"المصريون يستحقون تضامننا"
٢٩ يناير ٢٠١١احتاج الشعب المصري لثلاثة عقود من الزمن للانتفاضة في وجه حسني مبارك القوي. ثلاثة عقود اتسمت بتقليص الحريات والقمع بقبضة محكمة وبالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وتنامي الغضب من جراء الظلم الاجتماعي. والآن خرج المصريون إلى الشارع، وذلك منذ أيام. والصور المنقولة من القاهرة والإسكندرية تشبه تلك التي انتشرت من تونس: الناس يطالبون بتنحي حاكمهم غير المحبوب. ولم يعد بالإمكان إرضاؤهم بوعود جوفاء. كما لم يعد بالإمكان تخويفهم. إنهم يجابهون العنف. إنهم شجعان، بل ويخاطرون بحياتهم.
وبماذا نخاطر نحن؟ أقل من ذلك بكثير. طوال ثلاثة عقود قمنا في الغالب بغض النظر أو على أبعد تقدير احتجينا بصوت خافت عندما تداس قيمنا الذاتية في بلدان شريكة للغرب بالأقدام. النقاشات القائمة حاليا في أوروبا تدور حول فرضية الدومينو وانعكاساتها. فإذا سقط حاكم تونس، وربما يتبعه قريبا الوزن الثقيل المصري حسني مبارك: هل تنزلق المنطقة برمتها في التزعزع؟ هل الفوضى وعدم الاستقرار تحدق بالمنطقة الجارة لأوروبا، وهل هناك خطر تولي إسلاميين راديكاليين زمام السلطة؟ هل يظهر سيناريو تهديد حاد بالنسبة إلى إسرائيل؟
لا أحد يقدر على التنبؤ بذلك. إنه من الصعب تقييم ديناميكية موجة الاحتجاج التي تجتاح بلدانا عربية متزايدة، ونتائجها تظل مجهولة تماما. وقد تكون مختلفة إلى حد كبير من بلد إلى آخر. لكن انتقالا نحو مزيد من الانعتاق والعدالة والديمقراطية بات ممكنا في كل المنطقة، لأنه يلقى في مصر وكذلك في تونس وبلدان أخرى الكثير من الداعمين.
الهتاف بالحرية يدوي داخل جميع طبقات الشعب: انطلاقا من الطبقة الوسطى في المدن، مرورا بجيل شباب الفيسبوك الفتي وانتهاء بالأوساط المسلمة المحافظة أو أيضا المسيحية. هذه هي القوى التي وجب على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أن تدعمها بوضوح. غير أننا أثرنا الانطباع لوقت طويل بأن قضايا القمع والظلم في البلدان العربية تهمنا فقط عندما تمارسها أنظمة معادية للغرب أو عندما تطال نشطاء بارزين مدافعين عن الديمقراطية أو أقليات معينة مثل المسيحيين.
إنه مؤشر ايجابي أن يبدأ ساسة غربيون تحت ضغط الأحداث في مراجعة طريقة التفكير. لكن للأسف بعد وقت متأخر جدا ـ ويأمل أن لا يكون قد فات الأوان. إن كل مظهر من التحالف مع حكام مستبدين يسيئ إلى سمعتنا في المنطقة في وعي كثير من الأجيال. قد يجب ربما هنا على السياسيين مراعاة قواعد اللعبة الدبلوماسية. لكن مواطنا يفكر من زاوية سياسية غير مجبر على فعل ذلك: أعلن هنا تضامني مع كافة القوى الديمقراطية في مصر وفي المنطقة. فإذا كنا حريصين على عدم خيانة قيمنا الذاتية فإنهم يستحقون دعمنا اللا محدود.
تعليق: راينر زوليش
مراجعة: طارق أنكاي