الغموض يسود سياسات واشنطن تجاه الشرق الاوسط
حاولت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس اليوم الاحد تخفيف مخاوف اسرائيل من احتمالية قيام الناشطين الفلسطينيين انسحابها المزمع من قطاع غزة في اغسطس/ اب لشن هجمات من تلك المنطقة. وفي اليوم الثاني من محادثاتها لحفز الاسرائيليين والفلسطينيين على تحسين تنسيقهما بشأن الانسحاب تحتاج رايس الى التغلب على مخاوف اسرائيل من ان يعزز الانسحاب قوة ووجود حركة المقاومة الاسلامية/حماس/. وفي حين تجنبت رايس في الضفة الغربية امس السبت استخدام لهجة متشددة ازاء حماس، حثت الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ان يكون اكثر صرامة مع مثل هذه الجماعات التي تصفها الولايات المتحدة على انها "ارهابية". وقالت رايس في مؤتمر صحفي مع عباس في مقره برام الله "بالطبع يلزم عمل المزيد وخاصة استخدام قوات الامن بفاعلية لمكافحة انعدام القانونومحاربة الارهاب." وتأمل رايس ان يتمكن الجانبان من الاتفاق بسرعة على كيفية تولي القوات الفلسطينية زمام الامور من الإسرائيليين خلال الانسحاب حتى لا تستطيع حماس ملء اي فراغ امني.
حماس تلعب على وتر الاختلافات الاوروبية الامريكية
جاء كشف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن اتصالات علنية أجراها دبلوماسيون أوروبيون مع ممثلين عن الحركة الإسلامية بمثابة صفعة جديدة للولايات المتحدة وإسرائيل، في الوقت الذي تقوم فيه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بزيارة الى منطقة الشرق الأوسط. ويرى المراقبون أن المبادرة الأوروبية هي إشارة إلى حدوث تحول على موقف الاتحاد الأوروبي تجاه (حماس) ورؤيتها للصراع العربي الإسرائيلي واعترافا بتحقيق الحركة حضورا قويا في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة. وفي لقاء خص به موقعنا أكد حسن يوسف، أحد القياديين البارزين لحركة حماس في الضفة الغربية، حدوث اللقاءات، مشيرا الى أنها لم تعدو كونها اجراءات سماها "تقنية" ورمت بالدرجة الأول إلى تناول رؤية الحركة وتصوراتها عن الصراع العربي الإسرائيلي. وقال يوسف إن إجراء هذه المحادثات "يقدم دليلا على نية الأوروبيين في تصليح تصوراتهم الخاطئة عن الحركة وسياستها." وفي حين أعرب المسؤول عن أمله في حدوث تغير على موقف الاتحاد الأوروبي من حركة "حماس"، أكد أن الحركة "لا تحتاج إلى شهادة حسن سلوك من أحد" وأن الحركة انتزعت شرعيتها وشعبيتها عبر صناديق الاقتراع ومساندة المواطنين الفلسطينيين لها.
لهجة أمريكية جديدة تجاه النظام المصري
وفي الشأن المصري، خرجت الإدارة الأمريكية أخيرا عن صمتها وأعلنت على لسان وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس أن الإصلاحات التي أدخلتها الحكومة المصرية على قوانين الانتخابات الرئاسية في بلادها "ليست كافية"، مطالبة في الوقت ذاته بإدخال تعديلات إضافية على هذه القوانين كالسماح لمراقبين دوليين بالإشراف على سير الانتخابات التي ستجري في سبتمبر/أيلول المقبل أو فتح المجال للمرشحين باستخدام وسائل الإعلام الحكومية في حملاتهم الانتخابية. وجاءت هذه التصريحات التي أعلنت عنها المسؤولة الأمريكية عشية توجهها إلى الشرق الأوسط لتثير شكوك المحللين والمراقبين حول مصداقية الخطط الأمريكية الرامية إلى إعطاء دفعة للديمقراطية في الشرق الأوسط. وحسب بعض المراقبين، فإن تعهدات الرئيس بوش بوضع موضوعي الديمقراطية وحقوق الإنسان في صدارة اهتماماته من ناحية، وتخفيف حدة انتقاداته لدول مثل مصر والمملكة العربية السعودية من ناحية أخرى، يقدم أكبر دليل على ازدواجية المعايير في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
سياسة الكيل بمكيالين
علاوة على ذلك يؤكد محللون آخرون أن التصريحات التي أطلقتها الوزيرة الأمريكية قبل مغادرتها إلى الشرق الأوسط وأوروبا جاءت متأخرة وغير واضحة ولم تخرج عن نطاق معايير السياسة الأمريكية المبنية على الازدواجية والكيل بمكيالين. ففي حين حثت رايس في مؤتمر صحفي عقد في واشنطن قبيل بدء زيارتها إلى الشرق الأوسط الحكومة المصرية على تطبيق مزيد من الإصلاحات الانتخابية، أقرت بأن إحلال الديمقراطية لا يمكن أن يتم في يوم واحد. ولم تكتف الوزيرة الأمريكية بهذه التصريحات، بل أنها اعتبرت أن هذه التعديلات "خطوة مهمة" بالنسبة لبلد لم يشهد مثل هذه الانتخابات من قبل. وبهذا لم تحيد رايس عن مسار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ولم تأت تصريحاتها إلا لتؤكد على مبدأ الازدواجية والغموض في التعامل مع قضايا السياسة الخارجية في الشرق الاوسط.
"واشنطن فقدت مصداقيتها"
في هذا الخصوص قال الصحافي المصري وليد الشيخ لموقعنا إن المشكلة تكمن في أن "مزاعم الإدارة الأمريكية بسعيها إلى إحلال الديمقراطية في العالم العربي فقدت مصداقيتها بين المثقفين العرب." أما بخصوص مطالبة واشنطن باحترام حقوق الإنسان العربي، فقد أضاف الشيخ أن الولايات المتحدة هي "آخر دولة يسمح لها بالتحدث عن حقوق الإنسان والمطالبة بها."، عازيا ذلك إلى انتهاك الإدارة الأمريكية نفسها لحقوق الإنسان، سواء في سجن أبو غريب في بغداد أو في معتقل غوانتانامو وإلى رفض واشنطن الموافقة على خضوع رعاياها لمحكمة الجزاء الدولية. وبشأن تعليق الحكومة الأمريكية على التعديلات التي أدخلتها الحكومة المصرية على القوانين الانتخابية. وختم بالقول:"لماذا دان الرئيس بوش اعتقال أيمن نور زعيم حزب الغد المعارض الذي لا يمثل وزنا شعبيا حقيقيا، فيما امتنع عن إدانة اعتقال مئات من أبناء جماعة الإخوان المسلمين وقيادتها مع العلم أنهم نزلوا إلى الشوارع في مسيرات سلمية اقتصرت على المطالبة بمزيد من الشفافية والديمقراطية والحريات.
تقرير: ناصر جبارة