العراق - يوميات وأحلام صيادين في هور "الجبايش"
الصيد في أهوار العراق كان يشمل السمك والطيور. صيادان من هور الجبايش يرويان لـ DW عربية عن تفاصيل عملهما المضني، في رحلة عبر المسطحات المائية التي طالما كانت موطنا لمئات الأصناف من الطيور والأسماك. القصة في ملف صور.
حافات الأهوار اليابسة
على حافات هور الجبايش، يعيش صيادون اعتزلوا المهنة، فباتوا يعرضون خدمات سياحية للزائرين، فيعرضون خدمة الزوارق، ويقيمون مضايف هي عبارة عن مطاعم سمك للسائحين. في الصورة حافة هور الجبايش الجنوبية.
الصيد بالفاله!
الصياد عبد الأسدي البالغ من العمر 67 عاماً، ولد في الأهوار ويعيش اليوم في منطقة "أبو سوباط". مارس الصيد حتى جاوز عمره الستين، فأقعده فقدان البصر عن مهنة آبائه وأجداده منذ أربعة أعوام. تعلم الصيد في صباه من مرافقة الصيادين. مارس الصيد برمح الأهوار ثلاثي السنان المعروف بالفاله، لكنه يعترف بأن صيد الشباك أسهل وأكثر جدوى.
الحياة فوق جبش القصب!
يعيش صيادو الأهوار في "صرايف" من حصران القصب، فوق أكداس قصب عائمة على سطح الماء تعرف بـ " الجبايش". ويعتبر الصياد أبو كرار (وقد رفض الإفصاح عن اسمه الكامل، ورفض تصويره) أنّ الحياة بهذه الطريقة صعبة، لكنها ممكنة لمن ولدوا في هذا المكان.
ما مستقبل ابن الصياد؟
كرار الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام هو ابن صياد، وتعلم السباحة والصيد ورعي الجاموس من أبيه. وحين سألته DW عربية إن كان سيبقى في الهور، ويمارس عمل أبيه رغم شح الصيد، أشاح بوجهه عن الميكروفون وغادر بزورقه إلى عمق الهور، وكأنه لا يملك إجابة على اسئلة صعبة تتعلق بوجوده الموروث في السهل الرسوبي الذي هو موطن أسلافه السومريين في بلاد الرافدين.
الإوز والبط بدلاً عن الأسماك المنقرضة!
كشف الصياد أبو كرار أن الطيور التي نراها في الأهوار، والظاهر بعض منها في الصورة، هي طيور يربيها سكان المنطقة، وتنحصر في الإوز العراقي والبط، للاستفادة منها كغذاء. وهي ليست طيوراً برية، لذا لا تتعرض للصيد.
الطيور المهاجرة لا تحب السائحين!
يقول أبو كرار إنّ الطيور المهاجرة باتت تحط في أهوار العمارة، التي يقل فيها السواح وضوضاؤهم، مؤكداً أنّ القوارب (الشخاتير) التي تشغلها محركات تعمل بالبنزين هي سبب نفور الطيور من هور الجبايش. أما الأسماك فلها قصة أخرى. الزوراق الظاهرة في الصورة تمخر طيلة اليوم مياه الهور، ويشغلها الصيادون في عطل نهاية الأسبوع والأعياد لتحقيق موارد إضافية.
من صيد السمك إلى تربية الجاموس
أبو كرار الذي ولد صيادا في هور الصحين بمدينة العمارة، وكبر هناك، ثم هاجر إلى كربلاء بعد أن فتح صدام حسين مشروع نهر القائد لتجفيف الأهوار في تسعينيات القرن الماضي، يقول اليوم: إن السمك شحيح في أهوار الجبايش إلى درجة الندرة، بسبب الصيد الجائر. وهو يعيش مع ولديه وجواميسه التسعة فوق جبش عائم بمنطقة بغدادي في وسط هور الجبايش.
من الصيد إلى قوارب السياحة
ع. ع الظاهر في الصورة بجلبابه الأسود، مارس صيد السمك بالفاله والشباك وبالكهرباء، ويقول إنّ السلطات تمنع الصيد بالسموم والكهرباء بشدة، كما أن السمك بات شحيحاً، ولهذا فقد انصرف إلى مهنة بيع القصب ونقل السائحين، حيث تمثل القوارب (الشخاتير) الظاهرة في الصورة وسيلة النقل الوحيدة في الأهوار، لذا يحقق أصحابها مورداً معقولاً من عملهم عليها.
القصب كعلف وكمادة للبناء
بعد أن شح الصيد، لا يجد سكان الأهوار والصيادون ما يسدون به رمقهم اليوم سوى بيع القصب الذي يستخدم كعلف للجواميس والأبقار، وحين يجف يستخدم لبناء الصرايف والأطواف (الجبايش). الصياد الشيخ عبد الأسدي، يقول إنّ القصب ونقل السائحين وتربية الجاموس وبيع منتجاته، هي مصادر الدخل الحالية لسكان الأهوار.
المضيف عامر بزواره
مضائف القصب تقام عادة على بقعة أرض يابسة، لكن يمكن إقامتها فوق جبايش القصب أيضا. هذه المضايف تستعمل اليوم كمحطات ضيافة للزوار والسائحين، ويجري صيد أسماك الهور لعمل ولائم مكلفة لهم. صيد السمك وبسبب شحه، يجري قبل طلوع الفجر بالشباك، وأحيانا بالتيار الكهربائي الذي يصعق كل المخلوقات في بقعة كبيرة من الماء.
دلات القهوة رمز الضيافة والكرم
في كل مضيف تنتصب دلات القهوة العربية بمثابة إعلان يشجع زوار الهور على النزول في المضايف المنتشرة بكثرة على اليابسة. بسبب الارتفاع الكبير لمنسوب المياه هذا العام، غرقت مضايف وبيوت عديدة. رغم وجود دلات القهوة، يفضّل الصيادون تناول القهوة السريعة الظاهرة في زجاجة أوروبية، لأنّ إعدادها سهل وسريع.
قضاء الجبايش
يمثل قضاء الجبايش مركزاً سياسياً وحضرياً ومدنياً للمسطحات المائية الشاسعة المعروفة بأهوار الجبايش. هنا يزور الناس عيادات الأطباء والعيادات البيطرية ويذهب الصغار إلى المدارس، كما توجد مصارف ومحلات لبيع الأعلاف ولتصريف منتجات الجواميس وهي القشطة والحليب والرائب التي ارتفعت أسعارها بسبب قلتها. وتوجد سوق كبيرة لبيع السمك، تغزوه منتجات مزارع الأسماك بعد أن شح سمك الأهوار. تصوير وإعداد ملهم الملائكة