السودان.. لا حل في الأفق وانتهاكات جديدة في دارفور
١٣ نوفمبر ٢٠٢٣الحرب المستعرة في السودان منذ أكثر مننصف عام لم تضع أوزارها بعد، والأمم المتحدة حذرت مجدداً من خطوة الاشتباكات العنيفة في دارفور، جنوب غرب السودان، بين قوات الدعم السريع، شبه العسكرية، وبين الجيش السوداني.
وفي أحدث فظائع الحرب في دارفور، لقي أكثر من 800 شخص في الاشتباكات في أردمتا غرب الإقليم، وهي واحدة من المناطق التي تكن متأثرة بشكل كبير في الصراع، لكنها باتت اليوم منطقة خطيرة وفق ما تؤكده سجلات المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، التي دقت ناقوس الخطر بسبب وقوع حالات عنف جنسي وتعذيب وقتل وطرد المدنيين في المنطقة.
ومن أكبر الأمثلة، ما وقع لقرية أبو حمرة في مدينة أم روابة، بولاية شمال كردفان، التي شهدت عنفاً خطيراً أدى إلى نزوح 76 عائلة، حسب ما أكدته المنظمة الدولية للهجرة. وقال شاهد عيان إنه شاهد جثتاً لأشخاص يرتدون ملابس عسكرية، ممدة في الشوارع، بعد نهاية الاشتباكات.
مواجهة الكارثة الإنسانية
ويقول توبي هاروارد، المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في إقليم دارفور، في تغريدة على موقع إكس (تويتر سابقاً) إن المعارك الجديدة تؤكد حدة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، مؤكداً أن مئات الآلاف من المدنيين والنازحين الموجودين في منطقة الفاشر، شمال دارفور، يواجهون خطراً كبيراً، بسبب تدهور الوضع الأمني، ونقص الطعام والمياه، وضعف الخدمات.
وأكد أنه في حالة اشتباك طرفي الحرب لأجل محاولة السيطرة على هذه المنطقة، فإن ذلك سيؤزم الوضع الإنساني أكثر وستكون له تأثيرات هائلة على المدنيين. وتؤكد تقارير تقدم قوات الدعم السريع في المنطقة وسط مشاكل كبيرة في إجراء الاتصالات بالمنطقة.
بدأ الصراع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو شهر أبريل/نيسان الماضي، بسبب خلافات حول من يقود البلد، ورفضاً من "الدعم السريع" لقرار قيادة الجيش بحلها. وكان الاثنان على شراكة بعد الانقلاب على الحكومة المدنية عام 2021 لكن علاقتهما توترت كثيراً في الأشهر ما قبل الحرب.
أدت الحرب إلى نزوح حوالي 4.8 مليون شخص داخل السودان، بالإضافة إلى 1.2 مليون شخص فرّوا إلى البلدان المجاورة. وخلق النزاع مخاوف كبيرة من تكرار التطهير العرقي لفئات من السكان، خصوصاً في إقليم دارفور، كما حدث في بداية الألفية على يد ميليشيا الجنجويد.
وقال دومنيك هايده، مسؤول من مفوضية اللاجئين لـDW إن النزاع كان يمكن تجنبه وتجنب آثاره الخطيرة، متابعاً: "نحن نتكلم عن نزاع أدى إلى نزوح حوالي ستة ملايين شخص داخل وخارج السودان، وهو نزاع كان يمكن وقفه".
فيما يقول مصطفى عاصم خالد، أب لأربعة أبناء، اضطر رفقة أسرته للنزوح، إنه من الصعب العثور على الحاجيات الأساسية، مضيفاً لـDW: "نحتاج كل شيء: الأمن والسلام، وضروريات الحياة كالكهرباء والماء والطعام".
المخاوف كبيرة
ويؤكد دومنيك هايده أن المخاوف مشروعة، خصوصاً أن الدعم الإنساني يواجه مشاكل كبيرة. ويضيف: "الوضعية صعبة للغاية. كل مؤسسات الأمم المتحدة وكذلك المنظمات غير الحكومية تعمل معاً، لكن ذلك غير كافٍ للتجاوب مع الاحتياجات".
ومن النقاط التي تتركز فيها المعاناة، هناك مراكز استقبال النازحين، وهي التي كانت في السابق مخصصة للطلاب، لكن تم تحويلها إلى نقاط سكن جماعي. ويتحدث دومنيك هايده عن أن هذه المراكز تستقبل أكثر من طاقتها، وهي بُنيت في الأصل لإيواء ثلاثة آلاف شخص، لكنها تستقبل حالياً عشرين ألف نازح.
وأغلقت المدارس في عدة مناطق في السودان أبوابها بسبب الحرب، وتحولت إلى ملاجئ للنازحين. لكن ذلك لا يمنع الخطر على مستقبل الملايين من الأطفال الذين توقفوا عن الدراسة.
ويطالب دومنيك هايده بوقف لإطلاق النار، متابعا: "نحتاج حلاً سياسياً حتى يتمكن هؤلاء الناس من العودة إلى ديارهم وأعمالهم، ويتمكن الأطفال من العودة إلى مدارسهم، وبالتالي تعود الحياة مجدداً لطبيعتها. هذا الوضع لا يمكن أن يستمر".
ورغم استئناف المفاوضات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بوساطة أمريكية وسعودية وعدد من دول شرق إفريقيا وكذلك الاتحاد الإفريقي، فلا تظهر مؤشرات قوية لإنهاء النزاع قريباً.
وأكد تصريح صحفي من الجهات التي تتوسط لإنهاء النزاع أنهم "يتأسفون أن كل الأطراف لم تستطع الاتفاق على آليات لوقف إطلاق النار"، رغم إظهار هذه الأطراف "التزاماً فردياً فيما يخصّ تسهيل الدعم الإنساني".
جيمس شيمانيولا/إ.ع