أم آفجين. "لقد تغير الأطفال كثيرا خلال عام واحد"، على ما يقول ديفيجي، ويضيف: "في البداية كان هناك طفلان يواجهان صعوبات كبيرة في التركيز وفي تعلم اللغة الألمانية، لكن الأمر تغير للأفضل بعد ستة أشهر فقط. لقد أصبحا أكثر انفتاحا وثقة بالنفس."
الفنان حسن ديفيجي جزء من ثقافة ترحيب منفتحة كان يتمنى أن يجدها في ألمانيا قبل عشرين عاما، عندما أتاها لاجئا وحيدا لا أهل له ولا صديق. آنذاك لم تكن هناك أي مبادرة مثل التي أطلقها هو من أجل أطفال اللاجئين السوريين.