اللاجئون السوريون يثقًلون كاهل المجتمع اللبناني
٢١ يونيو ٢٠١٣رنا حيدر لاجئة فلسطينية من سوريا تبلغ من العمر 25 عاما. تعمل رنا صباحا في جمعية لبنانية ترعى شؤون الأطفال اللاجئين السوريين في مخيم صبرا للاجئين الفلسطينيين ببيروت، أما بعد الظهر فتعمل رنا في مركز اجتماعي في مخيم شاتيلا المجاور.
عمل رنا في وظيفتين يوميا يساهم في توفير تكاليف حياة عائلتها الكبيرة. فهي تحتاج شهريا لـ 250 يورو، أو ما يعادل 300 دولار أمريكي لتسديد كراء المسكن. يضاف إلى ذلك تكاليف الطعام والدواء لوالدتها المريضة. أما المساعدات التي تقدمها المنظمات الاجتماعية فهي شحيحة جدا ولا تشكل سوى جزء صغير من احتياجات عائلة في الشهر الواحد في لبنان. بيد أن رنا تشعر بحجم المشاكل التي تواجه اللبنانيين عموما، وتقول" لقد استقبلنا الناس بحفاوة، لكننا نشكل لهم مشكلة كبيرة، لأننا ننافسهم في الحصول على فرصة عمل".
مخيما صبرا وشاتيلا يعتبران مناطق فقيرة ذات كثافة سكانية عالية في بيروت. كل شيء شحيح في المخيمين: السكن والكهرباء والماء وفرص العمل. ويعيش في المخيمين لاجئون فلسطينيون في ظروف قاسية للغاية، البعض يعيش هنا منذ عقود من الزمن.
وكل لبناني أو فلسطيني لا يجد في المناطق الأخرى من العاصمة مجالا للعيش يلتجأ إلى مخيمي صبرا وشاتيلا. ويزاحمهم في ذلك أيضا مهاجرون من سريلانكا وبنغلاديش، بالإضافة إلى اللاجئين السوريين، مثل رنا حيد.
التضامن والاستياء
تعتبر نبيلة إبراهيم، 47عاما، من مواليد مخيم صبرا، المحطة الأولى للاجئين السوريين الجدد. فهي تجمع الملابس وحفاضات الأطفال وتوزعها على المحتاجين من اللاجئين. نبيلة على علم تام بالظروف المعيشية للناس في الحي الفقير.
الكثير منهم عاطل عن العمل أو يعمل بأجور منخفضة جدا، كما تقول نبيلة. وتضيف أن الاستياء لدى السكان الأصليين في تزايد مستمر. وذلك لأن اللاجئين السوريين يعملون بأجور قليلة للغاية. وتتابع نبيلة قائلة: "تم فصل صديقتي من وظيفتها في محل بيع ملابس، لان رب العمل يوظف سوريتين بنفس الأجر الشهري للصديقة". لكن نبيلة تؤكد أن هناك تعاونا وتضامنا مع اللاجئين"لأن الناس يظهرون ترحيبهم باللاجئين".
والدولة اللبنانية من جانبها، مازالت تلتزم بسياسة الحدود المفتوحة أمام اللاجئين السوريين. ولهذا تشهد الحدود اللبنانية نزوح أعداد كبيرة من السوريين الهاربين من الحرب في بلدهم. وذكرت منظمة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة UNHCRأنها وثقت في شهر أيار/ مايو حوالي 530 ألف لاجئ سوري دخلوا الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى عدة آلاف من لاجئين لم يتم توثيقهم في سجلات الأمم المتحدة.
من جانبها، تنطلق وزارة الداخلية اللبنانية من حقيقة أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان قد بلغ مليون إنسان. وترتفع الأصوات المستاءة من تفاقم عبء اللاجئين في المجتمع اللبناني، خصوصا بين أوساط السياسيين.
المجتمع في مواجهة التحديات
وتعتبر منطقة البقاع المركز الرئيسي لاستقبال اللاجئين السوريين في لبنان. وتقول منظمة الأمم المتحدة للاجئين إنه حاليا يعيش حوالي 150 ألف لاجئ سوري مسجل لديها في المنطقة الريفية الفقيرة التي يعيش سكانها على الزراعة فقط. وهنا أيضا يمكن للرقم الحقيقي للاجئين أن يكون أكبر بكثير مما هو معلن عنه. ويتوزع اللاجئون السوريون في قرى وبلدات البقاع بكثرة، بسبب قربها من الحدود السورية. ففي قرية مرج بسكانها البالغ عددهم 20 ألف نسمة تسكن حوالي 1600 عائلة سورية لاجئة.
عن الوضع في القرية يقول عمدة القرية، ناظم يوسف، إنه لا يوجد في القرية حتى غرفة واحدة يمكن إيجارها. ويؤكد العمدة أنه قريته لم تعد قادرة بعد على استيعاب المزيد من اللاجئين. ويضيف ناظم أنه لا يمكن إعادتهم إلى سوريا أيضا، "لأنهم فقدوا كل شيء في بلدهم".
ويوضح عمدة القرية أن المساعدات التي توفرها منظمات الإغاثة الدولية قليلة للغاية قياسا بحجم المساعدات المطلوبة. فالمساعدات الدولية لا تكفي حتى لتغطية الاحتياجات الضرورية والأساسية للاجئين. لكن المسؤول المحلي اللبناني يشير إلى زيادة الاستياء بين اللبنانيين بسبب المساعدات المقدمة للسوريين، ويبرر ذلك بالقول: "إن السوريين يحظون باهتمام كبير، في الوقت الذي نعيش أزمة اقتصادية عميقة".
لا يوجد مجال للإيواء
من جانبه، بعرف علي باجي جيدا أسباب استياء اللبنانيين. باجي يعمل لدى منظمة أمل اللبنانية للإغاثة في العين. ويقول باجي إن عدد اللاجئين السوريين في هذه المنطقة الصغيرة قد بلغ في غضون العامين الماضيين 800 عائلة. ولم يعد هناك مجال لإيواء المزيد من العائلات السورية الفارة من جحيم الحرب. ويعلم علي باجي أن هناك العديد من الفقراء اللبنانيين الذين يعيشون في المنطقة، لهذا طلب من قيادة منظمته في بيروت السماح له بتقديم المساعدة لهم في إطار برنامج مساعدة اللاجئين السوريين.
كما تؤكد راخيل روتلي، الناشطة في المنظمة الإغاثة الدنماركية أنه تم بشكل متأخر جدا ملاحظة أوضاع الفقراء اللبنانيين. حيث تم ضمهم إلى برنامج الإغاثة في وقت متأخر. كما تشير روتلي إلى أن المشكلة الكبيرة تكمن في قلة أماكن إيواء اللاجئين. وتقول في هذا السياق: "نحن بحاجة إلى إقامة مخيمات كبيرة وواسعة للاجئين، على غرار المخيمات التي أقيمت في تركيا والأردن". لكنها تضيف أيضا من أن الخلافات السياسية داخل الحكومة اللبنانية قد حالت لحد ألان دون إقامة معسكرات كبيرة للاجئين في المناطق اللبنانية المختلفة.
يشار إلى أن مؤتمر المانحين الذي عقد في الكويت في نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي قد أقر حزمة مساعدات كبيرة للبنان. ولكن لحد الآن لم يتم تحقيق سوى ربع ما تم الاتفاق عليه.