الغناء اليمني: أنماط متنوعة تبعا للاختلاف الطبقي والمناطقي
٣٠ يناير ٢٠١٤تتمايز الأنماط الغنائية في اليمن عن بعضها بشكل كبير، ليس ما بين منطقة وأخرى فحسب، بل وعلى صعيد المنطقة الواحدة أيضا. DWعربية تسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال لقائها بالباحث والناقد في تيارات الغناء اليمني، الموسيقار والفنان اليمني جابر علي أحمد، الذي يقول عنه الكاتب والناقد اليمني المعروف عبد الباري طاهر بأنه "من قلائل فناني الوطن العربي، الذين جمعوا بين موهبة الفنان وملكة الناقد المجرب والأكاديمي".
ثنائية اللوحة الغنائية في اليمن
في حديثه لـDWعربية يقول الموسيقار جابر علي أحمد: "تنقسم اللوحة الغنائية في اليمن إلى نوعين هما: الغناء التقليدي والغناء الشعبي"، واصفا الغناء التقليدي بأنه "شكل غنائي متحرك في بيئات مختلفة وبالذات في المدن اليمنية". هذا اللون الغنائي يتمحور بصورة أساسية حول الموشحات اليمنية والقصيدة الخليلية (القصيدة الغنائية). وهذا النوع من الغناء اليمني لا يرتبط بمناطق أو تقسيمات حزبية، كما يقول الباحث في تيارات الغناء اليمني. ويعزو الموسيقار أحمد سبب هذا التنوع الذي يميز الغناء الشعبي اليمني لكونه "غناء شديد الغزارة".
الوظيفة الفنية للأغنية التقليدية
الغناء التقليدي ذو "وظيفة فنية أساسا، بغض النظر عن الموضوع الذي تتناوله الأغنية"، بحسب الموسيقار اليمني الذي يشير إلى "توسع دائرة مواضيعه المرتبطة بالغزل بأنواعه وبمجالس القات والمسائل الاجتماعية المختلفة".
الموشح (الغويدي) "مثل أغنية ‘ربى صنعاء' .. أو أغنية ‘وامغرد بوادي الدور'... تنتشر في كل الربوع اليمنية منذ ظهورها المرتبط بمولد الشاعر الغنائي اليمني (ابن شرف الدين) الذي تزامن نشاطه الأدبي مع الغزو العثماني الأول لليمن في القرنيين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين"، بحسب علي أحمد. ويعتقد الفنان اليمني "أن موشحات ابن شرف الدين تقيدت من الناحية الشعرية بتقنيات الموشحات اليمنية المنتمية للقرن الثالث عشر الميلادي والتي كان ميدانها مدينة زبيد والمناطق الجنوبية منها" الواقعة غرب اليمن في محافظة الحديدة، وينوه علي أحمد إلى التطور التاريخي للموشح اليمني مذكرا بأن "أول شاعر يمني خاض في مجال الموشح كان الشيخ الصوفي أبو بكر بن حنكاش، حتى جاء شاعر يمني أخر هو ابن فليته لينتقل الموشح إلى مدينة تعز في عهد الدولة الرسولية". وكانت تعز حينها عاصمة الدولة التي عاشت ما بين القرنيين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين.
ويستنتج الفنان علي أحمد بأن "الموشح اليمني الذي يحتل مساحة واسعة في الثقافة اليمنية انتقل من منطقة إلى أخرى وكان في انتقالاته تلك يعكس بهذا الشكل أو ذاك المزاج الثقافي لكل منطقة"، مشددا على أن الاختلافات إن وجدت "فهي في الدرجة وليس في النوع".
تنوع الغناء الشعبي يعكس التعدد
أما فيما يتعلق بالغناء الشعبي فيجزم الباحث في الغناء اليمني "بتنوعه شديد الغزارة إلى الحد الذي يمكن أن يتميز في منطقة واحدة"، مشيرا إلى "وجود أغاني شعبية في جنوب تهامة ذات نكهة مختلفة عن مثيلاتها في شمال تهامة". ويعتقد أحمد أن "هذا الأمر ينطبق على الغناء الشعبي في كل مناطق اليمن"، معيدا هذا التنوع إلى "ارتباط الأغنية الشعبية بالمناسبات الاجتماعية والمهن الحرفية والتعبير عن الحقوق الإنسانية" كما أن "تنوع الغناء الشعبي يعكس أبعادا جغرافية واجتماعية ونفسية وثقافية". وهذا بحسب الناقد للفن اليمني "أمر يبرره التنوع المناطقي والمناخي". وتبعا لتعدد أنماط الأغاني الشعبية وتنوعها تتعدد وتتنوع الرقصات الشعبية المصاحبة للأغاني فلكل منطقة كما هو الحال أيضا لكل مناسبة أغانيها ورقصاتها المميزة.
ويختتم جابر حديثه لـDWعربية بالإشارة إلى وجود نوع من التحيز لدى بعض المهتمين بأمر التنوع الغنائي في اليمن فيحصرونه بمناطق معينة كحضرموت ويافع ولحج وصنعاء، معتقدا أن هذه الرؤية غير منصفة وهي تصدر إما عن تناولات صحفية سطحية أو تخضع للاستغلال والتوظيف السياسي.
سعيد محمد الصوفي – صنعاء