المرشدات الدينيات المغربيات نموذج يحتذى به لتطوير التأطير الديني
٩ مايو ٢٠٠٦تخرجت يوم الأربعاء الماضي أول دفعة من المرشدات الدينيات اللواتي سيساهمن في نشر الثقافة الدينية في المجتمع المغربي. وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها في تاريخ المغرب، إذ أنها تجسد جهود النخبة المغربية في تدعيم إصلاح الخطاب الديني وحمايته من التطرف. وستقوم المرشدات الدينيات إلى جانب الأئمة بمزاولة مهام دعم التأطير الديني في مختلف مساجد المغرب، بما في ذلك مهام الوعظ والإرشاد. ويأمل المسؤولون المغاربة من خلال هذه التجربة المضي قُدماً في بناء مجتمع يقوم على أسس التسامح ونبذ العنف. ويذكر أن الواعظات سيباشرن أعمالهن ليس فقط في المساجد، بل ستتسع دائرة عملهن لتشمل كذلك المستشفيات والمدارس والسجون.
التسامح بدل التطرف
وتحاول النخبة السياسية والمثقفة في المغرب بدعم من العاهل المغربي تطوير بنى المجتمع المغربي ودعم الانفتاح الثقافي المشبع بأفكار تخدم تطوير المجتمع وترسيخ السلم الإجتماعي فيه. فبعد قيام المسؤولين المغاربة بجملة من الإصلاحات القانونية التي تضمنت تحديث مدونة الأحوال الشخصية، يأتي برنامج تكوين أئمة ومرشدات دينيات ليعزز تلك الجهود من أجل اللحاق بركب الحداثة من جهة، واستئصال الفكر السلفي المتطرف داخل المملكة والحفاظ على وحدة المذاهب والمرجعية الدينية في البلاد من جهة أخرى. وفي إطار تلك الجهود، تم إنشاء برنامج تكوين 150 إماما و50 مرشدة كل عام بحيث يتم تأهيل الائمة والخطباء وتطوير الخطبة وتوجيه الوعظ وتحسين الإرشاد الديني بما يتناسب مع العقيدة والمذهب المالكي وسياسة الدولة. وفي هذا السياق، أشار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق في حفل التخرج وتسليم الشهادات إلى أن مهام هؤلاء الوعاظ والواعظات يتمثل بالدرجة الأولى في استتباب الأمن الروحي والطمأنينة في نفوس المواطنين. وعن أهداف هذا التكوين قال الوزير إنه "جاء من أجل تدعيم التأطير الديني في مساجد المملكة من حيث الواجبات الدينية والوعظ والارشاد."
تكوين صعب ومسؤولية كبيرة
وتستغرق مدة تأهيل المرشدات 12 شهرا تتلقى خلالها الدارسات تكوينا مكثفا فيما يتعلق بالتأهيل الشرعي والاجتماعي والثقافي اللازم. علاوة على ذلك، تتلقى الدارسات التعليم النظري للعلوم الشرعية واللغة العربية وكذلك اللغات الأجنبية وعلم النفس الاجتماعي. وحرصت الجهات المعنية أن يتلقى أئمة ووعاظ المستقبل تكوينا مكثفا وعصريا في مجالات عدة، بينها تاريخ المسلمين والجغرافيا واللغات العربية والأجنبية. ويرجع هذا الاهتمام بتدريس تخصصات جديدة حسب المختصين إلى أن تلك العلوم تساعد الطالب والطالبة على تكوين عقلية متفتحة. وإلى جانب صعوبة الدراسة، يأتي ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الواعظات، كما عبرت عن ذلك إحدى الواعظات بالقول إن مايقمن به هو "مسؤولية جسيمة ملقاة على عاتقهن لخدمة المغرب." وحول أهداف التكوين قالت متخرجة أخرى:" أسعى مع زميلاتي إلى تصحيح صورة الدين الإسلامي الذي هو دين التسامح والرحمة."
الوعظ وليس الإمامة
ورغم أن الواعظات يحظين بنفس مرتبة الأئمة، إلا أنه لن يُسمح لهن إمامة الصلاة. وقالت في هذا الشأن إحدى الواعظات: "سيكون لنا نفس دور الإمام إلا أننا لن نؤم الصلاة ولن نلقي خطبة الجمعة." وستقوم الواعظات بإعطاء دروس وعظ للنساء والعائلات في المناطق التي سيتم تعينهن فيها لتوعية النساء بحقوقهن المنصوص عليها في قانون الأسرة. كذلك ستأخذ القضايا الأخرى التي تهم المرأة والأسرة بالدرجة الأولى حيزا مهما من النشاط العملي للواعظات اللواتي سيقمن بتقديم الإرشاد الديني والاجتماعي طبقا لبرنامج علمي موضوع من طرف المجلس العلمي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وبالتالي سيقتصر دور الواعظات على التوعية والوعظ والارشاد في المجال الديني خاصة بالنسبة للنساء.