السعودية.. تعديلات وزارية تعزز النهج الإصلاحي لولي العهد؟
٢ يونيو ٢٠١٨وتعتبر هذه القرارات ثاني تعديل وزاري مهم منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان نجل الملك، وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء. وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) السبت (الثاني من حزيران/يونيو 2018) أن الملك سلمان أمر باستبدال وزيري العمل والشؤون الاجتماعية والشؤون الدينية. كما عين أميرا لعب دورا بعملية شراء لوحة "سالفاتور موندي" (مخلص العالم) لليوناردو دا فينتشي وزيرا للثقافة. فيما تم فصل الإعلام عن وزارة الثقافة والإعلام لتصبح وزارة مستقلة بحد ذاتها.
وعلى مدى عقود، كانت للسعودية وزارة واحدة للثقافة والإعلام. ونص قرار السبت على أن وزارة الثقافة أصبحت الآن كيانا منفصلا بقيادة الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود، الذي ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه اشترى اللوحة التي تجسد المسيح بسعر قياسي بلغ 450 مليون دولار في مزاد العام الماضي.
وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" لاحقا أنه أبرم الصفقة نيابة عن الأمير محمد بن سلمان. وأعلن متحف اللوفر أبوظبي أن السلطات الإماراتية "استحوذت" على اللوحة التي ستعرض فيه. يذكر أن السعودية تحظر طقوس العبادة غير الإسلامية، لكن المملكة استضافت رجال دين مسيحيين رفيعين خلال الأشهر الأخيرة، تحديدا من لبنان وفرنسا. كما وقع الفاتيكان في نيسان/أبريل، مذكرة تفاهم للقاء مسؤولين سعوديين كل ثلاث سنوات.
وتم كذلك السبت تعيين المهندس ورجل الأعمال أحمد بن سليمان بن عبد العزيز الراجحي وزيرا للعمل والتنمية الاجتماعية. كما عيّن عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ وزيراً للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد. وينبع اختيار الراجحي، وهو رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية وسليل ملياردير مصرفي إسلامي، من اتجاه أوسع للاستفادة من القطاع الخاص في شغل المناصب الحكومية العليا ومن بينها وزير الإسكان ومسؤول كبير في وزارة الدفاع. كما كان آل الشيخ يشغل في السابق منصب الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي جرى تقييد سلطاتها قبل عامين في إطار إصلاحات أوسع.
وقال ستيفن هيرتوغ من كلية لندن للاقتصاد إن هذه الخطوة قد تهدف أيضا إلى إعادة بناء الثقة في مجتمع الأعمال الذي أحبطته الوتيرة السريعة لبعض الإصلاحات الاقتصادية وأثارته حملة لمكافحة الفساد العام الماضي شملت عددا غير قليل رجال الأعمال الكبار، بينهم عدد من الأمراء.
وقاد الأمير الشاب الذي أحكم قبضته على السلطة منذ توليه منصب ولي العهد في حزيران/يونيو الماضي سلسلة من التحولات في سياسة المملكة المحافظة تضمنت فتح دور سينما والسماح للنساء بقيادة السيارات. وتعهد الأمير في خطاب متلفز في تشرين الأول/أكتوبر بقيادة مملكة معتدلة ومتحررة من الافكار المتشددة، قائلا خلال منتدى استثماري دولي "نريد أن نعيش حياة طبيعية".
ويحاول ولي العهد الإصلاحي محمد بن سلمان تنويع أكبر اقتصاد في العالم العربي بعيدا عن صادرات النفط ويسعى لانفتاح أنماط الحياة السائدة في السعودية من خلال تخفيف القواعد الاجتماعية الصارمة والترويج للترفيه في المملكة المحافظة.
جدير بالذكر أن تيارا محافظا متشددا هيمن على المملكة منذ أن قام نحو 400 متطرف بحصار المسجد الحرام عام 1979 كرد على انتشار دور السينما والتلفزيونات وتوظيف النساء. ورغم نجاح تدخل القوات السعودية بإنهاء العملية بعد أسبوعين ما أدى إلى مقتل العشرات من الجانبين، بقي للتيار نفوذ في المملكة.
وخلال العام الماضي، قاد الأمير محمد حملة تطوير وتحديث تهدف لجذب الأجانب بما في ذلك المستثمرين حيث حظيت المملكة بتعهدات للمساهمة بمليارات الدولارات في مشاريع تهدف لتعزيز قطاعي السياحة والترفيه.
بيد أن التوجهات الإصلاحية الجديدة تثير حفيظة المتشددين، حيث اعتبر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يوم أمس الجمعة المشاريع الإصلاحية التي يقودها الأمير محمد في المملكة "نذير هلاك"، محذرا من تداعيات ما اسماها هذه "المصائب" على البلاد، وذلك في نشرة دورية صادرة عنه.
واستعدادا لموسم الحج هذا العام، حيث ستستقبل السعودية ملايين المسلمين لأداء فريضة الحج في آب/اغسطس، أعلنت السلطات السبت إنشاء هيئة ملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة سيرأسها ولي العهد دون اعطاء مزيد من التفاصيل.
ويأتي التغيير الوزاري في وقت لا يزال الكثير من الناشطين خلف القضبان بعدما اعتقل 11 منهم على الأقل الشهر الماضي، حيث عرفتهم منظمات حقوقية على أنهم من أبرز المطالبين بالسماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة المحافظة، وبإلغاء ولاية الرجل على المرأة. وأفادت منظمة العفو الدولية أنه تم إطلاق سراح أربعة منهم على الأقل، في حين لا يزال مصير البقية غير معروف.
ح.ع.ح/ه.د(أ.ف.ب/رويترز)