السليمانية: رياضة التزلج على الجليد وسيلة للملمة شتات ما فرقته السياسة
١٧ أبريل ٢٠١٣بخطى حذرة، تسقط المتزلجة فريشتا تارة وتتزلج تارة أخرى، لتنهض مرة ثانية متحدية ضحكات زملائها التي علت أرجاء المكان، وهي تنفض عن ثيابها ما التصق به من وفر الثلج الناعم الذي اكتست بلونه الأبيض مرتفعات جبال بنجوين.
وتقول فرشتا أمين، في حديث مع DW عربية:"تعلم رياضة التزلج على الجليد في منحدر الجبال يتطلب المزيد من السقوط والألم لكي يعرف المرء أسرارها. إنه ملاذي السري"، في إشارة إلى المركز.
وبينما تعد فريشتا (27 عاماً) مزلاجها استعداداً لمغامرة أخرى، ربما لن تخلوا من السقوط أرضاً خلال حصتها التدريبية، تفضل الطالبة في كلية التربية الرياضية بجامعة السليمانية، أن ترتاد مكان التزلج بشكل مستمر خلال أيام الجمع. "إنها زيارتي الرابعة".
وتوضح المتزلجة المبتدئة "على الرغم من حداثة الفكرة وأهميتها في خلق موسم سياحي شتوي في مدينتي، إلا أنها تفتقر إلى أبرز المقومات الأساسية للعبة كالتجهيزات والاهتمام بنعومة الأرضية".
الأمل في تطور سريع
بينما يعنى مازن عامر، الساكن في العاصمة العراقية بغداد، مسافة الطريق إلى السليمانية، فور سماعه بوجود مركز يتخصص في رياضة التزلج على منحدرات الجبال، إذ عمد على ترتيب سفرة شبابية مع بعض من أصدقائه ليطلعهم على مهاراته في هذه الرياضة ويعلمهم بعض مبادئها.
وبعد أن عاد مسرعاً من مغامرته التي حلق بها كالصقر الذي يطارد فريسته وهو يمسك عصيا التزلج، يضيف عامر (24 عاماً)، في حديث مع DW عربية: "اشعر بحرية مطلقة أثناء ممارستي لهذه اللعبة. أتمنى للعبتي المفضلة التطور السريع والمستمر".
"قضيت وقتاً ممتعاً مع أصدقائي وسط هذا المكان الأبيض (الثلج) لممارسة رياضتي المفضلة التي تعلمتها في بلد المهجر السويد"، بحسب عامر الطالب الجامعي. "إنه لشيء جميل أن أمارس هوايتي المفضلة في بلدي".
وأنشأت منظمة (تكريس)، المركز المتخصص بالتزلج عام 2011، لكي يذيب جليد الفوارق العنصرية بين مواطني إقليم كردستان وبقية مدن العراق، وينعش السياحة الموسمية الشتوية في مناطق بنجوين بالإضافة إلى محاولتها إنشاء مراكز أخرى في جبال رانيا وحاج عمران التابعة لإقليم كردستان العراق.
بدا فلاح صلاح عبد الله الذي يعمل منسقاً في مركز التزلج في كردستان العراق، منشغلاً بعض الشيء بتنظيم المتدربين الذين استعدوا لبدء حصتهم التدريبية. عبد الله يأخذ على عاتقه إلقاء المحاضرات الشفهية عن اللعبة ثم يقوم بالتمارين الميدانية العملية.
جيل متسامح يؤمن بالحوار
ويقول عبد الله (38 عاماً) في حديث مع DW عربية: "يهدف المركز إلى خلق جيل متسامح يؤمن بثقافة الحوار واحترام الرأي الأخر، بعيداً عن التعصب الديني والطائفي والقومي الذي نشهده اليوم"، في إشارة إلى عدم التوافق واختلاف الرأي بين سياسي العراق جميعاً.
وعن مراحل التوعية في المركز، يكشف المدرب عن أن عملهم يتلخص في وضع برامج ثقافية ورياضية متنوعة من قبل أساتذة وخبراء في التنمية البشرية وعلم الاجتماع، "مستفيدين بذلك من التجربة الأسبانية"، على حد تعبيره.
وقامت منظمة نرويجية، خلال سبعينات القرن الماضي، ببعض النشاطات الرياضية والثقافية التي استهدفت الصغار الأسبان آنذاك، على خلفية تنامي الحواجز الثقافية واللغوية والعنصرية وتزايد حدة الخلاف بين إقليمي الباسك وكاتلونيا من جهة وبين العاصمة الأسبانية مدريد من جهة أخرى. وأهم هذه النشاطات هي رياضة (التزلج على الجليد بالإسكي).
وعن الصعوبات التي تواجه المركز، يوضح عبد الله "نفتقر إلى التجهيزات الرياضية فالمركز يحتوي على 20 مزلاجاً فقط وهذا عدد قليل جداً مقارنة بالإقبال المتزايد على اللعبة. ناهيك عن غياب المعدات التي تحافظ على نعومة الجليد والتنقل".
"على الرغم من افتقار منطقة بنجوين إلى المرافق السياحية كالفنادق والمطاعم ودور الاستراحة للسياح، إلا أنها تتمتع بطقس مثلج خلال فصل الشتاء (...) الأمر الذي دفعنا إلى اختيار المنطقة لتكون مقراً لنا"، يؤكد عبد الله.
ويطمح مركز المدرب عبد الله إلى تأسيس أول نادي خاص بهذه الرياضة، "الذي من شأنه أن يمثل العراق في الاستحقاقات والمنافسات الخارجية. بدأت رياضتنا تستقطب العديد من الفئات العمرية من كردستان وبقية المدن العراقية. أننا نحقق أهدافنا".