العلاقات الألمانية الإسرائيلية في صلب زيارة شتاينماير إلى الشرق الأوسط
تأتي زيارة وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى الشرق الأوسط في توقيت هام للغاية، حيث تسعى اسرائيل إلى الحفاظ على المقاطعة الدولية لحركة حماس التي نجحت في الفوز بالانتخابات الفلسطينية، خاصة بعد الدعوة الروسية لحماس لزيارة موسكو والتأييد الفرنسي لهذه الدعوة، في حين يعمل الفلسطينيون حثيثا على إعادة ترتيب بيتهم داخليا بعد الزلزال الذي أتت به الانتخابات البرلمانية الأخيرة. على صعيد آخر تشهد المنطقة تصعيدا جديدا للأزمة المتعلقة بالملف النووي الإيراني بعد إحالته إلى مجلس الأمن، بالإضافة إلى تكرار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تصريحاته المعادية لإسرائيل وإنكاره للمحرقة النازية التي تعرض لها اليهود في الحرب العالمية الثانية. كذلك تأتي الزيارة في وقت تتعرض فيه محاولات دفع الحوار بين الغرب والإسلام إلى انتكاسة شديدة بعد أزمة الرسوم الكاريكاتورية التي نشرت أولاً في صحيفة دانيماركية واعتبرها المسلمون مسيئة للنبي محمد، وما أتبع ذلك من مظاهرات شديدة في العالم الإسلامي.
العلاقات الإسرائيلية الألمانية
لا يلاحظ المراقبون أي تغيير في سياسة ألمانيا الخارجية تجاه إسرائيل ودول منطقة الشرق الأوسط بعد الانتخابات الألمانية في خريف العام الماضي وتشكيل الائتلاف الحكومي الكبير ويعتبرون أن شتاينماير يواصل سياسة سلفه السابق يوشكا فيشر الذي قام بدور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين والذي أكد مراراً على ضرورة إيجاد حل سلمي للنزاع في الشرق الأوسط بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية إلى جانب بعضهما البعض، واعتبر البعض أن زيارة وزير الخارجية في هذا الوقت بالذات تشكل فرصة له لتفعيل الدور الألماني والأوروبي هناك.
وبعد لقائه الأول اليوم الاثنين (13 فبراير/شباط 2006) مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة إيهود أولمرت قال وزير الخارجية الألماني في القدس إن ألمانيا تقف إلى جانب إسرائيل في الأوقات العسيرة وإن إسرائيل يمكنها الاعتماد على ألمانيا وخاصة بعد فوز حماس المفاجئ في الأراضي الفلسطينية، وسيلتقي وزير الخارجية الألماني أثناء زيارته الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليؤكد له دعم ألمانيا لسياسة الرئيس الفلسطيني لكن بالشروط التي ذكرتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في زيارتها لإسرائيل في نهاية يناير / كانون الثاني الماضي وهي أن ألمانيا لن تجري أية مباحثات مع هذه الحركة الإسلامية على الرغم من فوزها بانتخابات ديمقراطية إذا لم تعترف بإسرائيل ولم تنبذ كل أعمال العنف ضد الدولة العبرية بالإضافة إلى قبولها بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل من قبل السلطة الفلسطينية، وأكد وزير الخارجية الألماني أن ألمانيا لن تجري أية اتصالات مع الحركة الإسلامية طالما لا تزال الحركة موجودة على قائمة الحركات الإرهابية للاتحاد الأوروبي.
بوتين ودعوة قادة حماس والضغوط الدولية
هذه الشروط التي أكد عليها شتاينماير وقبله المستشارة الألمانية لإجراء اتصالات مع حركة حماس لا يعتبرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إجبارية، ولذا أعلنت روسيا أنها تريد إرسال دعوة إلى قادة حماس لإجراء مباحثات في موسكو حول الخطوات التالية من أجل إيجاد حل للأزمة الحالية، واستنكرت إسرائيل بشدة المبادرة الروسية معتبرة أن روسيا تلعب بالنار على حد قول وزير الإسكان الإسرائيلي سيف بوم.
وفي تقييم له للتطورات الحالية في منطقة الشرق الأوسط أكد الخبير كريستيان هانيلت من مؤسسة بيرتلسمان على أهمية زيارة وزير الخارجية الألماني للمنطقة في هذه الأوقات لتوحيد مواقف عمل اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي لتوحيد المواقف وخاصة بعد الخطوة الروسية بإجراء مباحثات مع حماس ويؤيد الباحث هانيلت أنه من الأفضل إعطاء حركة حماس مهلة من الوقت وعدم تشديد الضغوط عليها لأنه "كلما ازدادت الضغوط على حركة حماس كلما اشتدت قوى المتطرفين" على حد تعبير الخبير في شؤون المنطقة.
رحلة شتاينماير وظهور دوره كوزير للخارجية
انشغل فرانك فالتر شتاينماير منذ تسلمه منصب وزارة الخارجية بقضية اختطاف الألمان في العراق في البداية سوزانا اوستهوف وبعد إطلاق سراحها بقليل أزمة اختطاف المهندسين الألمانيين رينيه بروينلش وتوماس نيتشكه بالإضافة إلى قضية دور المخابرات الألمانية إبان الحرب على العراق ولذا يؤكد المراقبون على أن وزير الخارجية الألماني أمامه فرصة مناسبة الآن لإظهار دوره وحنكته الدبلوماسية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تعيش حالياً تظاهرات شعبية ترافقها أحياناً أعمال عنف بسبب الرسوم الكاريكاتورية وبرنامج إيران النووي له أهميته بالنسبة لدول الخليج والدول المجاورة لإيران علاوة على مسألة تشكيل الحكومة الفلسطينية، فهل سينجح الوزير الألماني في لعب دور الوسيط لتهدئة الأوضاع هناك وإبراز ضرورة نبذ العنف وأهمية الحوار بدل المواجهة. شتاينماير لا يزال في بداية طريقه الدبلوماسي وفرصه ليست قليلة بعد تنام مستمر للدور الألماني على السياسة العالمية.
سمير مطر