"الكلاسيكو الألماني" ..اقتباس هل له من أساس؟
٤ مارس ٢٠١٦"كلاسيكو الألماني"، مصطلح بدأ يفرض نفسه شيئا فشيئا في التقارير الإعلامية الألمانية وبين عشاق الدوري الألماني لكرة القدم،كلما اقترب موعد مواجهة بين متصدر ترتيب بوندسليغا فريق بايرن ميونيخ ومطارده اللدود بروسيا دورتموند، كما هو الحال يوم غد السبت (الرابع من آذار/ مارس 2016).
لكن هل يجوز أصلا نعت مباراة القمة في ألمانيا بالكلاسيكو؟ وهل يوجد كلاسيكو آخر غير "الـ- كلاسيكو" الإسباني بين الفريقين العريقين ريال مدريد برشلونة؟!
تعود أول مواجهة بين الفريقين الإسبانيين إلى عام 1902، وحينها لم يكن نادي بروسيا دورتموند قد أُسس بعد. وكلاسيكو الإسباني ليس مواجهة بين أكبر فريقي الليغا الإسبانية فحسب، وإنما هي مواجهة بين عالمين على جميع المستويات السياسي قبل الكروي. نادي العاصمة رمز الملكية في إسبانيا يواجه نادي برشلونة ممثل الإقليم الكاتالوني بنخوته وشعوره بالتميز الاقتصادي والثقافي إلى حد المطالبة بالانفصال، وهو المخطط الذي دافع عنه رموز نادي برشلونة وعلى رأسهم المدرب السابق بيب غواردويلا. وحين يحل البارصا ضيفا على ريال مدريد، فعلى ملك إسبانيا تحمل صافرات الاستهجان في بيته وبصدر رحب. فأن يشجع إسباني برشلونة يعني أنه أيضا يؤمن أو على الأقل يقبل بفكرة الخصوصية الكاتولونية التي تعارض مركزية الدولة.
التعاطف مع الضعيف!
مثل هذا الزخم السياسي مفقود تماما في مباراة تجمع بين بايرن ودورتموند. من المؤكد أن غالبية الألمان يرون في بايرن ميونيخ رمزا للقوة الاقتصادية للولايات الجنوبية، لكن لا وجود لأي حمولة سياسية على مدى تاريخ النادي. الصراع هنا منحصر بين فريق "المال" وبين فريق العمال. ولكن ألا يوجد في ألمانيا فريق آخر اسمه مقترن بشكل أكبر من دورتموند بالطبقة البروليتارية وهو "شالكه"؟! أليس "شالكه" هو الملقب بلقب "بطل دوري القلوب"، نظرا لشعبيته الرهيبة التي لا يمكن مقارنتها سوى بشعبية ليفربول في الدوري الممتاز، رغم أنه فاز مرة واحدة بلقب بوندسليغا؟!
عكس إسبانيا، كان البافاري دائما "الملك" الذي يواجه "ثورات" من هنا أو هناك. وبالنسبة لباقي أندية الدوري هناك مهمة واحدة تتمثل في مطاردة الملك والإطاحة به، وهي المهمة التي تناوب عليها، على مر العقود، تارة فريق كولونيا وتارة أخرى بروسيا مونشنغلادبخ، ثم شتوتغارت وفولفوسبورغ..لنصل الكرة اليوم إلى مرمى دورتموند.
في المقابل، وتثمينا لهذه الجهود يتعاطف الشارع الكروي العادي مع الفرق التي يقف بوجه نادٍ "مستبد" لا يرحم بثلاثياته ورباعياته. وفي حقيقة الأمر لم تظهر المنافسة المحمومة بين دورتموند وبايرن إلا في السنوات العشر الأخيرة حين وجد الفريق الأصفر والأسود نفسه في مقدمة الترتيب العام بقيادة مدربه السابق يورغن كلوب. وكانت أقوى مواجهة بين الاثنين على الصعيد القاري في نهائي دوري أبطال أوروبا 2013، والتي منحت لهما أول اهتمام جماهيري حقيقي من خارج ألمانيا.
أهداف تسويقية
ومنذ عهد المدرب السابق كلوب إلى الحالي توماس توخل لا يختلف الفريقان كثيرا في جوهرهما عدا الإمكانات المادية الكبيرة التي يتوفر عليها البافاري والتي تمنحه أفضلية التعاقد مع كبار النجوم.
الزاوية التسويقية أيضا، تظهر مدى إشكالية إطلاق مصطلح الكلاسيكو على مباراة السبت، فإذا ما عدنا إلى نهائي دوري الأبطال في موسم 2013 بين بايرن ودورتموند، فسنرى أن القناة الألمانية الثانية ZDF سجلت حينها أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ نقل المباريات الرياضية خارج إطار منافسات نهائيات كأس العالم، والتي بلغت 21 مليون مشاهد، ونحو مائة مليون حول العالم. أما الملحمة الإسبانية فعادة ما يشاهدها أزيد من نصف مليار شخص وهذا ضمن منافسات الدوري فحسب، والرقم يتضاعف إذا ما تعلق بمنافسات البطولة الأوروبية.
ويعزو الخبراء تسلل مصطلح الكلاسيكو إلى أعمدة الصحف الألمانية، إلى أهداف تسويقية بحتة، فالمرغوب هو إضفاء المزيد من الإثارة على المنتج الألماني عبر روتوشات مقتبسة من أكبر سوق كروية في العالم. وهذا ما يستفيد منه بايرن ودورتموند معا، فالفريقان على الطريق الصحيح ليتحولا إلى أفضل الماركات الأوروبية. وبنغمة الكلاسيكو سيتم نقل مباراة السبت في 207 دولة، فأهلا بـ"الكلاسيكو الألماني"!