القضاء الأسباني يدين ضالعين في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر
بالرغم من مرور أربعة أعوام على أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في نيويورك وواشنطن والتي تسببت في سقوط ما يقرب من 3000 ضحية، لم يقدم للمحاكمة حتى الآن سوى ستة أشخاص في مختلف أنحاء العالم للاشتباه في علاقتهم بالهجمات على الولايات المتحدة الأمريكية. أول المتهمين هو الفرنسي من أصل مغربي زكريا الموسوي المعتقل حاليا في أمريكا ومن المنتظر محاكمته العام القادم، كما وجهت تهمة التخطيط للضربات إلى عضوين في ما بات يعرف بخلية هامبورغ وهما منير المتصدق الذي حكم عليه في ألمانيا بالسجن سبعة أعوام، وصديقه عبد الغني المزودي الذي برأت المحكمة الألمانية ساحته رغم استئناف الادعاء.
الثلاثة الآخرون حُكم عليهم اليوم في أكبر محاكمة تتعلق بضربات الحادي عشر من سبتمبر/ايلول في أوروبا، إذ حكم القضاء الأسباني اليوم الاثنين على زعيم تنظيم القاعدة في أسبانيا السوري عماد الدين بركات جركس الملقب "ابو دحداح" بالسجن 27 عاما بتهمة "الانتماء" إلى تنظيم إرهابي و"التآمر" لتنفيذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. وحكم على متهم آخر كان يواجه العقوبة ذاتها وهو المغربي ادريس شبلي بالسجن ست سنوات بتهمة "الانتماء إلى القاعدة" فيما تمت تبرئة السوري غصوب الابرش غليوني من نفس التهم.
حكم مخفف!
وجاء حكم المحكمة الوطنية مخففا بالنسبة لمطالب الاتهام الذي دعا في مطلع تموز/يوليو إلى إنزال عقوبة قياسية بابو دحداح هي السجن 74377 سنة بتهمة "التواطؤ الفعلي" في هذه الاعتداءات. فقد كانت النيابة العامة قد طالبت بالحكم على المتهمين الثلاثة الرئيسيين بالسجن 25 عاما عن كل من ضحايا الاعتداءات ال2973 إضافة إلى السجن 12 عاما للانتماء إلى القاعدة "برتبة قيادي"، أي ما يوازي 74377 عاما. غير أن المحكمة العامة رأت أن ابو دحداح وحده يمكن اعتباره مشاركا بصفة المتآمر في المسؤولية عن الاعتداءات على نيويورك وواوشنطن وبنسيلفانيا.
وكان أبو دحداح (42 عاما) متهما خصوصا بالمشاركة في اجتماع عقد في تموز/يوليو 2001 في تاراغونا شمال شرق أسبانيا حيث يعتقد أن زعيم المجموعة الانتحارية المصري محمد عطا والعضو الآخر في القاعدة رمزي بن الشيبة وضعا اللمسات الأخيرة على اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر. أما باقي المتهمين في القضية وعددهم 24 فقد تمت تبرئة ستة منهم من تهمة الانتماء إلى خلية القاعدة في أسبانيا التي تم تفكيكها في خريف 2001. أما الباقون فقد أدينوا باتهامات تتعلق بمساعدة تنظيم القاعدة أو التعاون معها وتراوحت أحكامهم بين 6 إلى 11 سنة سجن.
إدانة صحفي
وفي إطار نفس المحاكمة حُكم على مراسل قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية تيسير علوني الذي أجرى أول مقابلة مع أسامة بن لادن في أفغانستان بعد الاعتداءات على الولايات المتحدة بالسجن سبع سنوات بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة. وبحسب إفادة الصحافي فإنه اقتيد للقاء بن لادن وهو معصوب العينين بعد رحلة في الجبال، وقام مصور من القاعدة بتصوير المقابلة ولم يرد بن لادن سوى على بعض الأسئلة من اللائحة التي عرضها عليه. وقررت الجزيرة آنذاك عدم بث المقابلة لكن شبكة "سي ان ان" الامريكية حصلت على نسخة منها بطريقة غير شرعية بحسب الجزيرة وبثت مقتطفات منها في مطلع 2002. وتيسير علوني كان الصحافي الأجنبي الوحيد الذي بقي في العاصمة الأفغانية خلال الحرب ضد نظام طالبان. وبعد قصف مكتبه في كابول عام 2002 عاد إلى الدوحة في قطر حيث مقر المحطة. لكن بعد سنة غادر إلى العراق لتغطية الغزو الأمريكي حيث تعرض مكتبه في بغداد للقصف. وتوقف مسار علوني المهني بشكل مفاجئ في الخامس من ايلول/سبتمبر 2003 في أسبانيا حيث أرسل لفتح مكتب للجزيرة، فأصدر القضاء الأسباني مذكرة توقيف في حقه بدعوى انضمامه إلى القاعدة وتقديمه المال لأعضاء رفيعي المستوى في التنظيم.
ردود أفعال
وفي رد فعل على إدانة علوني أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن دهشتها حيال الحكم بالسجن سبع سنوات على مراسل قناة "الجزيرة" القطرية بتهمة "التعاون مع تنظيم القاعدة". وقالت المنظمة في بيان "فوجئنا حيال الحكم الذي أصدرته لتوها المحكمة الوطنية في مدريد بحق تيسير علوني". وأضافت "مراسلون بلا حدود" أن الصحافي السوري الأسباني تيسير علوني الذي لطالما دفع ببراءته، "سيستأنف الحكم من دون شك". وأضافت المنظمة "إذا ما وثقنا بالقضاء الأسباني، فان ما قاله المدعي العام حول المقابلة التي قام بها تيسير علوني مع اسامة بن لادن لا يجعلنا نستبعد وجود علاقة بين القضية ومهنة الصحافي المحكوم عليه اي مع حرية التعبير". وأكمل البيان انه "لو كان الأمر يتعلق فقط بقضية إرهاب لما كان المدعي العام استعمل هذه المقابلة كمادة للإدانة".
من ناحية أخرى اعتبر وضاح خنفر مدير عام قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية أن الحكم الذي صدر على مراسل القناة في أسبانيا تيسير علوني اليوم الاثنين "مجحفا" و "مخيبا للآمال" مؤكدا انه لا يزال مقتنعا ببراءة علوني. وقال خنفر لوكالة فرانس برس إن "الحكم بالنسبة لنا مخيب للآمال والتوقعات ونحن نعتبره مجحفا". وأضاف "كما أننا ما زلنا نعتقد بان زميلنا تيسير بريء من التهم الموجهة إليه". وقال احمد الشيخ رئيس تحرير الأخبار في الجزيرة في تصريح للقناة "انه يوم أسود للقضاء الأسباني الذي خرج عن كل ما هو مألوف في القضاء العالمي". وأضاف من مدريد حيث حضر صدور الحكم "انه حكم قائم على أدلة في أحسن الأوصاف تكون ظرفية.. جاء هذا الحكم صدمة كبيرة..نحن في الجزيرة على قناعة تامة ببراءة تيسير علوني". وأضاف الشيخ أن أسرة علوني سوف تستأنف الحكم.
دويتشه فيله + وكالات