المحطة الأولى لطالبي اللجوء في ألمانيا
٢٥ مارس ٢٠١٣على مدار الساعة يشهد المبنى رقم 60 في المنطقة الجنوبية من مدينة دورتموند حركة دؤوبة، فهو يعتبر المركز الوحيد لاستقبال طلبات اللجوء في ولاية شمال الراين فستفاليا، إلى جانب مركز آخر في مدينة بليفيلد.
حسب المشرف على مركز استقبال طلبات اللجوء في دورتموند، مراد سيفري، فإن أغلب طالبي اللجوء الأفارقة هم من الرجال وتتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاما ويحلمون بالعمل ومساعدة ذويهم. ويضيف مراد سيفري:" أما طالبي اللجوء من الشرق الأوسط فأغلبهم إما عائلات أو نساء منفردات". كما هو الشأن بالنسبة لشونم مرداني التي اختارت طريق الهجرة غير القانونية بعدما تأكدت من استحالة حصولها على تأشيرة قانونية توصلها إلى ألمانيا.
وعن سبب تقدمها بطلب اللجوء تقول هذه الشابة الكردية:" في إيران تم اعتقالي أكثر من مرة لأن غطاء رأسي لم يكن يغطي كل شعري، حيث كان جزء منه يبقى مكشوفا". ظروف كهذه وغيرها جعلت هذه السيدة تترك ابنتها البالغة من العمر 12 عاما وراء ظهرها وتستعين بمتخصصين في تهريب الأشخاص الذين منحتهم كل ما جمعته من أموال ليرحلوها إلى ألمانيا عبر تركيا.
الهروب من الدكتاتورية
بعد وصولها إلى ألمانيا، قضت لشونم بعض الأيام لدى أصدقاء لها في مدينة كولونيا الذين لم يبخلوا عنها بأي نوع من المساعدة ومنحوها ملابس وحلي للزينة. وعن المصير الجهول التي ينتظرها تقول المرأة ذات 37 عاما: " كان ينتابني الخوف لأنني سافرت لوحدي. لكن إذا بقيت في إيران كنت سأعاني من خوف أكبر". كما تؤكد على صعوبة العيش في بلد دكتاتوري، خاصة إذا تعلق الأمر بسيدة كردية ومطلقة أيضا. وتضيف:" لو علم الإيرانيون كيف يعيش الناس في بقية دول العالم لقرر جميعهم الهروب".
يتولى المرشد الاجتماعي واكد كبير ترجمة كل ما تقوله شونم مارداني. في البداية يتم إخبار طالبي اللجوء بكل الخطوات البيروقراطية التي يتعين عليهم القيام عند تقديهم لطلب اللجوء. وعن ذلك يقول مدير المركز مراد سيفري:" نقوم عند الضرورة بمرافقة طالبي اللجوء في كل المراحل. فهذا الأمر يتطلب جهدا كبيرا".
وما يساعد على القيام بهذه المهمة، هو أن أغلب الموظفين في هذه المؤسسة هم من أصول أجنبية ويتقنون لغات عديدة ولهم دراية واسعة بمشاكل طالبي اللجوء.
شونم مرداني حصلت على غرفة في المركز حيث ستقضي فيها يومين إلى ثلاثة أيام وستحصل على 3 يورو ونصف يوميا بالإضافة إلى ملابس ومستلزمات التنظيف، كما يسمح لها بالتحرك بكل حرية في مدينة دورتموند. لكن هذا يتوجب عليها تقديم جواز سفرها للمركز والتصريح باسمها وتاريخ ميلادها وأخذ صورة شمسية بالإضافة إلى بصمات الأصابع. كل هذه البيانات يتم تخزينها في السجل المركزي للأجانب ويتولى مكتب المباحث الجنائية التحقق من هذه البيانات وإرسال كل الملاحظات إلى دول أوروبية أخرى للتأكد من عدم تقدم طالب اللجوء بطلب مماثل في دولة أوروبية أخرى.
بعد ذلك يتم نقل شونم مرداني وغيرها من طالبي اللجوء عبر حافلة إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، حيث يحصلون هناك على تصريح بالإقامة كبديل عن جواز السفر ويقدمون شفويا طلب اللجوء.
حق اللجوء والأمل في البقاء
ويشترط في قبول طلب اللجوء أن يدلي صاحبه بسبب مقنع، خاصة وأن المسؤولين على النظر في ملفات اللجوء لديهم دراية كبيرة بالوضع السياسي والجغرافي للبلدان الأصلية لطلبي اللجوء. ثلث الطلبات يتم رفضها من طرف المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، ويسمح للأشخاص الذين تم رفض طلبهم أن يتقدموا مرة أخرى بطلب اللجوء أو الطعن في الرفض أمام المحكمة أو مغادرة البلاد، وإلا فإنهم سيكونون مهددين بالترحيل من السلطات المعنية في كل وقت.
بسبب الوضع السياسي في إيران تملك شونم مرداني الأمل في أن يحظى طلب اللجوء الذي تقدمت به بالقبول في المرحلة الأولى، ولتعزيز هذا الأمل قام أصدقاؤها في كولونيا بالاستعانة بمحامي خبير في قضايا اللجوء لتقديم الاستشارة اللازمة لها.
ثم تعود إلى مركز الاستقبال الأول للاجئين، حيث علمت شونم مرداني بأنها في حاجة إلى شهادة طبية تثبت خلوها من الأمراض المعدية مثل السل. بعدها ستنتظر في مركز الإيواء يومين أو ثلاثة إلى غاية أن تحسم الجهات المختصة في الولاية التي سيتم إرسالها إليها.
وإذا سمح لها بالبقاء في ولاية شمال الراين فستفاليا فإنها ستُرحل إلى مؤسسة أخرى خاصة باستقبال اللاجئين وتقضي بها مدة تترواح بين ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر قبل أن يتم تحديد مركز إيواء اللاجئين الذي ستمكث فيه إلى غاية البت النهائي في طلب اللجوء الذي تقدمت به. ويقول مراد سيفري بهذا الخصوص :" هذا الأمر قد يستغرق شهرين وقد يمتد حتى عام، وذلك حسب البلد الذي ينحدر منه طالب اللجوء وسبب اللجوء".
شونم مرداني تأمل في البقاء في ولاية شمال الراين فستفاليا حيث يمكنها زيارة أصدقائها في كولونيا. وعند وداعنا لها بدت مرداني مرتاحة وسعيدة.
والآن هي تعيش في مركز لطالبي اللجوء في ولاية شمال الراين فستفاليا وتتعلم اللغة الألمانية. وتصف حالتها قائلة:" أشعر بملل كبير ولا توجد إمكانية للعمل". فالتحلي بالصبر أمر مطلوب في طالبي اللجوء في ألمانيا لطول الإجراءات وتعقيداتها.