Online-Journalismus
١٥ مارس ٢٠٠٨شهدت السنوات الخمس الأخيرة تصاعدا ملحوظا في أهمية الإنترنت للصحافة، حيث تأسس نوعا جديدا من الصحافة الإلكترونية. هذا الأمر انعكس إيجابا على حرية التعبير والرأي والعمل الصحفي، لكن في نفس الوقت زادت التحديات التي تواجه الصحفيين من قبل الرقابة الحكومية. هذا الموضوع كان محور مؤتمر "الصحافة الإلكترونية ـ الفرص والتحديات" الذي عقد في العاصمة الألمانية برلين يوم الخميس الماضي (13 آذار/مارس 2008) وشارك فيه صحفييون من مختل دول العالم. وبهذه المناسبة حاور موقع دويتشه فيله كل من ميشايل ريديسكه، المتحدث باسم منظمة مراسلون بلا حدود في ألمانيا، و فيرنر دي إنكا أحد ناشري صحيفة فرانكفورتر الغماينه التي تعد من الصحف الألمانية العريقة.
دويتشه فيله: السيد ريديسكه، كيف أثر صعود الصحافة الإلكترونية على الحرية الصحفية بحسب وجهة نظر منظمتكم "مراسلون بلا حدود"؟
ريديسكه: لقد خلقت الصحافة الإلكترونية فضاءات جديدة أما الأشخاص العاديين والصحفيين والناشطين السياسيين، حيث أتاحت الإنترنت لهم مجالا للتعبير عن أرائهم لم يكن متاحا لهم من قبل. فقد خفض الإنترنت من العوائق التي كانت تحول بين المرء والنشر الإعلامي. و يستطيع المرء اليوم بوسائل بسيطة أن يبدأ بالتدوين في الإنترنت وأن يرسل المعلومات التي يريدها وكذلك أن يستقبل كما كبيرا من منها. ولكن من ناحية أخرى فإن السلطات الحكومية في الدول التي لا تدعم حرية المعارضة، مثل الصين وكوبا، أصبح لديها من خلال الإنترنت قدرات كبيرة على مراقبة ما ينشر ويكتب. وخصوصا في الصين فإن السلطات هناك تستخدم الوسائل التكنولوجية من أجل منع بعض الصفحات في الإنترنت. إن الحالة السائدة حاليا هي عبارة عن "سباق تسلح" بين الناشطين السياسيين والرقابة.
حسب الأرقام التي أصدرتها منظمتكم فقد زاد عدد الصحفيين الذي قتلوا في السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تقارب 250 بالمائة، وبأنه يتم اعتقال صحفي كل يومين في المتوسط. هل لهذا الأمر علاقة بانتشار الصحافة الإلكترونية ي السنوات الأخيرة؟
ريديسكه: لا. إن عدد الصحفيين الذي قتلوا زاد بسبب الحروب الأهلية، وخصوصا في العراق، الذي سقط فيه نصف عدد الصحفيين الذي قتلوا في الفترة الماضية. كذلك الأمر في أفغانستان. إن الصحافة الإلكترونية أدت إلى زيادة حالات القمع، حيث زاد عدد الصحفيين المعتقلين، خصوصا في الصين وبورما وغيرها. ويبلغ عدد الصحفيين المعتقلين حاليا 120 وهناك 60 معتقلا آخرين من الناشطين المعارضين الذين يكتبون في الإنترنت.
إذن، هل أتت الصحافة الإلكترونية بمزيد من التحديات والصعوبات لحرية الصحافة أم لا؟
ريديسكه: بالنسبة للبعض فإن الصحافة الإلكترونية خلقت فرصا لنشر الأفكار، ولكن الوصول إلى الجمهور العريض وتجاوز الرقابة لا يحدث إلا في حالات قليلة. ففي روسيا على سبيل المثال لا توجد رقابة قوية على الإنترنت، حيث أن السلطات هناك لا ترى في ذلك أمرا مهما لأن هذه السلطات تسيطر على التلفاز والراديو وحتى الصحف.
هل تنتظرنا في عام 2008 أوقات أفضل من عام 1995، حين لم يكن الإنترنت منتشرا بقوة؟
ريديسكه: يجب أن خوض الحرب من أجل حرية الصحافة من جديد في كل مرة. وحيثما نجحت الإصلاحات الديمقراطية فإننا نجد حرية الصحافة متقدمة. ولكن من الممكن أن تسقط حرية الصحافة فجأة. لذا فإن هذه هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بكلمة واحدة: نعم أو لا.
وطرحنا في هذا السياق أسئلة على السيد فيرنر دي إنكا أحد ناشري صحيفة فرانكفورتر ألغماينه.
دويتشه فيله: بشكل متكرر نسمع شكاوى تقول إن الصحافة الإلكترونية أثرت سلبا على قواعد العمل الصحفي. هل تمر الصحافة المكتوبة ذات المستوى العالي حاليا بأزمة بسبب صعود الصحافة الإلكترونية؟
دي إينكا: لا، إنني لا أرى الأمر بهذه الصورة. لقد قيل إن على الصحافة الإلكترونية أن تلتزم بنفس قواعد العمل الصحفي المعروفة، وأنا أؤيد هذا المطلب بشكل كامل.
ولكن على الرغم من ذلك فإننا كثيرا ما نسمع أن ظروف الإنتاج الصحفي أصبحت أكثر صعوبة. فلقد أصبح هناك ضغط كبير لمواكبة الحدث وذلك بسبب انتشار الصحافة الإلكترونية..
دي إينكا: بالتأكيد فإن الضغط في الصحافة الإلكترونية من أجل الإسراع في العمل لمواكبة الحدث هو أكبر بكثير من الضغط السائد في الصحافة المكتوبة. ولكن هذا الأمر سائد أيضا في مجال الراديو والتلفاز. وفي الصحافة المكتوبة كثيرا ما يتم مناقشة كيفية معالجة الخبر في نسخة اليوم التالي من الصحيفة. إن عملية اتخاذ القرار بشأن كون المادة الصحفية قابلة للطبع أما لا هي عملية قديمة بقدم الصحافة نفسها. وهذه العملية أصبحت أكثر أهمية مع تسارع حركة المعلومات. ولكن يجب أن لا نجبر أنفسنا على فعل أشياء لا يمكننا الدفاع عنها. أنا أعتقد أنه حتى في عالم الصحافة المكتوبة فإنه مع الوقت سيتميز السمين عن الغث وسيسود الإتقان على التفريط في العمل.
هل يسعدكم وجود الصحافة الإلكترونية إلى جانب الصحافة المكتوبة أم أنكم قلقون من فقدان قواعد العمل المهني؟
دي إينكا: إن للأمر وجهان. فالإنترنت تقدم لنا كنوزا من المعلومات تفيدنا في العمل، خصوصا إذا ما تعامل المرء مع هذه المعلومات بشكل نقدي مثلما هو الأمر في التعامل مع مصادر المعلومات الأخرى. إن ما يقلني هو اتجاه بعض الصفحات الإخبارية الجادة في الإنترنت إلى اجتذاب مستخدمي الإنترنت بوسائل سطحية مثل استخدام الصور وغيرها. إنني متأكد أن الأمور في الإنترنت تتغير حاليا، فكلما زادت سرعة نشر المعلومات في الإنترنت كلما زاد لدى مستخدمي الإنترنت الطلب على مادة إعلامية ذات مدة صلاحية أطول، وكلما زاد أيضا عدد الأشخاص الذين يبحثون عن مؤسسة إعلامية تغربل لهم الغث من السمين المتناثر في عالم الإنترنت. ومن المحتمل أن الصحيفة المطبوعة هي التي سيكون لها هذا الدور، لأنها ليست واقعة تحت ضغط الإسراع في نشر الأخبار كل عشرة دقائق، مثلما هو الحال في الصحافة الإلكترونية. ولكن على الصحف أن تغير نفسها، فهي لم تعد المصدر الأول للمعلومات كما كان الأمر سابقا، وفي الواقع فإن عملية تأقلم الصحف مع الوضع الجديد جارية.