1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السودان.. غموض يلف مفاوضات جنيف المرتقبة بعد فشل مباحثات جدة

١٣ أغسطس ٢٠٢٤

أعرب خبراء ونشطاء عن آمالهم في أن تسفر مباحثات جنيف المرتقبة عن إنفراجة لإنهاء القتال في السودان. يأتي ذلك رغم ما أفادت به تقارير عن احتمالية التأجيل في ضوء فشل مباحثات جدة بين الحكومة ومسؤولين أمريكيين.

https://p.dw.com/p/4jNTp
تصاعد دخان المعارك في سماء الخرطوم بسبب المعارك (19.04.2023)
يشير مراقبون إلى إمكانية تأجيل مباحثات جنيف المرتقبة في ضوء الغموض حيال مشاركة الحكومة (أرشيف)صورة من: Marwan Ali/AP/dpa/picture alliance

   

 أعلن مسؤول سوداني الأحد (11 أغسطس/آب 2024) انتهاء المباحثات التشاورية مع الولايات المتحدة بمدينة جدة دون التوصل إلى اتفاق حيال مشاركة وفد حكومي في محادثات مقررة في جنيف. وعزا محمد بشير أبو نمو، رئيس وفد حكومة السودان، الأمر إلى استمرار الخلاف بين الجانبين؛ إذ ترغب واشنطن في مشاركة الجيش في مفاوضات جنيف، بينما تؤكد الحكومة السودانية على أنها ستكون الجهة الرسمية التي سوف تتفاوض مع وفد الدعم السريع.

وقال أبو نمو إنه يتعين على قيادة الجيش تقرير ما إذا كانت تريد المشاركة في المفاوضات، مضيفا في منشور على موقع فيسبوك: "الأمـر كذلـك متـروك فـي النهايـة لقـرار القيـادة بتقديراتهـا".

وعقب ذلك، قالت الحكومة السودانية في بيان أوردته "وكالة السودان للأنباء" إن الوفد الأمريكي "لم يلتزم بدفع المليشيا المتمردة للالتزام بتنفيذ (إعلان جدة) الذي يتضمن الالتزام بحماية المدنيين في السودان ويستند على القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان".

وفي ضوء هذا التطور، تحدثت تقارير صحافية عن احتمالية تأجيل عقد مباحثات جنيف، التي كان من المقرر أن تبدأ الأربعاء (14 أغسطس/آب). وكانت الولايات المتحدة قد دعت طرفي الصراع في السودان إلى التباحث بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار يمهد الطريق أمام إنهاء الحرب المستمرة منذ 15 شهرا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

وإلى جانب دعوة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قدمت الولايات المتحدة الدعوة إلى كلا من مصر والإمارات والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" الإقليمية للمشاركة في المباحثات بصفة مراقب.

ويبدو أن مشاركة الإمارات تعد من إحدى العقبات الرئيسية في ضوء قلق الحكومة إزاء مشاركة دول خليجية يُنظر إليها بأنها تصطف إلى جوار قوات الدعم السريع. وفي ذلك، أشار البيان السوداني إلى "إصرار الوفد الأمريكي على مشاركة دولة الإمارات العربية كمراقب في اللقاء."

"علامات إيجابية" ولكن؟

يشار إلى أن مباحثات جنيف - في حال انعقادها - لن تكون الأولى من نوعها؛ إذ حاولت الولايات المتحدة العام الماضي الانخراط في وساطة لدفع الأطراف للتباحث في جدة، لكن هذه الجهود باءت بالفشل. كذلك استضافت جنيف محادثات سابقة أدارتها الأمم المتحدة، لكنها لم تسفر هي الأخرى عن الكثير.

ورغم الغموض حيال مشاركة الحكومة، تعتقد الولايات المتحدة إمكانية تحقيق انفراجة خلال مباحثات جنيف المرتقبة. وقد نقلت شبكة "إيه بي سي" الأمريكية عن مسؤول أمريكي كبير قوله إن "الوضع تغير بسبب هول ما يحدث أثناء الحرب، مما يقتضي التدخل". وأضاف المسؤول أن "هناك اتفاقا بين شركاء الولايات المتحدة في أفريقيا والخليج على ألا يستفيد أحد من حالة زعزعة الاستقرار."

يشار إلى أنه بعد الإطاحة بنظام  عمر البشير   في أبريل/ نيسان 2019، جرى تشكيل مجلس عسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان للإشراف على عملية الانتقال الديمقراطي في السودان، فيما كان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" نائبه.

لكن في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021، قام البرهان بانقلاب وأطاح بالحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك  وشكل البرهان مجلس سيادة برئاسته رغم الاحتجاجات الرافضة للعودة إلى الحكم العسكري والمطالبة بالعودة إلى التحول الديمقراطي في البلاد.

ومنذ أبريل/نيسان العام الماضي، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع معارك دموية.

ويقدر امتلاك الجيش السوداني بحوالي 200 ألف عنصر، فيما يقدر عدد قوات الدعم السريع ما بين 70 ألف إلى 100 ألف فرد، لكنها على النقيض من الجيش تعمل على غرار جماعات حرب عصابات.

وفيما يتعلق بالعتاد العسكري، يمتلك الجيش السوداني الكثير من المعدات العسكرية مثل الدبابات والمروحيات وقوات جوية، لكنه غير بارع في القتال مقارنة بقوات الدعم السريع، وفق مراقبين.

وسياسيا، يضغط وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أجل دفع قيادة الجيش إلى المشاركة في المفاوضات كطرف رئيسي. وفي ذلك، قالت تقارير إن الاتصال الهاتفي بين بلينكن والبرهان لم ينجم عنه أي تأكيد رسمي على مشاركة قيادة الجيش رغم أن الأخيرة كان منفتحة على الطرح.

من جانبه، قال الناشط السوداني أحمد عصام الدين، عضو منظمة "Sudan Uprising Germany" الحقوقية، إن إشراك كافة الجهات الفاعلة الخارجية أمر منطقي، مشيرا إلى أن الصراع بدأ بين جهتين عسكريتين تتنافسان على السلطة.

وفي مقابلة مع DW، أضاف عصام الدين أن "الولايات المتحدة و السعودية أدركتا ضرورة توسيع دائرة الأطراف المشاركة"، مضيفا "التقدم الذي أحرزته المحادثات الأخرى يرجع إلى ضم جهات فاعلة أخرى كانت تعمل بشكل منفصل. ولهذا السبب أعتقد أن هذا التطور قد يكون إيجابيا."

مخيمات النازحين السودانيين في المناطق الحدودية مع إثيوبيا
أدى القتال بالسودان إلى إجبار 12 مليونا على الفرار من منازلهمصورة من: UNCHCR

"نجاح غير مضمون"

ورغم ذلك، أقر عصام الدين بأن نجاح مباحثات جنيف ليس مضمونا في ضوء حالة الانقسام الحالية، محذرا من أن السودان "في خطر أنه يتجه نحو السيناريو الليبي".

بدورها، قالت هاجر علي، الباحثة في "المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية"، إن الأفكار الرئيسية حيال مباحثات جنيف لا تتماشى مع التطورات المتسارعة على أرض الواقع.

وفي مقابلة مع DW، أضافت "المقولة التي تشير إلى أن الثورة تأكل أبناءها يمكن أن تطبق على السودان في الوقت الراهن. أراد كل من دقلو والبرهان المضي قدما في تدشين نظام سياسي (مناسب) قائم على أفكارهما. وبسبب التحديات اللوجستية الهائلة المرتبطة بالقتال، اضطر كلا منهما إلى تفويض الكثير من المهام إلى ميليشيات محلية مع زيادة وتيرة التجنيد".

وأضافت "أسفرت النتيجة النهائية عن فقدانهما السيطرة بشكل متزايد على ديناميكيات الحرب".

وفي دراسة نُشرت في مايو/أيار الماضي، قال جيريت كورتز، الخبير في الشؤون السودانية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن الميليشيات باتت تستخدم الاقتتال لتحقيق أهدافها الخاصة. وأضاف "تسعى هذه الكيانات المسلحة غير الحكومية إلى تحقيق أهدافها الخاصة التي كانت تتطابق بشكل مؤقت فقط مع أهداف الجيش وقوات الدعم السريع وإن كان بدرجة أقل".

وفي تعليقها، قالت هاجر علي إن هذه المعطيات تضيف المزيد من التعقيد إلى مباحثات جنيف المرتقبة، مضيفة: "لدى الجهات الفاعلة مصالحها الخاصة على المستويين الوطني والمحلي لكن هذه الأهداف تتزايد على المستوى المحلي. لقد أصبح الوضع على الأرض أكثر تعقيدا ويتطلب نهجا مختلفا خلال محادثات السلام".

طفل سوداني فقد ساقه بسبب الحرب
بسبب القتال، يشهد السودان أكبر موجات النزوح في العالم صورة من: DW

إنهاء الأزمة الإنسانية

وتسبب القتال في إجبار 12 مليونا على الفرار من منازلهم، بحسب بيانات صدرت في يونيو/حزيران الماضي. وذكرت "لجنة الإنقاذ الدولية" أن أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول الجوار منذ اندلاع الصراع، فيما بلغ عدد النازحين داخل البلاد قرابة 10 ملايين شخص.

ويمثل ذلك أكبر أزمة نزوح في العالم وسط تحذيرات من نقص كبير في تمويل الغذاء والدواء وتجهيزات الإيواء. وتقول منظمات إن هناك حاجة ملحة إلى إنهاء القتال للحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية في ضوء أن 25 مليونا؛ أي ما يمثل نصف سكان السودان، باتوا في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

وقد حذرت منظمة "أطباء بلا حدود " و "برنامج الغذاء العالمي " من انتشار الجوع في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، الذي بات يؤوي ما بين 200 ألف و500 ألف نازح.

بدورها، ألقت "لجنة التوزيع الاتحادية" التابعة للحكومة السودانية، بظلال من الشكوك حيال الرقم، قائلة إن الظروف في مخيم زمزم  "لم تصل بعد" إلى حد المجاعة.

ويقول خبراء إنه في حالة حدوث مجاعة بالسودان فقد يدفع ذلك مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار يسمح للمنظمات غير الحكومية بالانخراط في عمليات إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، بيد أن بعض المسؤولين السودانيين يرون أن هذا الأمر سوف يوفر ذريعة للتدخل الدولي.

أعده للعربية: محمد فرحان

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات