الشقيقان كليتشكو – من هامبورغ بدأت رحلة الألقاب
١٣ ديسمبر ٢٠١٤ظاهرة الشقيقين الأوكرانيين كليتشكو سيطرت على عالم ملاكمة الوزن الثقيل منذ بداية الألفية تقريبا. الشقيق الأكبر فيتالي من مواليد (19 تموز/ يوليو 1971)، بينما الشقيق الأصغر فلاديمير من مواليد (25 آذار/ مارس 1976). وبعكس أغلب الملاكمين الكبار، الذين نشأوا في أسر متواضعة، كانت والدتهما معلمة، ووالدهما كولونيل في طيران جيش الاتحاد السوفيتي السابق.
أراد الوالدان لولديهما ممارسة تنس الطاولة، لكن الشقيق الأكبر فيتالي كان له رأي آخر. إذ اتجه منذ الرابعة عشرة من العمر للتدرب في ناد الجيش السوفيتي في العاصمة الأوكرانية كييف. وبجانب الملاكمة كان فيتالي يمارس رياضة كيك بوكسينغ،غير البعيدة عن الملاكمة. ونجح في الحصول على احد ألقابها العالمية عام 1991. بيد أن رغبته كانت تصب بصالح الملاكمة وحدها، فانقطع عن الكيك بوسكنغ. وفي عام 1995 حصل على فضية بطولة العالم بالوزن الثقيل في الملاكمة للهواة.
إبعاد وذهبية
شارك فيتالي في أولمبياد اطلنطا عام 1996، لكنه اُبعد عن المنافسات بعد اكتشاف احد المنشطات في دمه. وحمّل فيتالي طبيبا مسؤولية ظهور المنشط بجسمه، بسبب تناول دواء خاطئ كان يساعده على العلاج من إصابة ألمت به. وكبديل عنه استدعت اللجنة الاولمبية الأوكرانية شقيقه الأصغر فلاديمير البالغ من العمر عشرين عاما، الذي بدأ الملاكمة في الرابعة عشرة من عمره، كشقيقه.
لم يخيب فلاديمير ظن شقيقه ولا ظن الأوكران، فخطف الذهبية الأولمبية بالوزن الثقيل، كأول ابيض يحمل اللقب منذ 36 عاما، لينضم إلى أسماء كبيرة نجحت في الفوز بالذهبية الأولمبية، كجو فريزر ومحمد على كلاي وجورج فورمان. ولم ينتظر الشقيق الأصغر طويلا لينتقل إلى عالم الاحتراف، وينضم إليه شقيقه الأكبر فيتالي وينتقلان معا إلى مدينة هامبورغ الألمانية، تحت إشراف مدير الملاكمة الألماني كلاوس – بيتر كول. وفي السادس عشر من نوفمبر 1996 دخل الشقيقان في نفس اليوم حلبة الملاكمة. ففاز فلاديمير على منافسه بالضربة الفنية القاضية في الجولة الأولى وفيتالي على منافسه في الجولة الثانية، ليدخلان رسميا عالم الاحتراف.
اعتزال وعودة
انتهت اغلب لقاءات الشقيقين ضد منافسيهم بالضربة الفنية القاضية لصالح احدهما. ونجح فيتالي في تحطيم الرقم القياسي للملاكم مايك تايسون بالفوز بالضربات القاضية وفاز عام 1999 بلقبه العالمي الأول بالوزن الثقيل، وحمل حزام الاتحاد الدولي للملاكمة ودافع عنه مرتين، قبل أن يخسره لصالح الأميركي كريس بايرد عام 2000، بسبب إصابة بالكتف.
اضطر بعدها فيتالي للجوء إلى الراحة لستة أشهر بسبب الإصابة. لكن فلاديمير أعاد للأسرة كرامتها فهزم كريس بايرد في أكتوبر من عام 2000 واستعاد منه الحزام ودافع عنه خمس مرات متتالية، قبل أن يخسره فجأة عام 2004 أمام الملاكم الجنوب أفريقي كوري ساندرز. ولم ينتظر الشقيق الأكبر طويلا، فتحدى ساندرز وهزمه وأعاد الحزام إلى الأسرة مرة أخرى في أبريل عام 2004. لكن فيتالي عانى مرات من الإصابات فاعتزل الملاكمة في نوفمبر عام 2005.
الحظ السيئ أصاب فلاديمير أيضا ، فخسر عام 2004 أمام الأميركي لامون برويتسر، وتعالت الأصوات المطالبة باعتزاله واللحاق بشقيقه الأكبر. لكن فلاديمير قبل تحدي الجماهير وتحدي الملاكمين، فهزم عام 2006 غريمه السابق كريس بايرد وخطف منه لقب الرابطة العالمية للملاكمة ونجح حتى اليوم بالحفاظ عليه، والدفاع عنه في 11 تحديا. ومنذ ذلك الحين احتكر الشقيق فلاديمير بجانب هذا الحزام، حزام الاتحاد الدولي للملاكمة، وحزام المنظمة العالمية للملاكمة. وحزام منظمة الملاكمة العالمية، ( IBF، WBO،WBA، IBO).
عودة جديدة
لم ينتظر الشقيق الأكبر فيتالي طويلا، فعاد عام 2007 إلى الحلبة، متحديا بطل المجلس العالمي للملاكمة سامويل بيتر وفاز عليه من دون صعوبة. ودافع عنه حتى شهر شباط / فبراير 2012 ثمانية مرات، ليجمع الشقيقان أهم ألقاب البطولات العالمية.
سيطرتهما على حلبات الوزن الثقيل، وكسرها لسيطرة الملاكمين الأميركان على الوزن الثقيل لم تحدث سابقا في تأريخ الملاكمة. كما عرضتهما للانتقادات بدعوى قبولهما غالبا النزال أمام متحدين ضعفاء. ولكن أين المتحدين الكبار منهما؟. وطرح السؤال كثيرا على الشقيقين إن كانا يوما سينازلان بعضهما، وكان الجواب دائما بالرفض، نزولا عند رغبة أمهما التي سمحت لهما بدخول عالم الملاكمة بشرط أن لا يتقابلان في نزال أبدا.
آخر نزال لفلاديمير كان خلال فوزه بالضربة الفنية القاضية على متحديه البلغاري كوبرات بوليف في الجولة الخامسة في مدينة هامبورغ شهر نوفمبر الماضي. رفع عندها فلاديمير عدد انتصاراته إلى 63 من إجمالي 66 نزالا. وتجرع حينها منافسه بوليف البالغ من العمر 33 عاما، أول هزيمة له في 20 نزالا.
وبينما يستمر الشقيق الأصغر فلاديمير المعروف بـ"المطرقة الحديدية" في الدفاع عن ألقاب الأسرة. انسحب فيتالي نهائيا من عالم الملاكمة وتفرغ لعالم السياسة، فعضو البرلمان أصبح عمدة كييف في الانتخابات الأخيرة.
ولا يقابل الشقيقان بالاحترام في بلدهما الأم أوكرانيا فقط، بل في بلدهما الثاني ألمانيا. فمن المعروف عن الشقيقين طبعهما المؤدب واحترامهما للرياضة وسلوكهما الذي لم يدل يوما عن عدوانية تجاه الآخرين. كما أنهما يدعمان منظمة اليونسكو ويقومنا بمشاريع خيرية كثيرة.