السيسي في موسكو- توجه جديد أم حاجة ملحة لروسيا؟
١٢ أغسطس ٢٠١٤تحمل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى موسكو الكثير من الدلالات، خاصة وأنها أول زيارة له خارج المنطقة، وذلك بعد ساعات فقط من زيارة رسمية قام بها إلى المملكة العربية السعودية، حيث أجرى مباحثات مع عدد من المسؤولين السعوديين وفي مقدمتهم الملك عبد الله بن عبد العزيز.
ويرى المراقبون أن زيارة السيسي إلى روسيا تأتي في ظل الأزمة الاقتصادية والأمنية التي تعيشها مصر بصفة خاصة والمنطقة بصفة عامة. فالاقتصاد المصري المتعثر يحتاج إلى شركاء اقتصاديين دوليين، وإلى استثمارات وأموال خارجية لتحريك الآلة الاقتصادية التي تأثرت بفعل عدم الاستقرار منذ ثورة 25 يناير 2011. لكن ماذا يمكن لروسيا أن تقدمه إلى مصر؟ ولماذا غير السيسي بوصلة مصر باتجاه روسيا بدلا من الولايات المتحدة التي طالما كانت الداعم الأكبر للاقتصاد المصري؟ وهل يريد السيسي تقوية علاقات بلاده بالدب الروسي على غرار ما فعله الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر؟
عين السيسي على السلاح الروسي
بداية زيارة السيسي كانت بمدينة سوتشي الروسية، التي يتباهي بها الرئيس الروسي فلادمير بوتين أمام العالم، خاصة بعد نجاح هذه المدينة في تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014. هناك تفقد السيسي بعض المعدات العسكرية الروسية، من بينها ناقلة جنود مدرعة وأنظمة صواريخ ومدفعية مضادة للطائرات. "فمصر تعول على صادرات السلاح الروسية، خاصة وأنها تواجه عقبات بشأن المعونات العسكرية الأمريكية الموجهة إليها"، كما يؤكد ذلك الدكتور معتز سلامة، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية.
وكانت صحف روسية قد ذكرت في وقت سابق أن روسيا ومصر على وشك إبرام عقود لشراء أسلحة بقيمة تفوق ثلاثة مليارات دولار. و ذكرت صحيفة فيدوموستي الاقتصادية أن الصفقة مكونة من طائرات قتالية من طراز ميغ-29 وأنظمة دفاع مضادة للطيران من مختلف الأنواع ومروحيات ام اي-35" وغيرها من الأسلحة الروسية. هذه الصفقة تم الحديث عنها أثناء زيارة السيسي لموسكو في فبراير الماضي، حينما كان وزيرا للدفاع آنذاك.
روسيا كبديل لواشنطن؟
ويبدو أن روسيا، احد اكبر مصدري الأسلحة في العالم، تأمل في تعزيز تعاونها العسكري مع مصر، شريكتها منذ فترة الاتحاد السوفيتي، على خلفية برود العلاقات بين القاهرة وواشنطن من جهة وتوتر العلاقات الروسية مع الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية من جهة أخرى. ويرى الدكتور يوري فينين، كبير الباحثين بمعهد العلاقات الدولية في موسكو، أن "الظروف الدولية مواتية لإعادة دفع العلاقات المصرية الروسية والوصول بها إلى تلك المستويات التي كانت عليها في الحقبة الناصرية"، ويؤكد بالقول: "إن توجه السيسي إلى روسيا يأتي في إطار البحث عن بدائل وخيرات أخرى وصولا إلى استقلالية القرار المصري بعيدا عن الضغوط التي قد يمارسها بعض اللاعبين الدوليين"، في إشارة إلى التلكؤ الأمريكي في تزويد مصر ببعض المعدات العسكرية على خلفية ثورة 30 يونيو، حيث جمدت واشنطن مساعداتها العسكرية للقاهرة مباشرة بعد عزل الجيش للرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي.
وبالرغم من هذه المعطيات إلا أن القاهرة بعثت بإشارات إلى واشنطن مفادها أن مصر لا تستبدل علاقاتها الإستراتيجية بالولايات المتحدة بعلاقات أخرى مع روسيا. وهو الأمر الذي يؤكده لنا الدكتور معتز سلامة بالقول:" إن المسؤولين المصريين أكدوا مرارا أن استبدال هذه العلاقات مستحيل، خاصة في خضم العلاقات الدولية الراهنة، فللولايات المتحدة مكانة خاصة سواء في العالم أو منطقة الشرق الأوسط"، لكن الباحث في بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية لا يخفي أن "لمصر خيارات أخرى في سياستها الخارجية، ومن هذا المنطق فإنه من المهم أن تتوجه مصر بحرية أكبر بشأن تطبيق رؤيتها للقضايا الداخلية والإقليمية في حال اختلفت مع الولايات المتحدة الأمريكية".
تبادل تجاري واعد
من جانبه يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى فرص تجارية وتنموية أكبر مع مصر خاصة في ظل اشتداد حجم العقوبات الغربية على بلاده على خلفية الأزمة الأوكرانية. وأكد بوتين بعد لقائه مع السيسي أن روسيا ستَمد مصر بـ 5.5 مليون طن من القمح بدل 3.6 مليون طن، كما ستزيد من وارداتها الزراعية من مصر بنسبة 30 بالمائة. من جانبه قال السيسي إنه بحث مع بوتين فرص إنشاء مركز صناعي روسي في مصر في إطار مشروع تطوير قناة السويس. ويرى الدكتور يورين فينين، الباحث في معهد العلاقات الدولية في موسكو أن روسيا بحاجة ماسة إلى مصر في الوقت الحالي من اجل زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، خاصة و أن مصر تعتبر نقطة وصل تجارية مهمة بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى إمكانية تطوير العلاقات الثقافية والسياحية بين البلدين، علمنا بان حوالي مليون سائح روسي يزورون مصر سنويا".