السودان- تواصل القتال وطرفا النزاع يتهمان بعضهما بخرق الهدنة
١٩ أبريل ٢٠٢٣تشهد الخرطوم ضربات جوية وانفجارات اليوم الأربعاء (19 نيسان/أبريل 2023) لليوم الخامس على التوالي، بعد انهيار اتفاق برعاية أمريكية لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما دفع الآلاف للفرار من العاصمة السودانية وغالبية السكان للبقاء في منازلهم ودولًا مثل اليابان للإعداد لإجلاء مواطنيها.
وسُمع دوي قصف مستمر وانفجارات عالية في وسط الخرطوم بالمنطقة المحيطة بمقر وزارة الدفاع والمطار الذي تجري معارك بين الجانبين للسيطرة عليه، وخرج من الخدمة منذ اندلاع القتال في مطلع الأسبوع. وتصاعد دخان كثيف إلى السماء.
وقال الجيش السوداني في بيان صباح اليوم إنه تصدى لهجوم جديد على محيط القيادة العامة و"نجح" في تكبيد خصمه خسائر كبيرة في الأرواح بجانب تدمير عدد من سياراته القتالية، ولم يتأكد ذلك من مصدر مستقل. وجدد بيان الجيش الدعوة لأفراد الدعم السريع لتسليم أنفسهم لأقرب وحدة عسكرية والانضمام لصفوف الجيش للخروج من حالة التمرد.
اتهامات متبادلة بخرق الهدنة
وسعت قوى خارجية من بينها الولايات المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع للسماح للسكان العالقين بسبب القتال لتدبير احتياجاتهم. وأشار الجانبان إلى اتفاقهما على وقف إطلاق النار اعتبارًا من السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت غرينتش) أمس الثلاثاء، لكن إطلاق النار لم يتوقف وأصدر كل منهما بيانًا يتهم فيه الآخر بخرق الهدنة. وقالت القيادة العليا للجيش إنها مستمرة في عمليات تأمين العاصمة والمناطق الأخرى.
وقالت واحدة من السكان على الأطراف الشرقية للخرطوم إنه بعد ضربات جوية وقصف بالمدفعية قرب منزلها أمس، استؤنف القتال الكثيف في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء قبل أن يهدأ مجددًا. وقالت: "لم نستطع النوم. فترة الهدوء الوحيدة كانت بين الثالثة والخامسة صباحًا".
وعلى الرغم من المخاطر وبينما يشهد القتال أحيانًا فترات هدوء قصيرة - الوقت للازم في أغلب الأحيان لإعادة شحن الذخيرة أو التنقل لبضعة شوارع - تمكنت مجموعات من العائلات من الخروج يوميًا من العاصمة.
شبيغل: توقف إجلاء المواطنين الألمان
وحتى الممثليات الدبلوماسية تحاول تنظيم نقل رعاياها. فهي لم تسلم من الهجمات إذ تعرضت قافلة دبلوماسية أمريكية لإطلاق نار الإثنين وتعرض سفير الاتحاد الأوروبي "لاعتداء في مقر إقامته" بالخرطوم.
من ناحية أخرى أفادت مجلة شبيغل الإخبارية نقلا عن مصادر لم تسمها أن مهمة للجيش الألماني لإجلاء نحو 150 مواطنا من السودان توقفت اليوم الأربعاء بسبب القتال الدائر في العاصمة الخرطوم. وقالت المجلة إن سلاح الجو الألماني كان قد أرسل ثلاث طائرات نقل من طراز (إيه.400.إم) لتنفيذ المهمة في وقت مبكر من صباح اليوم. وهبطت الطائرات في اليونان للتزود بالوقود.
وأحجم متحدث باسم وزارة الدفاع عن التعليق على التقرير، ولم ترد وزارة الخارجية حتى الآن على طلب عبر البريد الإلكتروني
للتعقيب، حسب رويترز.
انقطاع الكهرباء والمياه وإغلاق مستشفيات
منذ صباح السبت الماضي يجري قتال كثيف لأول مرة منذ عقود في أنحاء العاصمة السودانية. وأحصت الأمم المتحدة مساء الإثنين ما يقرب من 200 قتيل وأكثر من 1800 جريح في حين تؤكد نقابة الأطباء أنها مجرد حصيلة مؤقتة لأن ساحة المعركة خطيرة ولم يتم بعد جمع العديد من الجثث ولم يصل كثير من الجرحى لتلقي العلاج.
وأفادت الأأطباء بأن القتال تسبب بإغلاق سبعة مستشفيات في الخرطوم، بينما لم يعد بإمكان معظم المستشفيات الأخرى تقديم الرعاية أما بسبب نقص اللوازم الطبية والمعدات، أو لأن مقاتلين يحتلونها أو لأن الطاقم الطبي لم يتمكن من الوصول إليها تحت إطلاق النار.
وسبَّب انقطاع الكهرباء والمياه المتكرر نتيجة القتال معاناة للسكان في الأيام الأخيرة من شهر رمضان وأدى لتوقف العمل بمعظم المستشفيات. وطلبت شركة توزيع الكهرباء من سكان الخرطوم ترشيد استهلاك الكهرباء وقالت إن الخوادم المسؤولة عمليات شراء الكهرباء عبر الإنترنت تعطلت. وأضافت الشركة في بيان أن المنطقة التي توجد بها الخوادم شديدة الخطورة على المهندسين.
وأغلقت الشركات والمدارس أبوابها في العاصمة منذ بدء القتال، ووردت أنباء على نطاق واسع عن أعمال نهب واعتداء وتكونت طوابير طويلة أمام المخابز التي لا تزال تعمل. وقال أحد السكان في مدينة بحري قال إن اسمه محمد "معظم السلع غير متوفرة. الناس يبحثون عن احتياجات لكنهم لا يجدونها".
تداعيات إنسانية
تقول وكالات تابعة للأمم المتحدة إنه جرى تعليق الكثير من برامجها في الدولة مترامية الأطراف التي تعاني بالفعل من وضع إنساني غير مستقر. وكان كثير من السكان يخطط للانتقال جنوبًا إلى مناطق ريفية في ولاية الخرطوم أو ولاية الجزيرة في حالة استمرار وقف إطلاق النار.
واندلع القتال بعد تصاعد التوترات بين طرفي الصراع وهما قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو بسبب خطة لدمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.
ويرأس البرهان مجلس السيادة الحاكم الذي تشكل بعد انقلاب عام 2021 والإطاحة بالبشير في 2019. ويشغل دقلو المشهور باسم حميدتي منصب نائب رئيس المجلس. وأدى خلاف حول الجدول الزمني لتلك العملية إلى تأجيل توقيع الاتفاق الإطاري للانتقال إلى حكم مدني كان من المقرر توقيعه في وقت سابق من الشهر الجاري، وذلك بعد مرور أربعة أعوام على الإطاحة بعمر البشير وعامين على الانقلاب العسكري.
وتهدد أحداث العنف باجتذاب قوى من دول مجاورة للسودان تدعم كل منها أحد طرفي الصراع وربما تزيد من شدة التنافس على النفوذ بالمنطقة بين روسيا والولايات المتحدة.
م.ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)