العنف في الملاعب المصرية..غياب الحوار يفاقم الأزمة
١١ فبراير ٢٠١٥في ثاني أكبر عدد من القتلى في الملاعب المصرية منذ ثورة 25 يناير 2011، لقي نحو 22 مشجعا من الفريق الأول لنادي الزمالك حتفهم مساء 8 من فبراير الحالي أمام استاد الدفاع الجوي في حالة تدافع واشتباكات مع قوات الأمن.
وكان 70 من مشجعي الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي قتلوا في استاد مدينة بورسعيد الساحلية في فبراير شباط 2012، بعد نزول مئات من مشجعي المصري -الفريق المضيف- إلى أرض الملعب مع نهاية المباراة التي فاز فيها المصري 3-1 واعتدى بعضهم على مشجعي الأهلى مما تسبب في تدافع أوقع القتلى.
فهل ستكون هذه الأحداث الدموية حافزا للمسؤولين المصريين للعمل على تدارك أخطائهم من أجل وقف الدماء التي باتت تسيل في الملاعب المصرية؟
"غياب التنسيق بين الأجهزة المختلفة"
بعد أحداث ستاد الدفاع الجوي أصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إن أكثر من عشرة آلاف مشجع لا يحملون تذاكر دخول حاولوا اقتحام الملعب من الأبواب والأسوار ما أدى إلى سقوط عشرات المصابين جراء التدافع ووفاة بعضهم لاحقا.
لكن محمد السيد، الصحفي بالموقع الرسمي لنادي الزمالك وشاهد العيان على الأحداث، أكد في حديثه لـ DWعربية، أن هناك 4 من بين القتلى كانت معهم تذاكر لدخول المباراة، مشيرا إلى أن شباب الأولتراس "روابط الجماهير" معتادة في مصر على الدخول بدون تذاكر، كما حدث في نهائي الكونفيدرالية مع فريق الأهلي، وكان الأمن قد أعلن عن أن الدخول متاح لـ30 ألف شخص لكن دخل نحو 65 ألف من جماهير الأهلي.
وعزت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أسباب أحداث العنف في الملاعب المصرية إلى غياب التنسيق بين الأجهزة المختلفة وعدم وجود تنبؤات بما يمكن أن يحدث خاصة أن النشاط الرياضي مرتبط بتجمع جماهيري حاشد لا يمكن ضمان ردود الفعل الناجمة عنه، وبالتالي فإنه يصعب التحكم فيه، فضلا عن عدم خضوع الجميع للانضباط والامتثال للقانون بما فيهم الجماهير وإدارات النوادي والشرطة".
"الدولة تخشى الشباب"
ويرى نور الدين مصطفى "23 عاما" أحد مشجعي نادي الزمالك والذي كان حاضرا أثناء وقوع أحداث استاد الدفاع الجوي" أن "الاولتراس جزء من الشعب المصري، شاركوا في الثورة كفصيل ثوري منظم وسلمي، وسلاحه هو الشمروخ، والصوت العالي، لكن الدولة تخشى من أصوات الشباب وأحلامهم ،لأنهم هم الذين يطيحون بأماكنهم وكراسيهم.. عندما يهتف الألتراس مش ناسيين التحرير ويهتفون بجمعة الغضب، ويغنون لشمس الحرية، ويوجهون كلماتهم لعناصر الامن.. كل هذه الكلمات مؤلمة لهم، وعناصر الامن لم يتعلموا شيئا في حياتهم غير الضرب والقتل ولم يتعلموا أن يناقشوا أو يتحدثوا بالحجج ومبادئ الإقناع".
"غياب الثقة والحوار المتبادل سبب الأزمة"
ويحيل الدكتور محمد العقبي مدرس علم الاجتماع بجامعة حلوان أسباب أحداث عنف الملاعب المصرية إلى غياب الثقة بين روابط الجماهير "الألتراس" وقوات الأمن، حيث قال إن "الدولة تتعامل مع الأعراض ولا تتعامل مع المرض.. كان يجب قبل أن يتخذ القرار بعودة الجماهير إلى الملاعب بأن تجلس "الداخلية" مع شباب الألتراس ورابطات الجماهير وتتفاهم معهم ويكون هناك حوارا بين الأطراف المختلفة .. لكن للأسف هذا لم يحدث لأن الطرفين لا يثقان ببعضهما البعض وهناك توترات بينهما". وأكد أنه "طالما أن الدولة لا تتعامل مع المرض ولا تتعلم من الأحداث السابقة فضلا عن عدم وجود حوار بين الأطراف المختلفة ستكرر مثل هذه الحوادث في المستقبل".
ويرى العقبي حادثة استاد الدفاع الجوي بأنها واحدة ضمن سلسلة طويلة جدا من العنف الذي يعيشه المجتمع المصري نتيجة توترات اجتماعية وسياسية ونفسية". وحمل العقبي المجتمع المصري بأكمله مسئولية أحداث عنف الملاعب في مصر قائلا "نحن نحتاج إلى أن يعلم كل طرف دوره الحقيقي.. لو كان شباب الألتراس والجماهير منظمة وتدخل في طوابير، ولو فهمت الداخلية أن دورها حماية الأرواح وإنقاذها وتنظيم الجماهير بدلا من ضربهم لما حدث ذلك في الملاعب.. لكننا نعيش في مؤامرة على أنفسنا نتيجة خلل في المجتمع يحتاج إلى دراسة كبيرة".
فيما رأت الدكتورة هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق أن الحل يكمن في "فرض الانضباط والخضوع للقانون ومضاعفة العقاب حتى يحدث الردع الاجتماعي في ظل الفوضى التي يعيشها المجتمع المصري"، حسب قولها.