المخرج المصري داود عبد السيد يعود برسائل من البحر
١٨ فبراير ٢٠١٠الوجوه الشابة صارت علامة من العلامات المتميزة في السينما المصرية الحديثة. ولم يعد اسم الممثل هو الذي يجذب الجمهور إلى شباك التذاكر،إنما قصة الفيلم وطريقة الإخراج هي التي باتت تفرض نفسها. وقد نجح المخرج المتميز داود عبد السيد في دفع نجوم شابة مثل آسر ياسين وبسمة لتمثيل قصة الفيلم التي هي غاية في العمق والحساسية. وقد اتخذ داود عبد السيد من الإسكندرية مسرحا لعرض التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري. فالإسكندرية كانت حتى قبل ثورة يوليو 1952 منارة للأجانب الذين أثروا الحياة الاقتصادية و الثقافية في هذه المدينة الساحلية، ثاني أكبر المدن المصرية، وهي الناحية التي يحاول المخرج عبد السيد داود إبرازها في كاميراته الرقيقة.
عودة للإخراج بعد توقف دام سبع سنوات
بطل الفيلم(يحيى)، الذي يلعب دوره الوجه الشاب آسر ياسين، يعاني من التلعثم في الكلام، ما يصعب عليه الحياة. وعلى الرغم من أنه أنهى دراسة الطب، فإن هذا الاضطراب الذي يعاني منه يُصعب عليه التواصل مع الآخرين، ما يدفعه بعد وفاة والده إلى العودة إلى مدينة الإسكندرية ليعمل صيادا ويبحث عن حبه القديم في هذه المدينة التي نشأ فيها. فهو يحب منذ أيام طفولته جارته الإيطالية كارلا.
لقد عاد المخرج المتألق داود عبد السيد في فيلمه الجديد "رسائل البحر" بعد توقف طويل وبعد فيلمه "مواطن و مخبر و حرامي". في فيلمه الجديد يظهر من خلال قصة حب رقيقة التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري. فحب يحيى لكارلا الإيطالية لا يدوم بعد اكتشافه أن لها ميولاً جنسية أخرى. والعنصر الأساسي الذي يرافقنا خلال الفيلم هو عشقه للموسيقى الكلاسيكية التي تجعله يقف بشكل شبه دائم أمام منزل عريق يستمع فيه إلى عزف شخص مجهول للموسيقى الكلاسيكية التي يعشقها . البطل يحيى يتعرف على (نوره) وتنشأ بينها علاقة حميمة على الرغم من أنها تحترف مهنة البغاء، أو هذا ما يظنه يحيى. وفي نهاية الفيلم يتضح أن نوره ليست كما يوحى لنا الفيلم في البداية.
"رسائل البحر" يتطرق إلى الطبقات الاجتماعية الجديدة التي صارت تسود المجتمع المصري، و يبدو هذا متمثلا في دور التاجر الذي يشتري البيت الذي يعيش فيه يحيى. فالتاجر يريد هدم المنزل العتيق الذي يمتازبطراز بنائه الراقي ليبني عوضا عنه شققا فاخرة جديدة، ويحاول إقناع يحيى، الساكن الوحيد الذي يصر على البقاء، بشتى الطرق لمغادرة الشقة من خلال الإغراءات المالية .
كاميرا دواود عبد السيد تكتشف الطاقات المدفونة
الفيلم الذي كان مرشحا له الفنان الراحل أحمد زكي ومن بعده خالد صالح ساهم في إبراز القدرات الفنية للممثل الشاب آسر ياسين الذي قام في الفترة الأخيرة بأدوار هامة في أفلام مثل (زي النهارده) و (الوعد). فكاميرا المخرج داود عبد السيد نجحت في تفجير العديد من الإمكانيات الموجودة في هذا الفنان الشاب وأظهرته بشكل جديد على الجمهور. و بدا هذا أيضا واضحا بالنسبة للممثلة الشابة (بسمة)، فكاميرا المخرج كشفت الكثير من مواهب هذه الفنانة المتألقة. وبدا في ( رسائل البحر) اهتمام المخرج الشديد بالإضاءة والألوان والتفاصيل الدقيقة.
محاولة لدخول الأسواق الأوربية
الفيلم الذي عرض في قسم التسويق الأوربي للأفلام European Film Market(EFM) هو من ضمن ثلاثة أفلام مصرية، تسعى شركة العربية للسينما إلى تسويقها، فقد عرضت الشركة أيضا فيلم (عصافير النيل ) للمخرج مجدي محمد علي من بطولة فتحي عبد الوهاب، و(المسافر) لأحمد ماهر الذي قام ببطولته عمر الشريف و خالد النبوي، وهو الفيلم الذي عرض في مهرجان البندقية الأخير إلى جانب فيلم (احكي يا شهرزاد) ليسرى نصر الله. وتقول السيدة سحر الشربيني مديرة المبيعات الدولية في شركة العربية للسينما في حديث خاص لموقعنا إنها تسعى من خلال تواجد الشركة للمرة الرابعة في المهرجان أن تنجح الأفلام المصرية في دخول الأسواق الأوربية بقوة "فهي بقدرتها على التنافس مع الأفلام العالميةلا تقل جودة عن الأفلام الأخرى، وتم إنتاجها وفقا للمعاير الدولية من حيث جودة الصوت و طباعة الأفلام" وتؤكد سحر الشربيني أن هذه المواصفات تسمح لهذه الأفلام بخوض المنافسة على صعيد دولي.
الكاتبة: هبة الله إسماعيل- برلين
مراجعة: منى صالح