المصالح الاقتصادية وراء الموقف الصيني من الأزمة السورية
١٤ سبتمبر ٢٠١٣قليلا ما نسمع صوت الصين فيما يخص الشأن السوري، لكن بعد إعلان روسيا عن مبادرتها بشأن تحقيقٍ دولي حول الأسلحة الكيماوية في سوريا وتدميرها، جاء رد فعل إيجابي وسريع من بيجين. حيث دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، ـ بعد وقت قصير من الإعلان عن المبادرة الروسية للمجتمع الدولي- إلى دراسة الاقتراح، أي إذا كانت هذه المبادرة يمكن لها فعلا المساهمة في الحد من التوتر في المنطقة، وإن كانت ستقود إلى التوصل إلى حل سياسي يقود إلى الاستقرار في سوريا والمنطقة بأكملها.
الأمر لم يكن مفاجئا، فالصين عارضت إلى حد اليوم أي تدخل عسكري في سوريا، غير أنها لم تقدم أي مقترح لحل سياسي ملموس. كما أن الصين ومنذ اندلاع الصراع في سوريا، استقبلت ممثلين عن النظام السوري، وكذا ممثلين عن المعارضة، غير أنها لم تتوصل إلى نتائج ملموسة.
مدير معهد كيسنجر لشؤون الصين والولايات المتحدة الأمريكية، روبرت دايلي، يشرح لـ DWموقف الصين كالتالي:"الصين تريد تجنب الخوض في هذا الموضوع، عن طريق تكرار لخطاب آمن عن المبادئ، وهي المبادئ نفسها التي تدرك أنها لن تثني الأسد عن استخدام السلاح الكيماوي".
تحالف صيني ـ روسي؟
صحيح أن سوريا لا تلعب دورا كبيرا بالنسبة للصين، لا على المستوى الاستراتيجي ولا على المستوى الاقتصادي، لكن بعض واردات الصين من النفط الخام تأتي من هناك. وسياسة الصين إزاء الشأن السوري في مجلس الأمن تتم بعد مشاورات وثيقة مع روسيا. هذا ما يراه غو كسوفو، الخبير السياسي في مركز بون للدراسات الدولية، حيث وضح لـ DWأن الشراكة الإستراتيجية مع موسكو، هي في الوقت الحالي أولوية بالنسبة للصين.
سبب هذه الشراكة الإستراتيجية يكمن في حاجة الصين الشديدة للحصول على موارد الطاقة الروسية، بالإضافة إلى المصالح المشتركة في أسيا الوسطى. ويتابع غو حديثه:"الصين وروسيا يشكلان نوعا من التحالف المناهض للغرب، والذي يسعى إلى مواجهة النفوذ الدولي للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها".
إضافة إلى ذلك فإن الصين اتخذت من عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى مبدأً لسياستها الخارجية، وهي تتمسك بذلك على الأقل على مستوى الخطاب. ويؤكد الخبير السياسي غو كسوفو:" لا ترحب الصين بالعقوبات الدولية والإجراءات المرتبطة بالتدخل العسكري والرامية لوضع نظام معين تحت الضغط".
قدرة الصين على خوض معارك عسكرية
ووفقا لرأي الخبراء السياسيين، فالصين لا تقبل بحل عسكري للصراع السوري لسبب آخر أيضا، وهو أن هذه القوة الاقتصادية ليست في وضع يُمكّنها من لعب دور الشرطي في المنطقة. صحيح أن الجنود الصينيين يشاركون مع قوات حفظ السلام الأممية، كما أن السفن الصينية تحارب القراصنة في الصومال، غير أن الجيش الصيني ليس في وضع يسمح له بخوض معركة حربية في بلد غريب، كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، كما يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط ينغ غانغ من الأكاديمية الصينية للدراسات الاجتماعية.
الخبير الصيني صرح لوكالة الأنباء البريطانية رويترز قائلا:"إذا استقرت المنطقة فهذا أمر جيد بالنسبة للصين، أما إذا سادت الفوضى فإن الصين ستكون متضررة. لكن الصين ليست في الوضع الذي يسمح لها بتأمين الاستقرار في المنطقة."
المتحدث باسم الوفد الصيني، نائب وزير الاقتصاد تشو غوانغ ياو، حذر خلال قمة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي في سانت بطرسبرغ من توجيه ضربة عسكرية لسوريا لاعتبارات اقتصادية هذه المرة. "النمو الاقتصادي ضعيف بالفعل" كما قال. فعدم ثقة المستثمرين بسبب ضربة عسكرية محتملة على سوريا، قد يؤدي إلى المزيد من الأضرار الاقتصادية. " كما أن إجراءا عقابيا مماثلا من شأنه أن يكون له عواقب سلبية"، كما قال نائب وزير الاقتصاد الصيني. إحدى تلك العواقب ارتفاع أسعار النفط.