المالكي: "خيارات العراق، حرب أهلية أو تقسيم أو انتخابات"
٤ يناير ٢٠١٣تشهد مدن غرب العراق تظاهرات بدأت في الأنبار وامتدت إلى صلاح الدين والموصل التي أنهت هذا الأسبوع رسميا اعتصاما دام 3 أيام. الأزمة وصلت صبيحة الجمعة 04 كانون ثاني/ يناير 2013 إلى منطقة الأعظمية في بغداد، حيث فرضت الحكومة حول مسجد النعمان طوقا امنيا بعد توزيع منشورات تدعو إلى إسقاط الحكومة بالسلاح. كما انطلقت بعد صلاة الجمعة تظاهرات في الفلوجة تطالب بنفس مطالب تظاهرات المحافظات الغربية، وانضمت إليها مدينة تكريت، مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين.وفي تطور ذي صلة وجه عزت الدوري، المطلوب للعدالة في العراق وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وجه خطابا للمتظاهرين في الأنبار أعلن فيه وقوف "حزب البعث" المحظور في العراق، إلى جانب مطالب المتظاهرين داعيا العراقيين إلى دعم المتظاهرين. ولم يتسن لنا التأكد من صحة ما نسب إلى الدوري.
في نفس الوقت، لم تنته الأزمة مع كردستان بعد، لكنه هادئة، فيما يستمر توهج النار تحت الرماد. ولم يفوت الزعيم الشاب مقتدى الصدر الفرصة، فعزف على وتر خلافه مع المالكي ودعاه إلى الاستقالة معلنا تضامنه مع المتظاهرين في الأنبار الذين يتهمهم كثيرون بإطلاق دعوات طائفية.
الأوضاع بمجملها تنذر بخطر، خصوصا بعد تعرض صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء، الذي زار المتظاهرين في الأنبار، إلى هجوم واعتداء بالحجارة والأحذية.
ويزداد الوضع تفاقما في ظل غياب رئيس الجمهورية، جلال طالباني، الموجود في المستشفى بألمانيا، ومن غير المرجح أن يتمكن من العودة إلى ممارسة عمله كرئيس للجمهورية، والذي طالما مثل عنصر توازن يجمع بين الأصوات المتضادة ونجح فعلا في تسوية خلافات كبرى كثيرة.
" العراق لم يعد دولة امة، بل دولة هويات منذ عام 2003"
الباحث والكاتب السياسي د حيدر سعيد من المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من DWعربية، معتبرا أن أزمة سوريا دخلت على خط ما يجري في العراق كعامل مساعد، لأن البلد يعيش أزمة نظام سياسي ، هي خلاصة 10 سنوات من الفشل في بناء نظام ديمقراطي.
وأشار الباحث سعيد إلى " أن العراق منذ نيسان 2003 غادر فكرة انه دولة تعبر عن أمة، وأصبح الآن دولة تعبّر عن هويات ".
وذهب الكاتب حيدر سعيد إلى أن أزمة الأنبار، وقبلها أزمة كردستان، تعكس فشل النظام في أن يعكس إرادة سائر المكونات العراقية في مؤسسات القرار.
رد فعل الحكومة جاء في حوار أجراه رئيسها نوري المالكي مع فضائية السومرية وحدد فيه أربع نهايات للأزمة:
1. الحرب الأهلية، أذا إصرّ المتظاهرون على مطالبهم.
2. تقسيم العراق إلى 3 دول، وهو أمر سيثير مشكلات الموارد.
3. إجراء انتخابات مبكرة للمجيء بحكومة وبرلمان جديدين.
4. الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ويبدو أن هذا أضعف الإيمان.
ولكن المطلعين على الشأن العراقي يقولون، إن الحل موجود في الدستور الذي اقر بصراحة أن العراق دولة فدرالية، وبالتالي على الساسة أن يرجعوا إلى الدستور ويحترموا نصوصه حقا، ويطبقوا ما جاء فيه ليخرجوا بالبلد من هذا المأزق.
"نتحدث عن تقاسم الثروة ولا توجد قوانين تحقق ذلك"
د حيدر سعيد وفي معرض حديثه عن هذا الموضوع ذهب إلى أن مشروع الفيدرالية في العراق هو مقترح أمريكي لإعادة رسم المشهد السياسي في العراق بعد عام 2003، ولكن دستور 2005 شهد نزعة أغلبية تسعى إلى أن تقلل من مساحة النظام الفيدرالي ، ولفت سعيد الأنظار إلى أن النظام الفيدرالي لم يُرسم كاملا وما تزال فيه مساحات واسعة يجب أن تملأ " فنحن نتحدث عن تقاسم الثروة ، لكننا لم نشرّع أي قانون لتوزيع الموارد المالية، ولا أي قانون للنفط والغاز" .
وذكّر سعيد بمطالب محافظتي صلاح الدين وديالى لتفعيل قانون الفيدرالية والتي واجهت رفض السلطة التنفيذية التي تجاوزت صلاحياتها ومنعت المحافظات المذكورة من تفعيل فيدرالية الأقاليم عبر تصويت أبنائها على القانون كما نصّ الدستور.
المستمع سربست في اتصال من اربيل أشار إلى أن النظام الفيدرالي هو الحل الأمثل للعراق الجديد.
مطالب المعتصمين في الأنبار والمناطق السنية تحددت بطلب إصدار قانون العفو العام، وإطلاق سراح معتقلات اغلبهن متهمات بالإرهاب، كما دعت أصوات أخرى إلى إلغاء قانون المساءلة والعدالة. وقد رد رئيس الحكومة على هذه المطالب بالقول أن قانون العفو العام يصدر عن البرلمان وهو الذي تحفظ عليه ولم يطرحه للتصويت، وكذلك الأمر بالنسبة لقانون المساءلة والعدالة. ثم وعد المالكي بإطلاق سراح عدد من السجينات بتهم لا تتعلق بالإرهاب، ويقترب عددهن من 700 معتقلة حسب بعض المصادر، ولكن هذا الإجراء قد يعني أنهنّ كن بريئات واعتقلن ظلما، أو انه يأتي استجابة سياسية لضغط المناطق التي ينحدرن منها.
" التظاهرات في الأنبار ليست مشروعة من الناحية القانونية"
الخبير في القانون الدولي د منذر الفضل، عضو لجنة كتابة الدستور تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من DWعربية مبينا " أن التظاهرات في الأنبار ليست مشروعة من الناحية القانونية ، فهي من الناحية دستورية حق مشروع، ولكن أي تظاهرة سلمية يجب أن تكون مجازة من قبل الدولة ، من جانب آخر، على الحكومة تنفيذ بعض المطالب المشروعة للمتظاهرين ، ومنها إيجاد فرص عمل، حسم قضايا الموقوفين، وتوفير الخدمات".
واعتبر د الفضل أن الإفراج عن الإرهابيين والإرهابيات ، وإعادة البعثيين وحزب البعث يتعارض مع القوانين ، ولا يجوز للمالكي أو لمجلس النواب أو لغيرهم القيام به " ومن قام بذلك يخرق الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق وهي مقرّة من الأمم المتحدة وهي أعلى من الدستور وأعلى من القانون والتي نصت على أن من ارتكب جرائم إرهابية لا يجوز العفو عنه، ولا يشمل بأي عفو سياسي، ولا تسقط الأحكام الصادرة بحقه بالتقادم".
"الدستور تغير وقانون العقوبات لم يتغير"
ولفت د الفضل الأنظار إلى أن قانون العقوبات البغدادي المعدّل المعمول به اليوم لم يجر تعديله بعد سقوط النظام السابق وبعد إصدار الدستور الدائم، معتبرا أن هذا سيشكل تعارضا بين ما نص عليه الدستور كمصدر للتشريع، وبين قوانين تنتمي إلى دساتير مؤقتة سابقة. وذهب الفضل إلى أن هذا القانون بعينه، يعتبر أن التمرد والعصيان المدني جريمة كبرى تستحق العقاب.
المستمع أحمد، في اتصال من بغداد، أشار إلى أن التظاهرات هي أسلوب من أساليب التعبير عن الرأي في العراق، ولكن لم ينجح وكان دائما عرضة للتسييس. في الجانب الآخر، وفي موضوع الفيدرالية أشار احمد إلى أنه منذ عام 2003 ، لم يتحقق ناتج سياسي مثّل الجميع، وقد لعب المال السياسي دورا كبيرا في تحديد مسارات الرأي العام. وذهب احمد إلى أن الحديث عن الفيدرالية اليوم ما زال غير جدي، وفي غير أوانه.
وفي اتصال من الموصل، تساءل احمد عن القوة العسكرية التي اقتحمت جامعة الموصل، ومدى صلاحية أي جهة لاختراق الحرم الجامعي، مشيرا إلى أن مدينته تعاني من منع التظاهرات، و أبدى احمد اعتراضه على مبدأ الفيدرالية معتبرا انه يعرض وحدة العراق للخطر، ولكنه استدرك انه مع وحدة العراق دون تهميش أي من مكوناته.
أما جواد وفي اتصال من بغداد فقد أشار إلى انه يعتبر قانون الفيدرالية مقدمة لتقسيم العراق، كما اعتبر أن المتظاهرين في مدن غرب العراق يرفعون اليوم شعارات طائفية. وذهب أبو محمود في اتصال من ديالى إلى أنه يعارض مبدأ الفيدرالية، وتساءل لماذا تمنع الحكومة التظاهرات في الأنبار، ولم تمنعها في ديالى.