العراق وسوريا: مشتركات ومفترقات
٢٠ مايو ٢٠١١أول الكلام
تعمّق الارتباط والتنافس السياسي بين الشام والعراق منذ عهد الخلفاء الراشدين في صدرالإسلام، حيث اشتد الصراع بين الخليفة الإمام علي بن أبي طالب ومعه أهل العراق ومقره الكوفة آنذاك وبين والي الشام معاوية بن أبي سفيان ومقره دمشق، ثم قامت الدولة الأموية بفرعيها السفياني والمرواني فاتخذت من دمشق عاصمة للدولة الإسلامية. وبعد تاريخ دام بين العراق والشام ( الذي تمثل سوريا جزءا منه)، وبقيام الدولة العباسية انتقلت عاصمة الخلافة الإسلامية إلى بغداد.
وفي القرن العشرين، ارتبطت العلاقات العراقية - السورية بشكل وثيق بالتغيرات السياسية في كل منهما، بل إن كل تطور داخلي أو خارجي في سياسة إحداهما كان دائما يؤثرعلى الدولة الأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر بشكل يفوق ما هو حاصل في معظم الدول الأخرى في العالم ذلك للقرب التاريخي والجغرافي والاجتماعي بين البلدين.
حتى نهاية الحرب العالمية الأولى كان كلا البلدين جزءا من الدولة العثمانية التي دخلت الحرب إلى جانب ألمانيا ضد دول الحلفاء وقد وقع العراق الذي كان يتكون من ولايات البصرة وبغداد والموصل في قبضة الانتداب البريطاني في حين سيطرت على سوريا قوات الثورة العربية القادمة من الحجاز بقيادة الأمير فيصل بن الشريف حسين الذي أعلن ملكا على سوريا بدعم بريطاني فرنسي وكان معظم أركان حكومته من العراقيين (مثل جعفر العسكري وياسين الهاشمي ونوري السعيد ومولود مخلص..الخ).
عام 1920، منعطف تاريخي
وتنقل موسوعة ويكيبديا الشعبية أن ( عام 1920 شهد أحداثا عديدة أثّرت على مجرى التطور اللاحق للبلدين ففي نيسان من هذا العام عقد مؤتمر الحلفاء في سان ريمو بإيطاليا الذي أعلن فرض الانتداب البريطاني على العراق والفرنسي على سوريا وفي حزيران من العام نفسه اندلعت الثورة العراقية التي عرفت فيما بعد بثورة العشرين ضد الانتداب البريطاني .
في 20 تموز من العام نفسه وقعت في الشام معركة ميسلون التي انتهت باحتلال الفرنسيين لدمشق وإسقاط حكومة الملك فيصل. كانت الحدود بين البلدين غير مرسومة في تلك المرحلة، إلا أن خط الحدود العثماني بين الولايات العراقية والسورية كان نهر الخابور ولذلك فان مدن البو كمال والميادين ودير الزور كانت مدنا عراقية حسب هذه الحدود حتى أواخر عام 1919 حيث شنت قوات سورية وعشائر هجوما على هذه البلدات وأسرت الضباط البريطانيين فاعترفت بريطانيا بالأمر الواقع وتم تعديل الحدود إلى وضعها الحالي.
في أواخر أربعينات القرن الماضي وقعت سلسلة من الانقلابات العسكرية في سوريا كان بعضها يدعو إلى ضم سوريا إلى العراق كحل لازمة عدم الاستقرار السياسي.)
في 22 شباط / فبراير عام 1958 قامت الوحدة بين مصر وبين سوريا وكان النظام الملكي في العراق رافضا لهذه الوحدة مما أحدث قطيعة بين البلدين وحالة من التوتر والمؤامرات استمرت حتى سقوط النظام الملكي العراقي بعد ثورة تموز 1958. ومع أن إقامة الوحدة بين العراق والجمهورية العربية المتحدة مصر وسوريا كان أحد أهداف ثورة العراق إلا أن هذا لم يحدث بل دخل البلدان في حالة من العداء والهجمات الإعلامية استمرت حتى بعد انفصال سوريا عن مصر عام 1961.
البعث في البلدين
وفي 8 شباط / فبراير من عام1963 شهد العراق انقلابا عسكريا أوصل حزب البعث إلى السلطة، وفي 8 آذار/ مارس من نفس العام ( أي بعد شهر من انقلاب العراق) شهدت سوريا انقلابا عسكريا أوصل حزب البعث إلى الحكم.
وبعد مباحثات مع مصر أعلن ميثاق 17 نيسان للوحدة بين البلدان الثلاثة ولكن الميثاق لم يفعّل.
أطيح بحكم البعث في العراق على يد العقيد عبد السلام عارف في تشرين الثاني 1963 .
عاد البعث إلى الحكم في العراق في 17 تموز / يوليو 1968 وفي سوريا عام 1970 تولى حافظ الأسد السلطة بانقلاب عسكري على حكومة صلاح جديد، الذي مكث في السجن أكثر من عشرين عاما إلى أن وافته المنية. إلا أن البلدين لم يتحدا أبدا بل أن العلاقات بينهما ازدادت عدائية لان كلا جناحي حزب البعث السوري والعراقي اعتبر كل منهما نفسه الممثل الحقيقي لحزب البعث واعتبر الطرف الاخر بمثابة انشقاق عن المبادئ الأساسية للبعث وأقيمت قيادة قومية في كلا البلدين اعتبرت نفسها بمثابة القيادة الشرعية ومن الواضح أن هذا الصراع الذي اكتسى طابعاً إيديولوجيا لم تكن له علاقة بالايديولوجية بل كان صراعاً على السلطة، فكلا الفرعين لم يكن يقبل زعامة الآخر للحزب ومن ثم للدولة الموحدة. وفي حرب أكتوبر 1973 اشترك الجيش العراقي على الجبهتين المصرية والسورية. وفي عام 1978 لاحت فرصة أخرى لتحسن العلاقات بين الدولتين، فبعد أن قامت مصر بعقد اتفاقية كامب ديفيد قام كل من العراق وسوريا بمحاولات للتقارب فيما بينهما .
لكن العلاقة استمرت متوترة بين البلدين حتى أسقط التحالف الدولي حكومة صدام حسين في العراق.
بعد 9 نيسان 2003 اتهمت حكومات العراق الحكومة السورية بقيادة بشار الأسد بتسهيل دخول الإرهابيين وعناصر تنظيم القاعدة وإيواء قيادات حزب البعث المحظور في العراق.
ملهم الملائكة
مراجعة: منى صالح