الكويت: مقاطعة المعارضة للانتخابات تلقي بظلالها على شرعية البرلمان الجديد
٣ ديسمبر ٢٠١٢بمقاطعتها للانتخابات كادت ابتهال الخطيب، وهي أستاذة للأدب الانجليزي في الجامعة الأمريكية في الكويت، أن تخسر صداقة أناس عزيزين عليها منهم الأصدقاء ومنهم أعضاء من أسرتها، إذ لم يتفهموا عدم مشاركتها في الانتخابات. وأوضحت الخطيب بهذا الصدد "سبب لي هذا ألماً كبيراً، لكن قناعتي كانت أقوى"، قناعة أنه لابد من عمل شيء ما ضد "القرار الاستبدادي للحكومة". ويذكر أن المعارضة الكويتية غضبت من مرسوم أميري أصدره الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تشرين أول/ أكتوبر الماضي يقضي بإلغاء نظام التصويت، الذي يسمح لكل ناخب باختيار أربعة مرشحين. وبمقتضى القانون الجديد يختار كل ناخب مرشحاً واحداً فقط.
وتقول جماعات المعارضة إن النظام القديم كان يسمح لها بتشكيل تحالفات، والتي تعد مهمة نظراً لحظر تشكيل الأحزاب السياسية في الكويت. وأفرزت انتخابات جرت في شباط/ فبراير الماضي عن فوز غالبية من المعارضين وغالبيتهم من الإسلاميين، لكن المحكمة الدستورية قضت بحل البرلمان بسبب أخطاء وصفت بالإجرائية، وأعادت مرة أخرى برلمان 2009 الموالي للحكومة.
لكن الأمير حل برلمان 2009 ودعا إلى انتخابات جديدة طبقاً لنظام انتخابي جديد. ويقول مروان حماه سعيد من منظمة هيومان رايتس ووتش "بالمقارنة مع عدد من دول المنطقة فإن البرلمان الكويتي يمتلك سلطة حقيقية تمكنه من مساءلة الحكومة".
مشاركة ضعيفة
استجاب غالبية الكويتيين لطلب المعارضة بمقاطعة الانتخابات، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة 39 بالمائة، وهي أقل بكثير من نسبة 60 بالمائة المعتادة في الكويت كما أكد ذلك كريستيان كوتس أولريخسن من معهد "خاتم هاوس" في لندن. أما الخطيب فهي واعية بالثمن الكبير الذي تؤديه المعارضة بموقفها المقاطع، لأنها لن تكون ممثلة في البرلمان. أما أولريخسن فيرى أن "الانتخابات أفرزت نخبة سياسية جديدة". فالفائزون هم نواب قريبون من النظام، ومن بينهم الكثير من الشيعة الذين حصلوا على 17 مقعداً من أصل 50، فيما لا يتجاوز عدد المقاعد التي حصل عليها الإسلاميون السنة أربعة مقاعد، من أصل 23 كانوا يملكونها في البرلمان السابق.
مخاطر الانزلاق الطائفي
ويخشى كوتس أولريخسن من أن يؤدي الوضع الحالي إلى "تعميق التوتر الطائفي القائم بين الشيعة والسنة"، خصوصاً وأن الأقلية الشيعية التي تدعم أسرة آل الصباح تجاهلت دعوات مقاطعة الانتخابات. ومن غير المستبعد أن يوظف المتشددون السنة الوضع لصالحهم وهذا ما تخشاه ابتهال الخطيب أيضاً. وهكذا دعت المعارضة إلى تظاهرة جديدة نهاية الأسبوع الجاري ضد البرلمان الجديد. وتعهدت بالاستمرار في تحركها في الشارع حتى إقالة البرلمان الجديد وسحب التعديل الذي ادخل على نظام الانتخابات. ويرى مراقبون أن الشارع قد يصبح ساحة التعبير الأساسية للمعارضة.
"بين الثورة والإصلاح"
ويرى كوتس أولريخسن أن "الصراع من أجل ميزان القوى في الكويت" بين البرلمان المنتخب بشكل ديمقراطي من جهة والحكومة المعينة من قبل الأمير من جهة ثانية ما يزال صراعاً مفتوحاً. إلا أنه وبخلاف عدد من البلدان العربية فإن شرعية الأسرة الحاكمة ليست موضوع تساؤل. "إنها ليست ثورة"، كما توضح ابتهال الخطيب، إلا أن هناك مطالب بسلطات أكبر للبرلمان وبحكومة ديمقراطية.
الصراع الدائم بين مختلف مؤسسات الحكم في الكويت قد لا يكون بالضرورة مثالاً مغرياً لبلدان المنطقة، كالإمارات وقطر وغيرها. فدول المنطقة تراقب عن كثب ما يجري في الكويت وترى أن "الكويتيين في عجز عن اتخاذ أي قرارات نظراً لصراعاتهم الدائمة". وتدعو ابتهال الخطيب إلى تحرك سريع لحل الأزمة، وترى أن كلاً من الحكومة والمعارضة يرى نفسه منتصراً، لكن الخاسر الحقيقي هم الكويتيون.