المحكمة الدستورية التركية تطيح بشرعية حزب المجتمع الديمقراطي الكردي
١٢ ديسمبر ٢٠٠٩مرة أخرى يطيح القضاء التركي بحزب كردي ممثل في البرلمان. والتهمة هذه المرة أيضا هي نفسها التهمة القديمة، التي حلت على أساسها المحكمة الدستورية أحزاباً ذات توجهات كردية، أي "العلاقة بمتمردي حزب العمال الكردستاني المحظور". وإذا كانت المحكمة الدستورية قد أرسلت إشارات إيجابية، قبل عام ونيف، حين صوتت بغالبية ضئيلة ضد منع نشاط حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، فإن قرار حظر حزب المجتمع الديمقراطي الكردي كان متوقعاً.
وبالفعل وافقت المحكمة وبإجماع كل أعضائها على حظر الحزب الكردي الوحيد في البرلمان التركي. وقد برر رئيس المحكمة الدستورية هاشم كيليتيش الحكم الذي أصدرته محكمته بالقول: "تقرر إغلاق حزب المجتمع الديمقراطي بسبب صلاته بالمنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) ولأنه أصبح النقطة المحورية للأنشطة المناهضة لسلامة البلاد". وبالإضافة إلى حظر الحزب وإغلاقه بالكامل ومصادرة ممتلكاته، قررت المحكمة منع سبعة وثلاثين قيادياً للحزب من ممارسة العمل السياسي لمدة خمسة أعوام. وتشمل قائمة السبعة والثلاثين كلا من رئيس الحزب أحمد تورك والرئيسة الموازية إيسيل توغلوك، ما يعني سقوط عضويتهما في البرلمان تلقائياً. كما طال قرار المنع الرئيس السابق للحزب نور الدين ديميرطاش والنائبة السابقة والشخصية الكردية المعروفة ليلى زانا.
مظاهرات كردية احتجاجاً على القرار
وما أن نطق رئيس المحكمة بالحكم حتى خرج المئات من الشبان الأكراد، في أكثر من مدينة كردية، في مظاهرات ضد حل حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، كما حدثت صدامات بين رجال الشرطة وهؤلاء الشبان وخصوصا في مدينة هكاري. وقد أعلن رئيس الحزب أحمد تورك أن نواب الحزب في البرلمان التركي، والبالغ عددهم واحد وعشرون نائباً، سيقدمون استقالاتهم. تورك اتهم "النخب التركية" بالتهرب من مواجهة "المشكلة الكردية" عبر اللجوء إلى هذه الإجراءات القضائية.
وقال تورك في تصريحات صحافية بعيد صدور الحكم "إن تركيا لا تستطيع حل مشكلاتها من خلال إغلاق الأحزاب." وفي تصريح فهم منه أن الأكراد، وبالرغم من قرار الحظر، سيعودون إلى الواجهة السياسية بحزب جديد ووجوه أخرى كما جرت العادة، أضاف تورك المعروف باعتداله "ما دام هدفنا هو إيجاد حل للمشكلة الكردية فلا يهم من يتم حظره من السياسة ومن لا يتم حظره لان تصميمنا لإيجاد حل سوف يستمر."
ضربة قوية لجهود حكومة أردوغان للانفتاح على الأكراد
وقد أجمع معظم المراقبين الأتراك على أن حكم المحكمة شكل ضربة قوية لجهود حكومة حزب العدالة والتنمية التركي، ذي التوجهات الإسلامية، للانفتاح على الأكراد عبر سلسلة من الإجراءات السياسية والثقافية للاعتراف الجزئي بالهوية الكردية. ويضيف هؤلاء بأن حظر الحزب الكردي يعزز موقف المتشددين داخل حزب العمال الكردستاني وداخل النخبة الكمالية العلمانية أيضا التي ترفض غالبيتها الاعتراف بالهوية الكردية. كما انتقد حزب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قرار المحكمة لكنه دعا إلى احترامه. إذ أكد النائب مصطفى أليتاش أن حزبه "ضد حظر أي حزب ويجب أن يقرر الشعب ذلك". كما توالت انتقادات من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية أيضاً. فقد أصدرت الرئاسة السويدية للاتحاد على الفور بيانا أعربت فيه عن "قلق الاتحاد الأوروبي من القرار"، محذرة من أن "حظر حزب المجتمع الديمقراطي سينتهك حقوق الأكراد وقد يؤدي إلى انتكاسة لحملة الحكومة لإنهاء الصراع مع الانفصاليين الأكراد، الذي بدأ قبل أكثر من عقدين".
ومع تركيز الاتحاد الأوروبي على الأكراد في نقده للقرار إلا أن معظم المراقبين يعتقدون بأن مثل هذه الإجراءات تؤخر، بلا شك، طموح أنقرة للانضمام إلى الأسرة الأوروبية. من جانبها حثت الولايات المتحدة تركيا على "تعزيز الحريات السياسية" لجميع مواطنيها، حسب بيان للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية. وفي حين رفض المتحدث التعليق على حيثيات الحكم على اعتباره شأناً داخلياً، إلا أنه شدد على أن واشنطن تشجع الحكومة التركية على "مواصلة جهودها لضمان أن جميع المواطنين الأتراك يمارسون حقوق ومسؤوليات المواطنة بشكل كامل".
(أ.ح/ د ب أ/ رويترز)
مراجعة: عماد غانم