المدونات نافذة للحوار ووسيلة لدفع عجلة الديمقراطية
تعتبر المدونات في الوطن العربي على الرغم من حداثتها متنفسا للكثير من الشباب الذي يريد أن يعبر عن رأيه السياسي أو حتى الكتابة الأدبية الحرة، خاصة وأنها تجذب الشباب وتؤثر في آرائهم وتفكيرهم، إضافة إلى أنها طريقة لتفادي العوائق التي تضعها الحكومات العربية أمام الصحافة الحرة وحرية التعبير، ولذا يمكن للشباب وبتكاليف بسيطة الكتابة والتعبير عن آرائهم بكل حرية، وكذلك التعبير عن انتقاداتهم سواء تجاه الوضع السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، إضافة إلى أنها حلقة تواصل بين الشباب. واعتبر عمار عبد الحميد، عضو هيئة التحكيم "لمسابقة دويتشه فيله لاختيار أفضل المدونات لعام 2005" بأنه سيكون للمدونات دور هام في العملية الديمقراطية مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك إمكانية لاستغلالها السيئ خاصة من قبل الحركات الأصولية. "ولذا سيكون لها تأثيرين على المجتمع، إذ ستقدم فرصة للتيار الديمقراطي الحديث المعاصر والمعتدل، ليكون له بروز أكثر على الساحة، لكنها ستساعد أصحاب التيارات المتطرفة في المنطقة لنشر أفكارهم، مما سيخلق صراعا بين التيارين قد يأخذ منحى آخر."
عوائق الحكومات أمام المدونين
واعتبر عبد الحميد أن "أهم العوائق التي تضعها الحكومات هي محاولة السيطرة على الانترنت نفسها، حيث تقوم الكثير من الحكومات بمنع وحجب الكثير من المواقع التي تقدم خدمة للمدونات، وكذلك منع التواصل الصوتي (مولتي ميديا) عبر الانترنت ومنع خدمة (FTP)، إذ من الصعب عمل التجديد المستمر للمواقع بسبب حجب هذه الخدمة. "هذا التضييق على المدونين العرب يحد من تطوير المدونات ويعيق إمكانية التواصل فيما بينهم، إضافة إلى ذلك هناك تدخل امني من قبل الحكومات خاصة في حال تجرؤ صاحب المدونة على نقد سياساتها الأمر الذي يزعج السلطات الأمنية، مما قد يعرض المدونين للتحقيق أو السجن وهذا ما لمسناه في الفترة الأخيرة في مصر حيث قامت السلطات المصرية باعتقال المدون عمر سليمان. إلى جانب ذلك هناك اعتقالات ومضايقات وتهديدات من قبل حكومة البحرين، وفي السعودية يضطر أصحاب المدونات للكتابة بشكل سري لتفادي ضغوط الحكومة، أما في إيران فقد تم اعتقال ومحاكمة المدون اوميد بعقوبة 120 جلدة. ويرى عضو هيئة التحكيم "أن في ذلك خطورة دائمة وملاحقة دائمة لأصحاب المدونات لإحساس الحكومات بأهميتها." ونظرا لتزايد العوائق أمام المدونين من قبل الحكومات العربية وخوفهم من الملاحقة فقد كانت المشاركة العربية في مسابقة دويتشه فيله لهذا العام أقل من المتوقع.
الملاحقة السياسية في مواجهة دعم الشارع
واعتبر عبد الحميد أنه لا بد من "تقديم الدعم المتواصل للمدونين" بشتى الوسائل والطرق وأضاف "أن هناك لجنة في أمريكا لحماية المدونين تضم في عضويتها مجموعة كبيرة من الأشخاص منهم مدونين معروفين ليس فقط في أمريكا وإنما أيضا على مستوى العالم هدفها خلق أدوات لكي يحافظ المدونون على سريتهم وكذلك تخطي الحواجز التي تضعها الحكومات أمامهم، إضافة إلى متابعة وتسليط الأضواء على المدونين الذين تم مضايقتهم أو اعتقالها." ولذا فإن تقديم الدعم المعنوي لمدونين من خلال إبراز المعاناة التي يتعرضون لها من أهم الوسائل التي يمكن تقديمها لهم، إضافة إلى محاولة تقديم أدوات تساعدهم في تطوير مدوناتهم من أجل خرق عمليات الحجب التي تقوم بها الحكومات العربية وكذلك مساعدتهم في عمل مدونات سرية لكي لا يتم معاقبتهم وملاحقتهم من قبل هذه الحكومات.
وقال المدون عمار عبد الحميد: "إن المدونات جزء من محاولات اختراق حاجز الصمت في المنطقة العربية، وجزء لاختراق وسائل المنع التي تستخدمها الحكومات، وبالتالي سيكون لها تأثير على الحراك الديمقراطي في المنطقة، إذ استطاع أصحاب المدونات في الفترة الأخيرة الوصول إلى عدد كبير من الجمهور". على سبيل المثال استطاع المدونون المصريون تشجيع الشباب للنزول إلى الشوارع ضمن حركة كفاية والمطالبة بإصلاحات ديمقراطية في مصر، "صحيح أنهم لم ينجحوا في تحقيق التغيير إلا أنهم نجحوا ولأول مرة في إنزال آلاف الناس إلى الشوارع وحشد آلاف الشباب وكذلك التنسيق فيما بينهم، إذاً فلقد لعبت المدونات دورا كبيرا في الحركة الشعبية في مصر. ولذا فأعتقد أنها جزء من العملية الديمقراطية."
مسابقة دويتشه فيله
وأشاد عمار بمسابقة دويتشه فيله للمدونات وقال "إنها هامة جدا خاصة وأن المدونات في العالم لم تلق بعد حصتها من التشجيع، ولذا فنحن بحاجة إلى إلقاء الضوء على هذا النمط الجديد من التحليل السياسي والاقتصادي والأدبي، وأعتقد أن هناك الكثير من دور النشر التي تبحث عن الكتاب الشهيرين من خلال المدونات." واعتبر أن المدونات في العالم الغربي قد بدأت تنافس الصحافة ومراكز الأبحاث خاصة في أهميتها لإيجاد أفكار جديدة وطرحها على المستوى المحلي والعالمي. "وأعتقد أن المستقبل يسير في العالم العربي بهذا الاتجاه، ولذا سيكون للمدونات دور كبير في هذا المجال، ومسابقة دويتشه فيله جاءت في وقتها لتسليط الأضواء على هذا الوسط الهام وكذلك تقويته ودعمه." من جهة أخرى فإن هناك تعاون كبير وتواصل بين المدونين العرب والكثير من المواقع والمؤسسات الأجنبية، حيث يقوم المدون عمار عبد الحميد عمل روابط مع الكثير من المدونات والمواقع الأخرى "لأن هذه هي الطريقة المجدية في التعاون والتطوير وكذلك التواصل مع الآخرين عن طريق الروابط المشتركة" حسب رأي عضو هيئة التحكيم، خاصة وأنه سيتعاون في المستقبل القريب مع موقع قنطرة في ألمانيا.
زاهي علاوي - دويتشه فيله