مبادرة سعودية أمريكية لاستضافة طرفي الصراع السوداني في جدة
٥ مايو ٢٠٢٣قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن الوزير الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن ناقشا في اتصال هاتفي مستجدات مبادرة مشتركة لاستضافة طرفي الصراع السوداني في مدينة جدة بالمملكة. وقال البيان اليوم الجمعة (الخامس من أيار/مايو 2023) إن المبادرة المشتركة تهدف إلى "خفض مستوى التوترات" في السودان.
وناقش الوزيران خلال الاتصال مستجدات الأوضاع في السودان، مؤكدين على "أهمية وقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة وإنهاء العنف"، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية "واس". واستعرض الوزيران مستجدات المبادرة السعودية الأمريكية الخاصة باستضافة ممثلين عن الطرفين في مدينة جدة، والتي تهدف لتهيئة الأرضية اللازمة للحوار لخفض مستوى التوترات هناك، بما يضمن أمن واستقرار السودان وشعبه، وفق "واس".
من جهته أعلن الجيش السوداني مساء الجمعة إرسال مفاوضين الى جدة بالسعودية لإجراء مباحثات حول وقف إطلاق النار. وقال الجيش في بيان نشر على صفحته على فيسبوك: "في إطار المبادرة السعودية-الأمريكية التي تم طرحها منذ بداية الأزمة، غادر إلى جدة مساء اليوم (الجمعة) وفد القوات المسلحة السودانية لمناقشة التفاصيل الخاصة بالهدنة التي يجري تجديدها".
ولم يصدر أي رد فعل رسمي بعد عن قوات الدعم السريع. لكن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو ( حميدتي)، سبق أن أعلن اليوم الجمعة أنه بحث مع وزير الخارجية المصري سامح شكري تطورات الأزمة في البلاد.
وأوضح دقلو في منشور له على حسابه في "فيسبوك" "تلقيت اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية جمهورية مصر الشقيقة السيد سامح شكري، ناقشنا خلاله الوضع في بلادنا والموضوعات المتعلقة بالأزمة الراهنة"، وتابع: "تطرقنا أيضًا إلى المبادرات المحلية والإقليمية والدولية الرامية لإيجاد حل شامل ووقف إطلاق النار".
وتواصلت المعارك اليوم الجمعة رغم الهدنة التي تعهّد القائدان العسكريان اللذان يتنازعان السلطة الالتزام بها، ورغم التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات. ولليوم الـ21 على التوالي، تواصلت الضربات الجوية والتفجيرات في عدد من أحياء الخرطوم لاسيما في محيط المطار على الرغم من وعود بهدنة، بحسب ما أفاد شهود وكالة فرانس برس.
اجتماع خاص بالسودان وتحذيرات
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعًا خاصًا في 11 ايار/مايو لمناقشة "تأثير" المواجهات التي يشهدها السودان منذ منتصف نيسان/أبريل "على حقوق الإنسان". وقال المجلس في بيان إن هذا الاجتماع الطارئ يأتي بناء على طلب رسمي مشترك تقدمت به المملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة وألمانيا مساء الجمعة وحظي بتأييد 52 دولة حتى الآن. وقد تنضم إليها دول أخرى بحلول الأسبوع المقبل.
وحذّرت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة "يونيسف" الجمعة من أنّ المعارك الدائرة في السودان منذ ثلاثة أسابيع تحصد أرواح أطفال "بأعداد كبيرة مرعبة"، مشيرة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح. وقال المتحدّث باسم اليونيسف جيمس إلدر للصحفيين في جنيف "كما كنّا نخشى ونخاف، أصبح الوضع في السودان قاتلًا بشكل مخيف لعدد كبير من الأطفال".
من جانبها قالت مديرة الحماية الدولية في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إليزابيث تان للصحفيين: "تحضّ المفوضية كلّ الدول على السماح للمدنيين الفارّين من السودان بالوصول إلى أراضيها من دون تمييز".
ويخشى برنامج الأغذية العالمي من أن يعاني 19 مليون شخص الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة في السودان على خلفية النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق ما أفاد متحدث باسم الأمم المتحدة الجمعة. ونقل نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق أن برنامج الأغذية "يتوقع أن عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانًا حادًا في الأمن الغذائي في السودان سيرتفع ما بين مليونين و2,5 مليون شخص. هذا سيرفع العدد الإجمالي (لهؤلاء الأشخاص) الى 19 مليونًا في الفترة بين الأشهر الثلاثة والستة المقبلة في حال استمر النزاع الحالي".
مئات القتلى وآلاف الجرحى
ومنذ الخامس عشر من نيسان/ابريل، أسفرت المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو عن نحو 700 قتيل، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح وأحداثه (إيه سي إل إي دي). وتقول الأمم المتحدة إن المعارك خلفت أيضًا أكثر من خمسة آلاف جريح وأجبرت 335 ألف شخص على الأقل على النزوح ودفعت 115 الفًا آخرين إلى الفرار خارج البلاد.
والخميس، أكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ "المأساة... يجب أن تنتهي"، ملوّحًا بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهدّدون السلام"، لكن من دون أن يسمّي أحدًا.
والسودان الدولة التي يبلغ عدد سكّانها 45 مليون نسمة، خرج في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأمريكية التي فُرضت على الدكتاتورية العسكرية للجنرال عمر البشير الذي أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع في العام 2019، بعد بقائه 30 عامًا في السلطة.
وفي 2021 أطاح البرهان ودقلو معًا في انقلاب شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدّتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش. ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أنّ شيئاً قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية.
م.ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)