المسيحيون الديمقراطيون منقسمون حول كيفية التعاطي مع الأزمة المالية
٣٠ نوفمبر ٢٠٠٨يبدأ الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤتمره العام السنوي غداً الاثنين أول ديسمبر/كانون الأول لمدة يومين، وسط انقسامات عميقة بشأن كيفية تعامل ألمانيا مع الأزمة المالية التي تواجهها البلاد والتي تعد الأسوأ منذ عقود. وبينما قوبلت إدارة ميركل للأزمة الاقتصادية بالاعتراضات داخل الحزب وخارجه، أكد خبراء سياسيون أنه يتعين على المستشارة الألمانية تجنب المواجهة حتى تحتفظ بشعبيتها التي اكتسبتها خلال ثلاث سنوات في الحكم، خاصة قبيل حملة الانتخابات التشريعية التي ستنطلق في عام 2009.
وكانت الحكومة الألمانية تأمل في إعادة التوازن إلى الميزانية بحلول عام 2011، لكن الأزمة المالية العالمية أدت إلى تخلي ألمانيا عن هذا الموعد، بعد أن دخلت البلاد في مرحة ركود، فاضطرت الحكومة إلى زيادة حجم الاقتراض الصافي لعام 2009 بـ 8 مليار يورو لتصل إلى 18 مليار يورو. وانتقد البعض المستشارة الألمانية واتهموها بالافتقار إلى الرؤية وبأنها تأخرت في التحرك لمواجهة الأزمة.
المؤتمر لن يركز على الأزمة المالية
ونزولا على إرادة ميركل ، فلن يعطي الحزب الأولوية الأولى خلال مؤتمره لبحث سبل مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، حيث ترى ميركل وزملاؤها في الحزب أن النظر في دعم استثمارات الشركات وقطاع السيارات على الوجه الخصوص شأن حكومي لا يحتاج للطرح أمام هذا المؤتمر الحزبي. ويعكس شعار الحزب خلال هذا المؤتمر توجه قياداته إلى عدم التركيز على الأزمة المالية، إذ أصرت ميركل وأمين عام الحزب المسيحي الديمقراطي رونالد بوفالا على الإبقاء على شعار الحزب "الوسط، مصدر قوة ألمانيا" ولم يكن الشعار على سبيل المثال "أقوياء وسط الأزمة".
وتعتزم ميركل في كلمتها التي ستلقيها أمام 1001 مندوب من حزبها الاثنين شرح الخطوط العريضة لمستقبل السوق الاجتماعي الحر على سبيل المثال بالإضافة إلى عرض أهداف الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه في انتخابات عام 2009 خلال الفترة التشريعية المقبلة. ويرى مراقبون أن هذا التوجه لميركل خلال المؤتمر الحزبي ينطوي على نوع من المجازفة وذلك لسبب بسيط ألا وهو أن الحزب تعامل مع الأزمة بشيء من الاضطراب وعدم الثقة مما دفع البعض للتساؤل عما إذا كان الحزب قد فعل ما يكفي في مواجهة الأزمة. ومازال الكثيرون يشككون في إمكانية فصل إدارة الأزمات وما يتجاوزها من أهداف سياسية عن بعضها البعض عندما يكون لهذه الأزمات علاقة بالاقتصاد العالمي.
مطالبات بخفض الضرائب
ومن جانبه، يلح الجناح الاقتصادي داخل الحزب المسيحي الديمقراطي على خفض الضرائب وعلى رأس الأعضاء البارزين المطالبين بهذا الخفض الرئيس السابق للكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس وكذلك رئيس وزراء ولاية سارلاند، بيتر موللر بالإضافة إلى زعيم جناح الطبقة المتوسطة داخل الاتحاد المسيحي يوزيف شلارمان الذي لخص مطالب المنادين بخفض الضرائب بالقول:"إذا لم يحتفظ العاملون من مبلغ ألف يورو، إجمالي بدلات أعياد الميلاد، سوى بـ 300 يورو، فليس ذلك تشجيعا على الاستهلاك وليس تحفيزا على العمل". وأكد شلارمان على ضرورة خفض الضريبة على الدخل بشكل فوري. ومن جانبه، يعتقد كريستيان بولدوف، زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية راينلاند بالاتينيت أن التخفيضات الضريبية هي أفضل سبيل لإنعاش الاقتصاد، ويضيف: "وضع المزيد من النقود في جيوب الناس يعد الآن من الأمور المحورية" مشيراً إلى ضرورة تشجيعهم على الشراء للخروج من حالة الكساد. ويؤيد وزير الاقتصاد ميشائيل جلوز، الذي ينتمي للحزب الاجتماعي المسيحي، خفض الضرائب، خاصة بالنسبة لأصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة.
أما ميركل فترد على هذه النظرة بالقول:"علينا ألا نخلط هذه الإصلاحات الهيكلية بمواجهة الأزمة الحالية.. فإصلاح ضريبة الدخل إجراء غير مرتبط باعتبارات زمنية، بل هو إصلاح هيكلي".
دعم ميركل رغم الاختلاف معها
ولكن هذا الآراء المعارضة لميركل ليست سببا لأن ينتابها القلق في مؤتمر شتوتجارت غدا الاثنين، حيث أعلن جميع رؤساء وزراء الولايات التي تحكمها أغلبية من الحزب المسيحي الديمقراطي باستثناء رئيس وزراء ولاية سارلاند دعمهم لميركل ومساندتها في توجهاتها إزاء الأزمة، مما يعني أن معظم أعضاء الحزب المسيحي الديمقراطي في الولايات الألمانية يقفون خلفها. ويرى معظم رؤساء وزراء الولايات الألمانية ضرورة عدم إنفاق المزيد من الأموال في مواجهة الأزمة إلا بالقدر الضروري فقط، حيث أن معظمهم مضطر لضخ المال في بنك ولايتهم الذي يعاني نقصا في السيولة بسبب الأزمة المالية. كما أنهم لا يريدون الخوض في خلافات حزبية لأنهم يسعون لتحقيق نتائج طيبة خلال الانتخابات الخاصة باختيار قيادات الحزب على المستوى الاتحادي.
وبينها تظهر استطلاعات الرأي أن الحزب المسيحي الديمقراطي يتقدم بفارق 10 بالمائة على الحزب الاشتراكي الديمقراطي وأن ميركل نفسها تتقدم بفارق كبير على وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي سينازلها في انتخابات المستشارية العام المقبل، يرى المحللون أن هذا التقدم قد يتبخر إذا ما استمر الركود وزادت معدلات البطالة.