المالكي في روسيا: سلاح ومواقف مشتركة إزاء سوريا
١٢ أكتوبر ٢٠١٢إلى عاصمة الثلوج موسكو وصل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي منتصف الأسبوع الجاري ليزيل كثيرا من الثلج الذي تراكم على العلاقة بين بلده وبين روسيا على مدى 9 أعوام. بداية الفراق بين العراق وروسيا كانت بإسقاط التحالف الدولي لنظام صدام حسين بقرار رفضت روسيا أن تصوّت عليه في الأمم المتحدة فخرج عاريا عن غطاء الشرعية الدولية ليصبح بذلك مشكلة مزمنة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش التي قادت التحالف.
روسيا تبحث عن أسواق لأسلحتها، والعراق يسعى لتنويع مصادر التسلح بعد أن تأخرت صفقة طائرات أف 16 التي عقدها مع الولايات المتحدة الأمريكية حليفه الاستراتيجي لأسباب عدة من بينها اعتراضات إقليم كردستان العراق عليها. على مستوى آخر، تعيش العلاقة بين البلدين اليوم ربيعا ليس ببعيد عن أحداث الربيع العربي، فسوريا والموقف من أزمتها ظلت قاسما مشتركا اتفق عليه الزعيمان. في سياق قريب آخر، شكلت براغ محطة السلاح الثانية للمالكي، في مسعى للحصول على طائرات خفيفة دون سرعة الصوت يريد العراق أن يعزز بها قوته الجوية الناشئة.
هل يكون السلاح الروسي بديلا عن الأميركي؟
ويرى بعض خبراء العلاقات الدولية أن الزيارة والعقود التي أعلنت بعدها قد تعني قطيعة مع السلاح الأمريكي، لكن الكاتب والإعلامي أبو فراس الحمداني وفي حديثه لمايكروفون برنامج العراق اليوم من DWعربية تحفّظ على هذا الرأي مبينا أنه لا يمكن عزل زيارة المالكي عن التطورات الجارية في المنطقة، وأبرزها الملف السوري، والملف النووي الإيراني وطبيعة علاقة العراق مع تركيا. ثم ذهب الحمداني إلى أن أكثر من 80 في المائة من تسليح العراق أمريكي، وعقيدة الجيش العراقي وتركيبته على النمط الأمريكي، "وهذه الصفقة في تقديري تعكس تناقض في المواقف والاتجاهات الإستراتيجية".
المالكي أعلن من موسكو أنّ علاقات بلاده مع الولايات المتحدة متينة ومتطورة وتحددها اتفاقية إستراتيجية، كما أن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند قالت:"نحن نقوم بمبيعات عسكرية مع العراق بنحو 12.3 مليار دولار ... لذلك لا أعتقد أن المرء بحاجة إلى أن يقلق حول علاقة هي الأقوى على أي حال". ولكن صفقة السلاح تثير تساؤلات على مستوى آخر، فقد أبدى الكاتب والإعلامي أبو فراس الحمداني استغرابه من كون" سلاح الجو العراقي أمريكيا، فيما تكون الدفاعات الجوية روسية، وهذا يعني عدم وجود إستراتيجية واضحة في التسليح" ومضى الحمداني إلى القول إن هذا الغموض في الموقف "يعكس السياسة الخارجية للعراق التي تفتقر إلى الوضوح الكامل".
الشرق الأوسط يتغير والتحالفات تتغير
ولا يمكن لمراقب الأوضاع في المنطقة أن يعزل تحركات رئيس الوزراء العراقي عما يجري على حدوده الشرقية (إيران) والغربية (سوريا). بل أن بعض المحللين يرون أن خارطة التحالفات في المنطقة سوف تشهد تغيرات كبرى بتأثيرات الربيع العربي، وهذا قد يفسر محاولة العراق العثور على حليف استراتيجي. الصحفي الألماني كيرستن كنب شارك في حوار العراق اليوم من DWعربية من أستوديو البث في مدينة بون مشيرا إلى" إن كل شيء يتغير في الشرق الأوسط، ولذلك يجب على العراق أن يبحث عن تحالفات جديدة وعليه أن يتبنى مواقف جديدة".
فيما ذهب الكاتب أبو فراس الحمداني إلى أن العراق يفتقد إلى حليف استراتيجي، وذكّر في هذا السياق بواقعة احتلال إيران لبئر الفكه النفطي جنوب العراق حيث لم يجد العراق حليفا استراتيجيا يسانده مقابل ما فعلته إيران، والى ذلك، فإن محاولة المالكي للتقارب مع موسكو يمكن أن تجعل "روسيا في المستقبل حليفا استراتيجيا للعراق". من جانبه، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على تقارب مواقف بلديهما بشأن الأزمة السورية، وفي هذا السياق، قال المالكي في ختام مباحثات مع بوتين بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء ريا نوفوستي "اتفقنا على أنه يجب تسوية الأزمة السورية دون أي تدخل خارجي من خلال دعم مهمة الموفد الدولي الخاص لسوريا". فيما قال بوتين إن "آراءنا متطابقة أو متقاربة حول مسائل عدة".
مشروع صفقة طائرات تدريب من براغ
ويسعى العراق أيضا إلى الحصول على طائرات تدريب من جمهورية التشيك، وقد أكد رئيس الوزراء التشيكي بيتر نيساس ونظيره العراقي نوري المالكي في براغ إجراء مفاوضات "مكثفة" حول احتمال شراء بغداد 28 طائرة تشيكية دون سرعة الصوت من طراز ل-159. وفي سياق متصل، قال المالكي في هذا الصدد "توصلنا إلى اتفاق معين لكن ما زال علينا حل المسائل الفنية". فيما أعلن وزير الدفاع التشيكي أن العراق مهتم بشراء 24 طائرة بمقعد واحد وأربع طائرات بمقعدين.
النفط بعد السلاح
بتوقيت متزامن مع تفاصيل جولة المالكي (التسليحية) نقلت وكالة رويترز عن مصادر بقطاع الطاقة أن العراق يدرس استبدال إكسون موبيل بشركات روسية في مشروع غرب القرنة-1 النفطي العملاق بعدما أغضبت الشركة الأمريكية بغداد بعقودها مع إقليم كردستان.
فيما كشفت (نفته كومباس) وهي نشرة أسبوعية للطاقة عن دول شرق أوروبا في تقرير نشرته الخميس 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2012 أن العراق يدرس إدخال لوك أويل وجازبروم نفت الروسيتين بدلا من اكسون. والشركتان الروسيتان لهما عمليات بالفعل في البلاد، مضيفة أن من المقرر طرح الموضوع خلال اجتماع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال متحدث باسم لوك أويل، ثاني أكبر شركة لإنتاج النفط في روسيا والتي تشارك في مشروع غرب القرنة-2، إن الشركة لا تعتزم زيادة أعمالها في العراق بالاستحواذ على حصة في غرب القرنة-1 مكررا الموقف الرسمي للشركة أنها راضية عن محفظتها الحالية في العراق.