القادة الأوروبيون يمهدون الطريق نحو سياسة مشتركة في مجال الطاقة
٢٥ مارس ٢٠٠٦هيمن موضوع الطاقة على جدول أعمال القمة الأوروبية في بروكسل. وعلى خلاف القمم السابقة تم التوصل هذه المرة إلى اتفاق بخصوص وضع سياسة أوروبية مشتركة للطاقة. وجاء ذلك بعد وضع الخلافات المتعلقة بتحرير سوق الطاقة واندماج الشركات المنتجة جنبا. ووصف رئيس المفوضية الأوروبية باروسو الاتفاق بالحدث التاريخي. ويرى عدد من المراقبون أنه قد يعيد الثقة إلى الإتحاد الأوروبي بعد الفشل في إقرار الدستور المشترك وفي التوصل إلى اتفاق بشأن الموازنة الأوروبية. إلى ذالك استأثرت أسعار الطاقة والاعتماد المتزايد للإتحاد على وارداتها باهتمام المؤتمرين. ومن بين النقاط التي تم الاتفاق عليها تفعيل التنسيق بين الجهات التنظيمية الوطنية دون إنشاء سلطة أوروبية جديدة.
تغيرات منتظرة في سوق الطاقة الأوروبي
المستشار النمساوي، فولفغنغ شوسل، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للإتحاد بدا متفائلا بعد الانتهاء من اجتماع أمس. وقال في تصريح لوكالات الأنباء أن القرارات التي اتفق عليها الزعماء الأوروبيون ستحدث تغيرا كاملا في سياسة الإتحاد الأوروبي للطاقة في غضون العقد المقبل. لكن المسؤول الأوروبي أقر كذلك بوجود خلافات بشأن اندماج الشركات المنتجة للطاقة عبر الحدود. ويرجع هذا الخلاف بالأساس إلى تحفظ بعض الدول على تحرير قطاع الطاقة والسماح بالاندماج بمنأى عن التعصب الوطني. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي بدأت فيه المفوضية الأوروبية البحث في مدى انتهاك فرنسا للقانون الاقتصادي الأوروبي باسم ما بات يُعرف بالوطنية الاقتصادية. من جهته حاول شيراك خلال القمة تبرير موقف بلاده وتحفظاتها على تحرير قطاع الطاقة، إذ ترى باريس أن مبادئ الاقتصاد الحر ليست وحدها كفيلة لتشكيل مستقبل الطاقة في الكتلة الأوروبية. لذا دعا الرئيس الفرنسي إلى تكثيف الجهود من أجل تطوير شركات أوروبية كبرى تقوم على طموح صناعي قوي وليس على أساس ربحي بحت.
خلافات إزاء موجة الاندماج
جددت إيطاليا على لسان رئيس وزرائها بيرلسكوني رفضها التدخل الحمائي للحكومات. وأعرب بيرلسكوني عن تشبث بلاده بعدم فرض أية قيود على اندماج شركات الطاقة الإيطالية. ومما يعنيه ذلك حسب قوله أن الحكومة الإيطالية لن تتدخل لحماية شركتي أني واينل من أي عروض شراء محتملة خلافا لما فعلته باريس عدما تدخلت الشهر الماضي لإفشال دمج شركتي سويز وجاز دو فرانس. وقد أثار ذلك موجة استياء في الأوساط السياسية والاقتصادية الأوروبية. ويبقى من الواضح أن لجوء حكومات بعض دول الإتحاد إلى التدخل بشكل مباشر لحماية شركاتها الرئيسية للطاقة من عروض أجنبية أصبح يطرح تساؤلات عدة حول المنحى الاقتصادي الذي يتجه فيه الإتحاد. فلا يعقل أن ينفتح الإتحاد الأوروبي على أنشطة تجارية مع بقية العالم وينغلق فيما بينه على حد تعبير باروسو.
اختيار مصادر الطاقة مسألة وطنية
قال المستشار النمساوي، شوسل، الذي ترفض بلاده الخيار النووي أن القادة الأوروبيين أجمعوا على مسألة اختيار كل بلد نوع الطاقة التي يرغب في الاعتماد عليها. ففي حين ترى إيطاليا أن مستقبل تأمين الطاقة في أوروبا يكمن في اعتماد الطاقة النووية كمصدر أساسي، ترى دول أخرى لزوم ترك الاعتماد على مصادر أخرى. على صعيد آخر حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من اعتماد أوروبا المتزايد على واردات الطاقة. وأشارت إلى الحاجة الماسة إلى تأمين الإمدادات في إشارة إلى النزاع الذي نشب بين أوكرانيا وروسيا وتداعياته السلبية على سوق الطاقة الأوروبي. وفي هذا الإطار اتفق القادة الأوروبيون على ضرورة تنسيق السياسات فيما بينهم واعتماد المفاوضات المشتركة مع الدول المصدرة لمصادر الطاقة كروسيا. وسيحاول الإتحاد الأوروبي في هذا الشأن حث الأخيرة على إبرام ميثاق للطاقة معه من أجل تأمين إمدادات النفط والغاز دون عراقيل.
دويتشه فيله + وكالات