السوريون في ألمانيا: قلق وخوف وسعي للدعم المالي
٥ سبتمبر ٢٠١٣تقول رائدة شبيب في مقابلة لها مع DWعربية إن شعورها بالانتماء لوطنها الأم سوريا بدء بشكل حقيقي قبل عامين، أي بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. فقد ولدت رائدة في مدينة بون وهي من عائلة سورية، حيث جاء والدها في مطلع ستينيات القرن الماضي لدراسة الطب في ألمانيا، ثم التحقت به أمها بعد ذلك بوقت قصير. ولهذا كانت رائدة تعتبر سوريا، حتى وقت قصير، بلدا بعيدا. ورغم اتصالها بين الفينة والأخرى بأقاربها هناك، إلا أن زياراتها لسوريا كانت محدودة.
ولكن في الوقت الحالي تتابع رائدة الوضع في سوريا عن كثب، حيت تتبادل المعلومات والآراء مع المواطنين السوريين عبر الفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. فهي، على حد تعبيرها، لم تعد تثق بوسائل الإعلام الألمانية: " الأخبار الألمانية هي بالنسبة لي مثال لتخفيف حجم الأحداث وتحريفها". فالتقارير والفيديوهات والصور التي ينشرها الشهود العيان في عين المكان يتم التخفيف من حدتها وإضعاف مضمونها من طرف وسائل الإعلام المحلية، التي تستخدم بعض العبارات مثل:"ربما"، "لا أحد يعرف من هو وراء ذلك" " مزاعم" وغيرها من الكلمات، التي لا تعكس الحقيقة، على حد قولها.
الاغتصاب والتعذيب
وغادر معظم أقارب رائدة سوريا بسبب الأزمة المستمرة منذ أكثر من عامين، فعمتها وابنة عمتها مثلا تعيشان الآن في المملكة العربية السعودية. ولكنهما على اتصال وثيق مع جيرانهم السابقين في العاصمة دمشق، حيث يحصلون منهم على الكثير من المعلومات "الموثقة" حول الوضع المأساوي على أرض الواقع. وهي معلومات تفيد بتعرضهم مرارا وتكرارا للقصف الجوي، بالإضافة إلى جرائم الاغتصاب والتعذيب من قبل الجيش النظامي.
ولهذا تعتبر رائدة بأن تقاعس المجتمع الدولي "أمر غير مقبول تماما". فحسب وجهة نظرها، ينبغي على المجتمع الدولي فرض حظر صارم على الأسلحة التي تصل إلى سوريا، بما في ذلك الأسلحة التي تصل إلى النظام من روسيا. ولكنها ضد التدخل العسكري المرتقب، الذي تعتقد أنه قد يكون له انعكاسات سلبية، ومن شأنه أن يساهم في تأجيج الأوضاع وتصعيد حدة الحرب الأهلية الجارية منذ أكثر من عامين.
الخوف من المخابرات
لكن أحمد لا يشاطر هذا الرأي، فهو يرى أن الضربة العسكرية المحتملة ضد النظام السوري ستكون ردا مناسبا على تجاوز النظام لكل الحدود باستخدامه للأسلحة الكيميائية ضد شعبه: "إذا لم يكن هناك رد فعل من المجتمع الدولي، فإن الأسد سيواصل نهجه، وأنا متأكد من ذلك".
وولد أحمد وترعرع في سوريا وجاء قبل خمس سنوات لإعداد رسالة الدكتوراه في ألمانيا. وامتنع أحمد الكشف عن اسمه الكامل، خشية أن يكون لذلك عواقب على عائلته في سوريا، خاصة وأنه قد سبق للمخابرات السورية أن كانت في بيت والديه لثلاث مرات.
وشأنه شأن العديد من السوريين في ألمانيا ،يحصل أحمد على المعلومات حول الوضع في سوريا بشكل أساسي على شبكة الإنترنت، حيث كان يقضي في البداية ما يصل إلى ست ساعات في اليوم في متابعة الفيسبوك ويوتيوب. وهي وسائل اتصالات وحيدة يعتبرها أهم المصادر للوصول إلى المعلومات "قبل أن تتم تصفيتها".
ويستبعد أحمد العودة إلى سوريا في ظل الظروف الحالية. ولكونه من ذوي الكفاءات العالية، فيمكنه البقاء في ألمانيا حتى بعد إنهائه لرسالة الدكتوراه، فمنذ عام 2012 يجري العمل بما يسمى ب "البطاقة الزرقاء"، التي تسمح لذوي الكفاءات العالية بالعمل في دول الاتحاد الأوروبي.
"جميع الخطوط مشغولة"
عائشة الهواري جاءت هي الأخرى إلى ألمانيا في ربيعها الثالث صحبة والديها، اللذين هربا من الاضطهاد السياسي في سوريا، حيث لم يستطع والدها الاستمرار في وظيفته كأستاذ في جامعة دمشق.
وتشتكي عائشة، التي تعمل حاليا كطبيبة أسنان، من عدم قدرتها على السفر إلى سوريا بسبب الأوضاع السياسية المزرية، وذلك على الرغم من أن جزءا كبيرا من عائلتها يعيش في دمشق. وتضيف عائشة: " الاتصال الهاتفي لا يكون دائما سهلا". وخاصة عندما تظهر أخبار جديدة في وسائل الإعلام تتعرض الخطوط الهاتفية لضغط كبير. وفي هذا الصدد تضيف عائشة: " في بعض الأحيان تحاول لساعات الاتصال ولكنك لا تتمكن من ذلك. وحتى خطوط الإنترنت تتوقف في بعض الأحيان."
جمع التبرعات
من جهتها تحاول عائشة الهواري من ألمانيا البحث عن سبل لتقديم المساعدات لوطنها الأم، حيث تقوم بتنظيم فعاليات لجمع التبرعات. وقد استطاعت في آخر فعالية جمع حوالي 27 ألف يورو تم تخصيصها مساعدة الأيتام والأرامل في سوريا.
وتأمل عائشة على المدى الطويل في العودة مع زوجها إلى سوريا، رغم أنها لا تعرف الكثير عن هذا البلد، حيث تقول:" لكنني أعتقد أن ذلك سيأخذ وقتا طويلا." فحتى لو سقط نظام الأسد فإنها تعتقد أن سوريا ستحتاج إلى وقت طويل "لتصبح دولة مستقرة وآمنة من جديد".
.